هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خرجت في الساعات الأخيرة تصريحات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية تقول فيها إنها "مستعدة لكافة السيناريوهات لتعويض القرار الإسرائيلي بخصم إيرادات المقاصة التي تقدر بـ500 مليون شيكل (140 مليون دولار) والتي قررت إسرائيل اقتطاعها تحت ذريعة دفع السلطة رواتب أسر الشهداء والأسرى".
ومن أبرز التصريحات التي جاءت في هذا الصدد، ما جاء على لسان وزيرة الاقتصاد في الحكومة عبير عودة لإذاعة صوت فلسطين الرسمية بأن توسيع القائمة الضريبية سيكون أحد الحلول لتجاوز هذه الأزمة، خصوصا وأن هنالك العديد من القطاعات غير المنظمة والتي لا تدفع الضرائب سيتم الاعتماد عليها، كونها العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني.
إيرادات الموازنة
تعتبر إيرادات المقاصة المصدر الرئيسي لتمويل الموازنة، حيث تقدر إيراداتها السنوية بنحو 10 مليارات شيكل (2.8 مليار دولار) من أصل 5 مليارات دولار هي إجمالي الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية التي أقرتها في العام 2018.
ويحل ثانيا إيرادات المساعدات الخارجية التي وصل متوسط قيمتها في السنوات الثلاث الأخيرة إلى 400 مليون دولار، ثم الإيرادات الضريبية والتي تنقسم إلى ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل وضريبة الأملاك بقيمة تقدر بـ100 مليون دولار سنويا، ويحل في المرتبة الأخيرة الاقتراض سواء من البنوك المحلية العاملة في فلسطين أو من المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي مع الإشارة إلى أن الدين العام للسلطة وصل إلى 4 مليارات دولار.
اقرأ أيضا: مختصون: هذه أهداف إسرائيل من اقتطاع أموال المقاصة
وأثارت تصريحات عودة مخاوف الفلسطينيين من عودة الصدام بين الشارع والسلطة، كما حدث في أزمة الضمان الاجتماعي الأخير التي نتج عنها احتجاجات شعبية واسعة تنديدا بهذا القانون الذي يزيد من قيمة الخصم على رواتبهم ومستحقاتهم الشهرية لتمويل صندوق الضمان.
إلى ذلك أشار مقرر اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي النائب، عاطف عدوان، إلى أن "الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة متردّ وهو على حافة الانهيار، خصوصا عندما نتحدث عن أن الاقتصاد الفلسطيني هو اقتصاد استهلاكي بالدرجة الأولى أي أنه يعتمد بدرجة أساسية على رواتب القطاع العام والمؤسسات التشغيلية في إسرائيل لتوفير الرواتب والأجور، وبذلك فمن غير الممكن أن تتعامل السلطة بورقة الضرائب لسد العجز الذي خلفه قرار إسرائيل بخصم إيرادات المقاصة".
وأضاف عدوان لـ"عربي21" أن "الشارع الفلسطيني لم يعد يحتمل فرض مزيد من الضرائب إذا ما افترضنا أن قانون الضرائب المعمول به في فلسطين مشابه للقانون الإسرائيلي دون مراعاة الفروق الاقتصادية بين الطرفين، وبذلك فإن على السلطة البحث عن خيارات أكثر ديناميكية كتقليل النفقات الخاصة بالقطاع الأمني التي تشكل 40 بالمئة من إجمالي الموازنة".
حاولت "عربي21" الحصول على تعليق من وزيرة الاقتصاد عبير عودة بشأن الخطوات المنوي اتخاذها لتجاوز هذه الأزمة إلا أنها رفضت التعليق على هذا الموضوع إلى حين صدور توصيات من اجتماع مجلس الوزراء المقرر اليوم الثلاثاء.
الهروب من المواجهة
ولكن رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية، محمد أبو جياب، "رأى أن لجوء السلطة لخيار زيادة الأعباء الضريبية على المواطنين والشركات هو بمثابة هروب من استحقاق المواجهة الحقيقية مع الاحتلال الإسرائيلي، ومن جانب آخر ربما ترى السلطة أن مواجهة الشارع الفلسطيني كما حدث في احتجاجات الضمان الاجتماعي ستكون أقل كلفة من مواجهة الطرف الإسرائيلي".
اقرأ أيضا: عريقات: إسرائيل تعمل على تدمير السلطة باقتطاع الضرائب
وأضاف الخبير الاقتصادي لـ"عربي21" أن "استخدام كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ورقة المال لابتزاز السلطة، سيدفع الأخيرة بشكل أو بآخر إلى اللجوء للدول العربية لتمويل الخزينة العامة، وسيكون لهذه الخطوة تداعياتها على المستوى السياسي والاقتصادي، والمتمثلة بعدم رغبة السلطة في الدخول في مواجهة مع إسرائيل قد تكون نتائجها ليست في صالحها، وإن البعد الآخر يتمثل في إعفاء إسرائيل نفسها من أي التزامات تجاه الفلسطينيين كجزء من خطة السلام الأمريكية".
أما أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأمريكية، نصر عبد الكريم، فرأى أن "قيمة التهرب الضريبي في الاقتصاد الفلسطيني تقدر بـ300 مليون دولار سنويا، وهذا بسبب عمل العشرات من الشركات دون ترخيص من الدولة وبالتي تحقق هذه الشركات أرباحا دون أن تخضع لقانون الضرائب، أو بسبب ارتباط إدارة هذه الشركات بشخصيات متنفذة في السلطة".
وأضاف أستاذ الاقتصاد في حديث لـ"عربي21": "يمكن للسلطة في حال فرضت سيطرتها على قطاع غزة استرداد ما قيمته 200 مليون دولار سنويا من إيرادات المقاصة التي لا يجري استرجاعها، أو اللجوء لمطالبة إسرائيل باستعادة مستحقات مليون عامل فلسطيني عملوا في إسرائيل منذ العام 1967، وتقدر قيمة مستحقاتهم بـ10 مليارات دولار، أو من خلال تعديل اتفاق باريس الاقتصادي ومنع إسرائيل من اقتطاع 3 بالمئة من مصروفات بدل الجباية التي تقدر بـ100 مليون دولار سنويا، وهذه الخيارات متاحة أمام السلطة دون اللجوء لمواجهة الشارع بقوانين ضريبية قد تدخل الحالة الفلسطينية في مزيد من التعقيد".