هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمعلق جدعون رخمان، يناقش فيه ما قال إنه "صدام من نوع جديد للحضارات".
ويقرأ رخمان في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، الوضع في ضوء تصاعد الإسلاموفوبيا في الغرب، والعداء للأقليات المسلمة في الشرق، وتزايد نزعات عدم التسامح في أجزاء معينة من العالم الإسلامي.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي جاء تحت عنوان "إسلاموفوبيا والصدام الجديد للحضارات" إلى أن "هجمات أيلول/ سبتمبر في عام 2001، التي نفذها انتحاريون في نيويورك وواشنطن مضى عليها عشرون عاما، ولم تعد في هذه الحالة فكرة تنظيم السياسة الدولية بناء على منظومة (الحرب على الإرهاب) مناسبة".
ويستدرك رخمان بأن "الشك والكراهية للعالم الإسلامي اللذين أشعلتهما هجمات 11/ 9 لم يخفتا مع مرور الوقت، بل على العكس أصبحت (الإسلاموفوبيا) كما تعرف عادة، جزءا رئيسيا من السياسات في معظم مراكز السلطة الكبرى في العالم، من الولايات المتحدة إلى دول الاتحاد الأوروبي إلى الصين والهند، وفي الوقت ذاته فإن الدول التي كان ينظر إليها على أنها مراكز للاعتدال الإسلامي، خاصة تركيا وأندونيسيا وباكستان، تشهد صعودا في الراديكالية الإسلامية".
ويقول الكاتب إن "الصورة في مجملها تظهر أن العالمين الإسلامي وغير الإسلامي باتا لا يتسامحان مع بعضهما؛ وذلك لأن الساسة في كلا العالمين يميلون لمداعبة الآراء القائمة على الخوف من الآخر".
ويلفت رخمان إلى أن "أهم تطور مثير هو ما يجري في الصين، وقرار السلطات فيها سجن مليون مسلم من أقلية الإيغور يعيشون في إقليم تشنجيانغ (أو سنجان) في شمال غرب البلاد، حيث تم حشرهم في معسكرات اعتقال جماعية ضمن جهود (إعادة تثقيفهم)".
ويجد الكاتب أن "هذه السياسة تبدو وكأنها رد مبالغ فيه جدا على تهديد ثانوي لإرهاب محلي، وتدفعها سياسة الحزب الشيوعي الحاكم القائمة على رهاب من عدم انسجام السياسة والمجتمع في إقليم مع تعاليم الحزب، ومع أن هذه السياسة وضعت موضع التطبيق في بداية عام 2017، إلا أنها لم تلفت انتباه المجتمع الدولي إلا قبل فترة قصيرة".
ويذكر رخمان أن لجنة في الأمم المتحدة دعت الصين لإطلاق سراح المعتقلين المسلمين الذين احتجزوا دون مبرر، مشيرا إلى أن تركيا كانت أول دولة تقوم هذا الشهر بشجب سياسة بكين.
ويرى الكاتب أن "بطء المجتمع الدولي في شجب السياسة الصينية في تشينجيانغ نابع من مخاوف الدول من إغضاب القوى العظمى الصاعدة، لكنه أيضا يعكس على ما يبدو العداء المتزايد للأقليات المسلمة في ذلك الجزء من العالم، فالهند، التي يحكمها حزب بهارتيا جاناتا المتطرف منذ خمسة أعوام تقريبا، لم يخف المتشددون فيها موقفهم من الإسلام بصفته دينا غريبا، ومع أن نسبة 14% من الهنود هم مسلمون، إلا أن لا تمثيل لهم في حزب بهارتيا جاناتا، ولا من بين أعضائه المنتخبين، وعددهم 282 برلمانيا، وزاد الخوف من الإسلام بعد مقتل 44 جنديا في كشمير، ومع قرب موعد الانتخابات فإن هناك فرصا لزيادة التوتر الطائفي".
ويفيد رخمان بأنه "في السياق ذاته فإن المشاعر المعادية للمسلمين في بورما أدت إلى تشريد أكثر من 700 ألف مسلم، بعد قيام الجيش بحملة قمع، وتقارير عن اغتصاب وقتل، ويعيش معظمهم اليوم لاجئين في الدولة الجارة بنغلاديش، ومأساة اللاجئين المسلمين لم تكن قضية تحظى باهتمام في الغرب".
ويبين الكاتب أنه "منذ هجمات 11/ 9 فإن عددا كبيرا من المدنيين ماتوا جراء عمليات إطلاق النار في المدارس الأمريكية، أكثر من هجمات الإرهابيين المسلمين، إلا أن الخطاب المعادي للإسلام الذي يطلقه السياسيون أصبح أكثر وضوحا، ففي مرحلة ما بعد 11/ 9 زار جورج دبليو بوش مسجد واشنطن، وأكد أن (الإسلام هو دين السلام)، وبعد 15 عاما أصدر دونالد ترامب أمرا بحظر المسلمين من دخول الولايات المتحدة".
وينوه رخمان إلى أن "أوروبا عانت في السنوات الأخيرة من الإرهاب الإسلامي، خاصة فرنسا، وقد أدى الخوف من الإرهاب الذي ترافق مع موجة اللاجئين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تزايد الإسلاموفوبيا وصعود أحزاب اليمين القومي المتطرف، وأصبحت الأحزاب التي عادت المهاجرين المسلمين في السلطة في كل من هنغاريا وإيطاليا والنمسا وبولندا، وهناك معارضة مؤثرة تقوم بتشكيل النقاش في كل من ألمانيا وفرنسا".
ويعتقد الكاتب أن "صعود الخطاب المعادي للمسلمين خارج العالم الإسلامي يترافق مع تحولات في دول إسلامية كانت حتى وقت قريب محصنة من الراديكالية الإسلامية، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي نظر إليه على أنه نموذج للاعتدال أصبح حاكما شموليا، وترك نفسه أسير نظريات المؤامرة المعادية للغرب، ويخشى العلمانيون الأتراك من جهود أردوغان لأسلمة تركيا".
ويقول رخمان أن "الوضع أصبح أكثر سوءا في باكستان، التي تستخدم قانون التجديف لمحاكمة الأقليات، فقد اغتيل حاكم إقليم البنجاب سلمان تاسير؛ لأنه انتقد القانون عام 2011، وأصبح قاتله بطلا بين الإسلاميين، ودافع عمران خان وحزبه الوسطي عن قوانين التجديف".
ويجد الكاتب أن الحملة ضد قوانين التجديف أصبحت سلاحا سياسيا في أندونيسيا، التي تعد أكبر دولة إسلامية تعدادا للسكان، مشيرا إلى حالة باسوكي تاجهاجا بيرناما "أهوك"، والحاكم المسيحي السابق لجاكرتا، الذي سجن عام 2017 بعدما تمت إدانته بناء على قانون التجديف، حيث يعد أهوك من تلامذة الرئيس الأندونيسي جوكو ويدودو "جوكوي"، لكنه اختار مسلما محافظا ليكون نائبه في انتخابات نيسان/ أبريل؛ خوفا من إغضاب الإسلاميين.
ويختم رخمان مقاله بالقول إن "نقاشا جرى في مرحلة ما بعد 11/ 9 عن (صدام الحضارات) بين العالمين الإسلامي وغير الإسلامي، ولم يعد الموضوع شعبيا، لكن هناك شيء يشبه (صدام الحضارات) يبرز مع ذلك".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)