هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلن الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، مساء الجمعة، حل حكومة الوفاق الوطني، وجميع حكومات الولايات في السودان، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية لاتخاذ تدابير اقتصادية جذرية، وسط تساؤلات عن شكل الحكومة الجديدة ومدى قدرتها على انقاذ اقتصاد السودان من الانهيار، خاصة في ظل إعلان حالة الطوارئ بالبلاد.
وأدى تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار ونقص السيولة بالسودان إلى اندلاع احتجاجات شعبية في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قبل أن يرفع المحتجون سقف مطالبهم إلى إسقاط نظام البشير.
ويعاني السودان من أزمات في الخبز والطحين، والوقود والأوراق النقدية، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (غير الرسمية)، إلى أرقام قياسية تجاوزت 65 جنيها مقابل الدولار الواحد.
وبعد ساعات من قرار البشير بحل الحكومة، وإعلان حالة الطوارئ بجميع أنحاء البلاد لمدة عام واحد، أصدر الرئيس السوداني، قرارات جمهورية بتشكيل حكومة تسيير أعمال، وتعيين ستة وزراء اتحاديين مع الإبقاء على وزراء الدفاع والخارجية والعدل، واستبدال جميع حكام الولايات بمسؤولين ينتمون إلى الجيش والشرطة والأمن.
اقرأ أيضا: السودان.. "إعلان الطوارئ" يبرز دور العسكر في السياسة
وأكد أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعتي السودان والمغتربين، محمد الناير، أن تغير الأوضاع الاقتصادية في البلاد يتوقف على تشكيل حكومة الكفاءات التي أعلن عن تشكيلها رئيس الجمهورية.
وقال الناير في تصريحات لـ"عربي21"، إن المشكلة الكبيرة التي كانت تواجه الاقتصاد السوداني أن التشكيل الحكومي كان دائما يكون عبر المحاصصات الحزبية والقبيلية أو غيرها من الأشياء، مستطردا: "إذا تم بالفعل تشكيل حكومة كفاءات ومنحها صلاحيات واسعة لاتخاذ السياسات التي تصحح المسار الاقتصادي، فإن ذلك سيحدث تغيرا ملموسا في كفاءة الجهاز التنفيذي للدولة".
وشدد أستاذ الاقتصاد على ضرورة أن يكون هناك جدية في القضاء على الفساد في السودان بصورة نهائية، والعمل على إصدار تشريعات قوية تغلق الباب تماما أمام الفساد والبيروقراطية وضعف الأداء في الخدمة المدنية.
وأشار الناير إلى أن إعلان حالة الطوارئ يشكل رسالة سلبية للاستثمار الأجنبي، متمنيا ألا تطول مدة فرض حالة الطوارئ في البلاد حتى لا تؤثر على مناخ الاستثمار في البلاد.
وأردف: "الأهم من ذلك، أن حكام الولايات الذين تم تعيينهم من الأجهزة الأمنية والعسكرية يجب أن يكون لديهم توجيهات واضحة جدا للاهتمام بالملف الاقتصادي، لأن الاقتصاد السوداني يتشكل في الـ 18 ولاية المكونة للناتج المحلي الإجمالي للسودان".
وأكد أن القضية الاقتصادية لا تقل أهمية عن ضبط الأمن، مشيرا إلى أن الاحتجاجات الشعبية في السودان بدأت بسبب نتيجة للمعاناة الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوداني.
اقرأ أيضا: الإعلان عن احتجاجات جديدة في السودان رغم قرارات البشير
وتابع: "إذا لم يتم معالجة القضايا الاقتصادية المتعلقة بالإنتاج والإنتاجية وزيادة الصادرات وخفض الواردات وتقليل حجم العجز في الميزان التجاري وخلق استقرار العملة الوطنية وتخفيض معدلات التضخم لن يفيد أي شيء آخر".
وبعد عسكرة مناصب الولايات في السودان، استبعد الناير أن يتم عسكرة تشكيل الحكومة الجديدة، كما استبعد أن يستغل الجيش السوداني الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد للاستيلاء على غالبية القطاعات الاقتصادية كما حدث في دول مجاورة، مضيفا: "وارد أن تتدخل المؤسسة العسكرية لتسهيل استيراد السلع الضرورية، لتجنب إحداث نقص فيها، أمام باقي القطاعات سيترك المجال فيها للقطاع الخاص".
وقال الباحث السوداني في العلوم السياسية كباشي البكري، لـ"عربي21" إن الرئيس البشير لوح منذ اندلاع الاحتجاجات بعصى الجيش وعزف طبوله إيذانا بدور جديد له وعودته للحياة السياسية بصورة أكبر مما كان في السابق".
ويرى البكري أن تجارب المؤسسة العسكرية السودانية في الحكم تطرح السؤال عما إذا كانت تلك الحكومات العسكرية هي حاكمة انطلاقا واستنادا على خلفيتها العسكرية البحتة أم ارتكزت في وجودها وفي فلسفة حكمها على الولاء السياسي للحزب؟".