هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار الظهور المكثف للرئيس السوداني عمر البشير في الآونة الأخيرة أمام وسائل الإعلام تساؤلات في المشهد السياسي السوداني، ويتزامن ذلك مع انتقادات لوسائل الإعلام الموالية، وعجزها الإمساك بزمام المبادرة.
وفي خطوة عدها المحللون تأكيدا على عدم الرضى من الإعلام الرسمي، قرر الرئيس البشير، أمس السبت، إعادة تعيين محمد حاتم سليمان مديرا عاما لهيئة التلفزيون والإذاعة، وهي المرة الثانية التي يتقلد فيها سليمان المنصب الذي غادره عام 2016.
ويعتبر سليمان من أشد الإسلاميين المؤيدين للنظام في السودان منذ انقلاب البشير في العام 1989، وهو أحد أمراء المجاهدين الذين حاربوا في جنوب السودان، كما يحظى بشعبية كبيرة وسط شباب الإسلاميين في السودان، إضافة إلى مهارات في التعبئة الشعبية.
يزعم مراقبون أن البشير يُعيد إلى الواجهة شخصيات عرفت بتأييدها له في أوقات سابقة من حكمه الذي يقارب ثلاثة عقود، الذين يدافعون عن حكمه في مواجهة الاحتجاجات الاجتماعية.
اقرأ أيضا: البشير يستبق احتجاجات الاثنين بتعديلات حكومية.. تعرف عليها
ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كان لافتا تحدث الرئيس السوداني في خمس مناسبات أمام الإعلام.
ويرى الكاتب الصحفي عبد الباقي الظافر في تصريح لـ "عربي 21" أن الرئيس يحاول الظهور الإعلامي والتصدي لهذه المعركة، خاصة بعد أن استشعر تباطؤ من حوله.
واعتبر الظافر صدور قرار من الرئيس بتعيين وإقالة نحو 13 مسؤولا رسالة بأن البشير موجود، وأن كل خيوط اللعبة بيده، وفي ذات الوقت يطلق سحب دخان لتغطية أخبار المظاهرات الشعبية.
أما الباحث الإعلامي عباس صالح فيرى أن الضعف في مؤسسات الدولة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم دفعا الرئيس للظهور الإعلامي المتكرر، وقيادة التعبئة المضادة للحراك الجماهيري بنفسه.
وحسب تحليل صالح، فإن الإعلام الحكومي هو إعلام مغرق في المحلية لا قبل له بهذه الموجة العاتية للتدفق الإعلامي الخارجي والذي ساند الاحتجاجات بشكل غير مسبوق، معتبرا أن (الجبهة الإعلامية) هي نقطة الضعف الأوضح في ردود أفعال الحكومة المتعددة المستويات على الاحتجاجات الأخيرة بالبلاد.
اقرأ أيضا: "شبكة الصحفيين السودانيين" تعبر عن غضبها من القمع والرقابة
ووجهت "عربي 21" أسئلة إلى مسؤولين في إدارة الإعلام بالحزب الحاكم للتعليق حول هذه القضية، ولكن دون رد، على الرغم من الاستياء الواضح من قبل الحكومة على تغطية وسائل الإعلام الخارجية للأزمة في السودان، واتهامات بأنها تغطية غير مهنية ومضللة.
ورأى الباحث الإعلامي عباس صالح أن الإعلام الحكومي لم يكن مهيئا للتعاطي مع التحدي الخارجي، حيث إن مهمته كانت، ولاتزال، التعبئة المحلية، مشيرا إلى أن الإعلام الحكومي التقليدي في المنطقة العربية عموما، في تراجع أمام صعود تأثير القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي والتي بدورها غدت مصدرا للتعبئة السياسية المناهضة للأنظمة العربية.
أما المحلل السياسي كباشي البكري فاعتبر ظهور الرئيس السوداني عمر البشير بنفسه في أكثر من مناسبة منافحا عن حكومته ليس بعيدا عن جدل إعادة تشريحه لدورة جديدة في الانتخابات المقرر لها العام 2020، وظهور تيارات من داخل حزب البشير وخارجه مناوئة لهذا الترشيح تلميحا وتصريحا.
اقرأ أيضا: البشير لمطالبيه بالتنحي: استعدوا لانتخابات 2020
وأشار البكري في تصريح لـ"عربي21"، إلى أن الاحتجاجات حظيت بالاهتمام الإقليمي والدولي الكبير للقنوات والفضائيات، وسحبت البساط من الإعلام الداخلي الموالي للحكومة الذي كان بعيدا من عكس الصورة الفعلية لحجم التظاهرات، وصار الجميع يحصل على المعلومات بشأن الوضع في السودان من وسائل الإعلام الخارجية.
كما يرى البكري وسائط التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"توتير" أسهمت في نقل الصورة كاملة رغم محاولات السلطات السودانية الحجر عليها وحجبها داخل البلاد.