هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مؤسسة "سكاي لاين" الدولية، تقريرا رصدت فيه استخدام وإقحام الأطفال في الصراع الخليجي الداخلي من خلال عدد من الفيديوهات التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في مخالفة جسيمة للقانون الدولي.
وذكرت في تقريها الذي وصل لـ"عربي21" أن أحدث الفيديوهات التي تم رصدها هو فيديو يستخدم رسوما متحركة مشهورة للأطفال يدعى "دورا" يستخدم أغنية ضد قطر، يقوم بأدائها مجموعة من الأطفال في مخالفة للإعلان العالمي لحقوق الطفل عام 1959.
وأشارت إلى أن إقحام الأطفال في أي صراع سياسي هو أمر خطير وله عواقب وخيمة على مستقبلهم، وأن استغلال أحد أكثر الأفلام الكرتونية شهرة وانتشارا لتحقيق غايات سياسية للنيل من الخصوم هو أمر خطير ومرفوض.
وبينت "سكاي لاين" أن "الفيديو المنشور بتاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر 2018 كان بعنوان "صب يا مطر بالدوحة، وإذا غرقت مسموحة" وتم مونتاجه على لقطات من مسلسل الأطفال "دورا" وبعض اللقطات الأخرى لغرق العاصمة القطرية بسبب الأمطار خلال شتاء هذا العام".
اقرأ أيضا: مقطع لأطفال سعوديين هاجموا قطر والقرضاوي يثير جدلا (شاهد)
وأوضحت أن "الفيديو الذي يمتد لأكثر من دقيقتين مليء باللغة الطائفية ويستهدف كلا من قطر وإيران، وشبهت العلاقة فيما بينهما بأنها زواج. كما استخدمت الأغنية بعضا من الصراعات الطائفية القديمة في المنطقة بطريقة مبتذلة للتحريض على الدولتين".
استخدام الأطفال للخطاب الطائفي
وشدد على أن "استخدام الأطفال كوسيلة وتحريضهم على تبنّي مواقف سياسية ومن ثم توظيفها في الصراعات بمختلف أشكالها، أو الضغط عليهم لتبنّي مواقف معينة وتحريضهم على كراهية الآخرين ورفضهم، هو انتهاك صارخ لطفولتهم، واستغلال ممنهج لمشاعرهم، وذلك يدخل وفقا للتصنيفات العلمية للإساءة للأطفال، ضمن الإساءة العاطفية، وغسيل الدماغ وما إلى ذلك".
وواصل تقرير المؤسسة الدولة، بأن "استخدام الطائفية الدينية في المقطع المذكور أمر مقلق وخطير، ولا يُعلم على وجه الدقة من قام بإنتاجه، ولكن حسابات سعودية كثيرة قامت بنشره، من بينها حسابات موثقة لصحفيين كبار مثل الصحفي السعودي خالد المطرفي الذي يتابعه ما يقارب من مليون شخص، حيث حاز الفيديو المنشور على صفحته فقط على 322 ألف مشاهدة، وأكثر من ألفي تعليق ومثلها إعجاب ومثلها مشاركة".
واعتبرت "سكاي لاين" هذا النوع من الخطاب يؤدي إلى تأجيج الطائفية وخطاب الكراهية بالمنطقة، ومن المهم الإشارة إلى أن استخدامه هو جريمة كبيرة يجب على المؤسسات المحلية والدولية التدخل لوقفها.
وأشارت إلى الفيديو المنشور به عدد من "الانتهاكات الجسيمة"، سواء من استخدام الأطفال أو اللغة الطائفية، وهو مخالف للمادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه "يُحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تُشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف".
ووفقا للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي ينطبق عليها الفيديو المذكور والمعاد مونتاجه يعتبر "كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض على هذه الأعمال يُرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل أثني آخر، وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما في ذلك تمويلها، جريمة يعاقب عليها القانون".
وتابعت أن انتشار هذا الفيديو يسمح للأفراد والمؤسسات برفع دعاوى قضائية ضد من يقوم بالترويج له ونشره، وحثت "سكاي لاين" وسائل التواصل الاجتماعي وعلى وجه الخصوص "تويتر" و"يوتيوب" و"فيسبوك" على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لملاحقة القائمين على ذلك.
وفي هذا الصدد فإن المؤسسة السويدية، أكدت أنها ستقوم بمخاطبة وسائل التواصل الاجتماعي بشكل رسمي برسالة توضيحية مرفقة بأدلة دامغة عن استخدام الأطفال وانتهاك حقوقهم لأجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف تلك الحسابات وملاحقة الموثقة منها بشكل قانوني.
استخدام الفن
يشار إلى أن الصراع الخليجي القائم، اتخذ أشكالا متعددة بالتحريض، وذلك من خلال استخدام الجيوش الالكترونية الوهمية، إضافة إلى استخدام "الفن" في مهاجمة قطر والمقيمين فيها ومنعهم من دخول دول الخليج التي تقاطع قطر.
حيث أنتج كليب "علم قطر" شارك فيه عدد من المغنيين المشهورين في الدول الخليجية ضد دولة قطر، وتم إنتاجه بشكل رسمي من فضائية روتانا المتخصصة بالغناء ووصل عدد مشاهداتها على القناة الخاصة بـ"يوتيوب" لأكثر من 9 ملايين مشاهدة.
وذكرت أن استخدام جميع أشكال التحريض في الصراع القائم دون وجود خطوط حمراء هو أمر مستهجن، كما طالبت المؤسسة السويدية السلطات السعودية باتخاذ الخطوات اللازمة لمحاسبة المسؤولين عن إنتاج مثل هذه المواد المخالفة للقانون الدولي.
واستطردت "سكاي لاين الدولية" بالقول إن هيئة الإعلام المرئي والمسموع بالمملكة العربية السعودية كانت حذرت سابقا من استخدام الأطفال لأجل الشهرة، وقالت في بيان سابق لها نشر في شهر آذار 2018 إن ذلك يعد نوع من أنواع الإساءة المادية والنفسية للأطفال.
وأكدت الهيئة في التقرير ذاته أن الأفراد الذين يستخدمون الأطفال في المحتويات المرئية والمسموعة على مواقع التواصل الاجتماعي سيتعرضون للمساءلة القانونية، وبأنها تراقب المحتوى الرقمي أخلاقيا.
وبهذا الصدد، أعلنت المؤسسة السويدية أنها ستقوم بمراسلة هيئة الإعلام المرئي والمسموع بالسعودية بشكل رسمي، مرفقة بمعلومات تفصيلية بالفيديوهات التي تستخدم الأطفال في الصراع القائم إضافة إلى الحسابات الموثقة التي تقوم بنشرها لمتابعة الموضوع بشكل قانوني.
اقرأ أيضا: عشرات الأطفال بالسعودية ممنوعون من السفر.. هؤلاء أبرزهم
استخدام الأطفال ليس المرة الأولى
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم استخدام فيها الأطفال في الصراع الخليجي، حيث انتشر في 8 كانون الأول 2018 فيديو لطلاب مدارس سعوديون يتحدثون بلغة طائفية تجاه إيران وقطر.
ووفقا للفيديو المنشور، فإن الطالب يقوم بقراءة وسائل تعليمية معلقة على حائط المدرسة أمام مدرسه، يقول فيها إن "مصدر الإرهاب في العالم هو النظام الصفوي الإيراني وتنظيم الحمدين وجماعة الإخوان الإرهابية" في لغة طائفية خطيرة.
ويستمر الطالب في حديثه :"تقف جماعة الإخوان الإرهابية خلف جميع الهجمات الإعلامية الرخيصة ضد السعودية، وقال ولي العهد :جماعة الإخوان خطيرة جدا، ومصنفة في دول السعودية والإمارات ومصر وغيرها من دول الشرق الأوسط بأنها إرهابية"، ويكمل الطفل حديثه عن دور علماء السعودية الذين أعلنوا عن الوقوف مع ولي العهد محمد بن سلمان المعروف بأعماله الخيرية للإسلام، وبأن الواجب على الجميع الدفاع عنه لأنه ليس المقصود بشخصه، بل السعودية كلها.
ويتحدث المقطع المذكور عن أن "الإخوان تريد افتعال المظاهرات الشعبية ضد السعودية، وهو ما رد عليه علماء السعودية، ووصف عالم الدين يوسف القرضاوي بأنه مجرم، وبأنه مطلوب على قائمة الإرهاب السعودية، فيما وصف قناة الجزيرة بالخبيثة وبأنها تقوم بحملات إعلامية وهو ما حذر منه العلماء ووصفها بأنها تريد الفتنة والشر".
وحذرت "سكاي لاين الدولية" من "خطورة الفيديو السابق، والذي يؤكد أنه ممنهج، وهو بإيعاز من المسؤولين عن وزارة التربية والتعليم، وتحذر المؤسسة من انتشار الكراهية بالمنظومة التعليمية السعودية".
وأشارت إلى أن "طرق عرض المعلومات والأدوات المستخدمة فيها والتسلسل لها لا يمكن له إلا أن يكون تحت إشراف المسؤولين عن العملية التعليمية".
ونوهت المؤسسة السويدية إلى أنها في وقت سابق استخدام الدراما في الصراع الخليجي في فيديو آخر انتشر بتموز من عام 2017 في فضائية "الخليجية" الممولة من السعودية مقطعا تمثيليا تم الزج فيه بطفل للحديث عن جريمة إطلاق نار، الذي يتساءل عن المجرم الذي أطلق النار، فيتم إخبار الطفل أن جارا لهم من قام بذلك، ويسأل الطفل من هو الجار، فيُجيب عليه شاب أن دولة مجاورة هي من زودت المجرم بالمسدس، وعند سؤال الطفل عن اسم الدولة، يتم إخباره بأنها قطر.
وحذرت "سكاي لاين الدولية" من أن مثل هذه الفيديوهات واللقطات التمثيلية والتعليمية وغيرها لها تداعيات خطيرة على مستقبل الأطفال والمنطقة ككل، مطالبة بوقف ذلك فورا والالتزام بالقانون المحلي والدولي.
اقرأ أيضا: هذه أبرز الانتهاكات بحق أسر معتقلي الرأي في السعودية
وفي هذا السياق، فإن سكاي لاين الدولية طالبت كلا من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" و المفوضية السامية لشؤون لحقوق الإنسان، ولجنة الطفل بالأمم المتحدة التدخل الفوري لدى السلطات السعودية لعدم استخدام الأطفال كأداة في صراعها مع قطر، وقالت أيضا أنها ستقوم بمراسلة المؤسسات المذكورة بمذكرات عاجلة لبحث الأمر وترتيب اجتماعات ذات علاقة بأقرب وقت ممكن.
وشددت على أن "الصراع الخليجي القائم هو صراع سياسي بالدرجة الأولى، فخلال السنوات الماضية، شهدنا عمليات تحريض لقتل والقيام بانقلابات، ومحاولات إسقاط أنظمة او استبدالها، واتخذ الصراع بعدا في الواقع الافتراضي، حيث بدأت عمليات التحريض بشكل كبير وممنهج، ودعوات لطرد الرعايا القطريين في دول الخليج، وهو ما تم في عدد من الدول، وتفريق الأزواج والأطفال في الأسرة الواحدة بسبب اختلاف الجنسيات".
واختتمت المؤسسة السويدية تقريرها بالقول إن "استخدام الأطفال في الصراع هو آخر حلقات هذا الخلاف الخليجي القائم، ويجب على الأطراف ذات العلاقة احترام الطفولة وعدم زجها في أتونها، ولذلك فإن التمادي في استخدام ذلك هو أمر خطير جدا له تبعات قانونية ونفسية واسعة".