مازالت أصداء مبادرة جماعة الإخوان المسلمين التي أطلقتها، الأحد الماضي، ووجهتها لمن أسمتهم "رفقاء الثورة" بشأن إقامة كيان
مصري واحد للمعارضة بالخارج؛ تتوالى.
الجماعة، كانت دعت ببيان لها لإقامة كيان مصري واحد للمعارضة بالخارج، لا يلغي الأحزاب والقوى التي استنكرت انقلاب 2013، مطالبة بتكوين هيئة تأسيسية من 30 عضوا بالتوافق مع قوى الثورة.
لكن تعليق نائب المرشد العام للإخوان إبراهيم منير لفضائية "الجزيرة"، حول المبادرة بأن الكيان الجديد سيكون ملزما بحماية كل الاستحقاقات الانتخابية، ولا تنازل عن شرعية الرئيس
مرسي وعودة البرلمان الشرعي المنتخب بغرفتيه؛ أثار الجدل حول الملف الخلافي بين الإخوان وكيانات المعارضة المدنية.
ورغم أن رموزا من اليسار المصري والمعارضة المدنية بالداخل أعلنوا بحديث سابق لـ"
عربي21"، رفضهم التام للمبادرة، إلا أنهم أكدوا ضرورة التوافق على مواجهة النظام، لكن دون التمسك بمبدأ شرعية الرئيس محمد مرسي.
ولكن المعارض المصري بالخارج أيمن نور، دعا الجماعة لمراجعة المبادرة، مؤكدا تحفظه على بعض بنودها، قائلا لـ"
عربي21": "يجب على جماعة الإخوان أن تراجع هذا المقترح مرة أخرى، بالصورة التي تحقق النتيجة المطلوبة منه، وذلك حتى يتحقق أكبر قدر ممكن من التوافق بين مختلف أطياف الجماعة الوطنية".
"الزمن تجاوز مرسي"
وفي تعليقه على التساؤل: هل شرعية مرسي هي العقبة أمام التئام رفقاء ثورة يناير؟ وما مدى إمكانية أن تتجاوز القوى المعارضة هذه النقطة؟ أكد السياسي المصري الدكتور محمد محيي الدين، أن "الزمن تجاوز الكثير من الأحداث ومن ثم الشخصيات؛ ومصر اليوم مهمومة بالرغبة العارمة لدى صنعة وعبدة الفراعين في تعديل الدستور، الذي هو نتاج مباشر لثورة يناير المجيدة وكل الحراك الشعبي الذي تلاها حتى تعديلات 2014".
البرلماني السابق الذي أعلن رغبته الترشح بانتخابات الرئاسة المقبلة، أضاف لـ"
عربي21"، "ومن ثم فتوقف آلة الزمن لدى البعض عند زمن محدد وشخوص بعينهم مع تقديري واحترامي للجميع، لا يلزمني ولا يلزم غيري".
وقال: "أدعو الإخوان مرة أخرى لتغليب مصلحة الوطن والدين بإعلان حل الجماعة، وأدعوهم وغيرهم للعمل معي كقيادة وسطية مدنية ذات خلفية عسكرية وخبرة تشريعية وسياسية للاستعداد لمقاومة تعديلات دستورية بات لا يملكها أحد؛ لأن الشعب حصنها وأقصد تحديدا تعديل (المادة 226)، وكذا للعمل معي كمرشح توافقي لانتخابات الرئاسة القادمة".
عنوان لأزمة أكبر
من جانبه، قال الكاتب الصحفي المعارض جمال الجمل، إن "الخلاف بشان شرعية الدكتور مرسي أو التمسك بشرط عودته للرئاسة، مجرد عنوان لأزمة أكبر، وبتعبير آخر هو مجرد خلاف ظاهري يجر خلفه خلافات جوهرية وجذرية عميقة، منها ما يتمثل في مسلك الارتداد المتكرر للخلف، نتيجة فشل النخبة السياسية في التجاوز والتفاعل مع المستقبل".
الجمل أكد لـ"
عربي21"، أن "هذا المسلك لا يعيب الإسلاميين وحدهم، لكنه مسلك اجتماعي عكس نفسه لدى معظم الطبقات الثقافية والسياسية، حتى أولئك الذين يهربون من الماضي إلى مشاريع من خارج حدودنا ومن خارج تاريخنا (يسارية كانت أو رأسمالية)".
وأوضح أن "المسلك الآخر هو مسلك الصراع على السلطة، دون أي اعتبار لمصلحة المجتمع وقواعد الدستور الجمعي، حتى لو لم يكن مكتوبا ومستفتى عليه، فقواعد الحكم الرشيد باتت معروفة في أنحاء الأرض بلا حاجة لمراجعة نصوص، لكن الرغبة في توظيف النصوص لمصالح فئات وجماعات تتفوق على استخدام النصوص لخدمة الناس، لذلك صار الحكم ميزة لمن يحكم، وليس خدمة للمحكوم".
ويعتقد الكاتب المصري، أن "هذا التحليل يكشف لنا بوضوح أن الرفض المتبادل للمبادرات بين القوى السياسية، ليس رفضا لجوهر فكري، لكنه رفض كل فريق لوجود الآخر في السلطة، حتى لو كان طرحه يتوافق مع طرح الفريق الرافض، لذلك نرى الكلمات والأهداف والعبارات تتكرر في طروحات ومبادرات الجميع، مع الحرص على استبعاد المنافس وضمان عدم وجود أي فرصة لاقترابه من فرصة الحكم أو التحكم، فكل فريق يريد قرية يكون فيها العمدة، ولا يريد وطنا عزيزا قويا يكون فيه مواطنا يتساوى في الحقوق والفرص مع غيره من المواطنين".
وشدد على أن "المشكلة ليست مرسي، أو ناصر، أو مبارك، فمن يريد الديموقراطية أو الحرية أو العزة، فإن هذا ليس في الماضي، لأن الماضي مر، كل ما فاتك ستجده في المستقبل، والمستقبل الجيد لن يكون لأي فريق منفردا، فإذا تعلمنا أن نمضي معا نحو وطن نعيش فيه جميعا بالمساواة والعدل والاحترام فسوف نصل إليه، وإذا ظل صراع الطوائف هو الذي يحكم المواقف، فلن نتقدم خطوة، بل سننحدر أكثر حتى نلقى مصير أمراء الطوائف ونخب عصور الاضمحلال".
"
عربي21"، توجهت للقيادي بجماعة الإخوان المسلمين الدكتور جمال حشمت، بالتساؤل: ما مدى إمكانية أن تتنازل الجماعة عن مبدأ شرعية الرئيس مرسي مقابل توافق رفقاء الثورة ضد نظام الانقلاب؟.
حشمت، طالب من الجميع من علق بالرفض أو طالب بالتغيير فيها أن يعودوا لقراءة المبادرة مجددا، ويقولوا لنا أين وجدوا فيها الحديث عن التمسك بشرعية الرئيس مرسي، مؤكدا أن هذا الأمر ليس هناك ذكر له بالمبادرة، ولا حتى المطالبة بالإفراج عن أول رئيس منتخب ديمقراطيا بالبلاد.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكد المؤرخ المصري الدكتور محمد الجوادي، أن شرعية مرسي لا فكاك عنها قائلا: "الجدال في شرعية مرسي كالنقاش في فعالية المضاد الحيوي؛ كلاهما ينتمي إلى عصر ما قبل ألكسندر فلمنج مكتشف البنسلين".