هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمحررة رولا خلف، تتحدث فيه عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وتبدأ خلف مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إنه "رغم التساؤلات كلها حول عقيدة ترامب للشرق الأوسط، فقد قدم لنا مايك بومبيو بعض الإشارات، التي جاءت في الأسبوع الماضي على شكل خطاب مخصص للسياسة الخارجية حافل بالتناقضات بدرجة تصل إلى حد الغرابة".
وتقول الكاتبة: "لو كانت هناك سياسة ذات معنى فهي مواقف الرئيس دونالد ترامب ضد كل ما وقف من أجله باراك أوباما، فعقيدة ترامب للشرق الأوسط هي ببساطة ضد أوباما، وواصل وزير الخارجية التقاليد الأمريكية عندما اختار الجامعة الأمريكية في القاهرة لتكون مكان خطابه، وهو المكان الذي اختاره أوباما عام 2009 لخطاب حاول من خلاله طي الصفحة عن الضرر الذي أصاب صورة أمريكا في مرحلة ما بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001".
وتشير خلف إلى أنه "في معظم العالم اعتبرت الحرب على الإرهاب وغزو العراق بأنهما حرب ضد الإسلام، وحان الوقت لردم هذه الهوة، وكونه خطيبا مفوها فإن أوباما وعد بـ(بداية جديدة) تقوم على المصالح والاحترام المتبادل، وحظي خطابه بالمديح لفترة معينة، لكنه خيب الآمال عندما فشل في التحرك وتنفيذ تهديده وخطه الأحمر المتعلق بالسلاح الكيماوي".
وتلفت الكاتبة إلى أنه عندما قام بشار الأسد، الذي كان يقاتل ثورة شعبية اندلعت في عام 2011، باستخدام الغاز الكيماوي ضد شعبه، فإن أوباما "جفل وتردد"، مشيرة إلى أن "هذا الموقف كان بالنسبة للمستبدين العرب فعلا لا يمكن مغفرته، وشوه إرث أوباما".
وتنوه خلف إلى أن "الاتفاقية النووية، التي حاول من خلال كبح المشروع النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، كانن أهم إنجاز دبلوماسي في المنطقة منذ عقود، ودعمها معظم العالم، إلا أن حلفاء الولايات المتحدة السنة إلى جانب إسرائيل فهموها بطريقة خاطئة، واعتبروها انتصارا لإيران وتحولا عن التحالفات التقليدية".
وتقول الكاتبة إن "ترامب عرف مدخله إلى الشرق الأوسط باعتباره حملة ضد إيران، وهي فكرة خرجت منها كل سياسة، فهو لم يخرج من الاتفاقية ويعيد فرض العقوبات على إيران فقط، بل ساعد على تقوية الديكتاتوريات السنية، وعانق منافسة إيران بشدة، حتى عندما كشف عن أن تصرفاتها مزعجة بشكل خطير".
وتجد خلف أن "خطاب بومبيو كان مثالا مناسبا يظهر ولع ترامب بإيران، فتحدث من مصر، التي لديها أسوأ سجل اضطهاد في العالم، وفي أعقاب جريمة القتل المروعة للصحافي جمال خاشقجي على يد عملاء أرسلوا من الرياض، ومع ذلك فلم يشر عندما تحدث عن حقوق الإنسان إلا إلى إيران وآيات الله فيها، الذين (قتلوا وسجنوا واستفزوا الإيرانيين المحبين للحرية)، أما بالنسبة لمحبي الحرية من العرب، الذين قتلوا وسجنوا وتعرضوا للاستفزاز فلم يأت على ذكرهم، وكل ما قاله هو تشجيع مصر (لتطلق العنان للطاقة الإبداعية للشعب المصري والاقتصاد ودعم التبادل الحر والمفتوح للأفكار)".
وتبين الكاتبة أنه "حتى عندما تحاول إدارة ترامب الظهور بمظهر المنسجم فإنها تتعثر، ولهذا فإن الطبيعة الزئبقية والفوضوية للإدارة تؤدي إلى تقويض تماسك روايتها المعادية لإيران، ففي نهاية عام 2018 صدم ترامب مؤسسة السياسة الخارجية، وخسر وزير دفاعه جيمس ماتيس عندما أعلن عن سحب القوات من سوريا، وسيترك القرار الأكراد، الذين أدوا دورا في قتال تنظيم الدولة، عرضة لهجوم تركي، خاصة أن أنقرة تنظر إليهم على أنهم امتداد للجماعة الانفصالية الكردية داخل أراضيها".
وتفيد خلف بأن "هذا القرار يقدم للنظام السوري وراعيته الإيرانية انتصارا، وأدى القرار إلى حالة ارتباط، محاولة لإبطائه وتهديدات على شكل تغريدات نشرها ترامب هذا الأسبوع ضد تركيا، وكشفت عن حجم الفوضى".
وتستدرك الكاتبة بأن "بومبيو فشل في النظر إلى التناقضات، وفضل تركيز نظره في القاهرة على أوباما، فكلامه عن خروج أمريكا الذي تتبعه الفوضى، وما يؤدي إليه تجاهل الأصدقاء، هو محاولة لشيطنة إدارة أوباما لتخليها عن سوريا والحلفاء في الخليج، إلا أن بومبيو بدا كأنه خارج السياق، وقام بتقديم موازاة مع سلف ترامب، الذي يحاول وبيأس مناقضته".
وتختم خلف مقالها بالقول إن "سياسة ترامب في الشرق الأوسط باتت اليوم توصف بأنها استمرار لسياسة أوباما القائمة على فك ارتباط تدريجي بالمنطقة، وفي النهاية بات من الصعوبة على ترامب الظهور بمظهر المعادي لأوباما".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)