هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت صحيفة (إسرائيل اليوم) الإسرائيلية الأسبوع الماضي عن "خطة ضخمة لتهجير" قرابة 36 ألف فلسطيني من بدو النقب المحتل إلى "مناطق داخلية"، أعدها وزير الزراعة في الحكومة الإسرائيلية أوري أرائيل.
وتتضمن الخطة وفقا للصحيفة مصادرة 260 ألف دونم من مساحة أراضي النقب المحتل في أكبر عملية مصادرة لأراضي الفلسطينيين منذ النكبة في العام 1948.
وأشارت إلى أن "الوقت المحدد لهذه الخطة سيكون ثلاث سنوات سيبدأ العمل بها بداية العام الجاري، وينتهي في العام 2021، وستتخللها إجراءات وصفت بالصارمة، حيث سيشارك فيها "عناصر من مؤسسات الأمن ووزارة الداخلية".
وسيتم تنفيذ المشروع عبر عدة مراحل؛ في المرحلة الأولى سيتم إجلاء 5 آلاف شخص يسكنون في هذه التجمعات تمهيدا لنقلهم إلى مدينة تل السبع المجاورة لمدينة بئر السبع داخل النقب المحتل..
وفي هذه المرحلة، تقول الصحيفة إنه "سيتم إخلاء 12 ألف دونم، ليتم العمل في الخطة الثانية التي تتضمن إجلاء 5 آلاف آخرين لنقلهم إلى قرى أبو تلول وأبو قرينات ووادي النعم".
انتهاك القانون الإنساني
وتعليقا على المخطط أشارت منسقة "المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل- عدالة" المحامية ميساء عنتري إلى أن "ما ترتكبه إسرائيل من عمليات تهويد وتدمير ممنهج للحياة البدوية في النقب يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني حيث إنه بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة يحظر على السلطات في أي دولة النقل القسري للمواطنين بناء على هويتهم أو عرقهم أو دينهم".
وأضافت عنتري في حديث لـ"عربي21": "من أجل تهويد النقب، تقوم السلطات الإسرائيلية بتنفيذ خطط اقتصادية وعسكرية لا تهدف إلى خدمة البدو من خلال توفير حياة كريمة لهم بل هي تسعى إلى تغيير الهوية والأرض والإنسان لخدمة مشاريعها الاستعمارية".
وتابعت: "ننظر بخطورة إلى التكلفة التي سيتحملها البدو جراء المخطط الإسرائيلي، حيث ثبت بالدليل والشواهد التاريخية أن دولة الاحتلال لم تف بوعودها التي قطعتها في توفير حياة كريمة للفلسطينيين الذين يتم تهجيرهم إلى مناطق داخلية".
"السباق الانتخابي"
من جانبه اعتبر مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية، علاء الريماوي، أن "طرح مشروع تهويد فلسطينيي النقب في هذا التوقيت يحمل دلالتين؛ الأولى حمى السباق الانتخابي المتسارع في إسرائيل، حيث يسعى قادة الأحزاب إلى إخراج كل ما في جعبتهم من مشاريع تستهدف الفلسطينيين سواء بتعذيب الأسرى، أو بطرح مشاريع وخطط لضم الضفة الغربية أو التلويح بضربة عسكرية ضد المقاومة، وكل هذه المشاريع تهدف إلى استمالة أصوات الشارع الإسرائيلي المتعطش لحكومة متطرفة تلبي رغباته".
وأضاف الريماوي لـ"عربي21" "البعد الآخر في هذه القضية أمني، إذ ترى إسرائيل أن صحراء النقب غير مستغلة بالشكل الكافي لحماية أمنها القوى، وترى المؤسسة العسكرية أن نقل المصانع الكيماوية من قلب المدن الإسرائيلية سيقلل من مخاطر استهدافها بشكل مباشر من صواريخ المقاومة في كلا الجبهتين الشمالية والجنوبية، وهو ما يزيد من فرص خسارتها لأي حرب قادمة".
توازن ديموغرافي
من جهته يرى الخبير في ملف الاستيطان، ماهر عابد، أن "مسلسل تهجير فلسطينيي النقب هو جوهر الخطة الإسرائيلية التي تحاول تطبيقها منذ العام 1967".
ويفسر عابد ذلك بالقول إن "إسرائيل استطاعت تشتيت الفلسطينيين في ثلاث مناطق خارج حدودها منذ ذلك التاريخ في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ودول الشتات، ونظرا لما يمثله سكان النقب من كتلة سكانية تقدر بـ200 ألف مواطن، فإنها تستطيع من خلال ذلك تشتيتهم في مناطق أشبه بمخيمات اللاجئين إلى دفعهم للسكن في الضفة الغربية لتحقيق توازن ديموغرافي لصالحها في السنوات القادمة".
وأضاف عابد لـ"عربي21": "تضع إسرائيل الكثير من الذرائع لتطبيق مشاريعها الاستيطانية، فمنها على سبيل المثال تغيير أنماط الحياة، حيث تنظر إلى البدو أنهم دون الطبقة الآدمية، ولكن من الناحية القانونية لا يجوز تغيير أنماط السكان فهذا عرف دولي، وفلسطين كان 5 بالمئة من سكانها يعيشون حياة البداوة ثم استقرت حضارياً بين البداوة في النقب والحضر في المدن ثم الريف والزراعة".
يذكر أن الكشف عن هذا المخطط، يأتي بعد ست سنوات من صدور ما يعرف بـ"قانون برافر" الذي اعتبره الفلسطينيون مشروع تهجير قسري ونكبة جديدة، ولكنه لم ينفذ بفعل الضغط الشعبي والمظاهرات التي اجتاحت المناطق الفلسطينية في الداخل ما دفع الحكومة إلى إلغائه ووقف العمل به.