هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تابع المغاربة باهتمام بالغ ما يجري بالجارة الجزائر التي اندلعت فيها احتجاجات شعبية، منذ الجمعة الماضي، رافضة للعهدة الخامسة للرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، فمنهم من اعتبر هذه الاحتجاجات بداية "ربيع جزائري"، ومنهم من اعتبرها تجسيد "لصراع داخل أجنحة الحكم بالجزائر".
الجزائر أمام ثلاثة سيناريوهات
قال المحلل السياسي المغربي، محمد بودن، في تصريح لـ"عربي21"، إن الحالة الجزائرية طبعها الغموض منذ فترة قبل أن يصل الوضع لما وصل إليه اليوم من قلق ولا يقين، مضيفا أن هذا الأمر يضع الجارة الشرقية أمام ثلاث سيناريوهات ممكنة.
السيناريو الأول، بحسب بودن، هو "سيناريو المراوحة"، ويعني استمرار النظام الجزائري على نفس النهج في تبني المسار الأحادي وعدم الانتباه للمعطيات الجديدة في الشارع، أو الاتجاه لخنق حرية التعبير والتظاهر والتضييق على أنشطة المعارضة المناهضة للعهدة الخامسة.
فيما اعتبر "الانفراج" هو السيناريو الثاني، وأوضح أنه "يعتمد من جهة على مراجعة التحالف الرئاسي الذي يضم أحزاب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وتجمع أمل الجزائر، والحركة الشعبية الجزائرية، لقراره بترشيح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، أو اتخاذ المجلس الدستوري لقرار بعدم الموافقة على ترشيح بوتفليقة لوجود مانع صحي.
اقرأ أيضا: المغرب.. صمت رسمي وحديث إعلامي عن رئاسيات الجزائر
السيناريو الثالث، وفق بودن، هو "سيناريو الأزمة"، الذي ظهر بميلاد حراك 22 فبراير الذي قد يستمر في حالة تأكد ترشح بوتفليقة بعد 15 آذار/ مارس المقبل، وكذا في حالة عدم موافقة المجلس الدستوري على طلبات ترشيح بعض الأسماء القادرة على التنافس على منصب رئيس الجمهورية بموجب الشروط التي يحددها الفصل 87 من الدستور الجزائري.
وأوضح المحلل السياسي أن "هذا السيناريو يقول إن صبر الجزائريين لن يطول في حالة تمسك التحالف الرئاسي بترشيح بوتفليقة لرئاسة الجزائر"، معتقدا أن "عددا من الجزائريين الذين يفكرون بشكل منطقي يرون أن ترشح بوتفليقة لولاية خامسة هو إغلاق نهائي لقوس الأمل".
صراع داخل أجنحة الحكم بالجزائر
من جانبه، كشف الصحفي نور الدين الأشهب، عن وجود صراع داخل أجنحة الحكم بالجزائر منذ أكثر من خمس سنوات، صراع بين المخابرات وبين الجيش.
وأوضح الأشهب في تدوينة له على حسابه بـ"فيسبوك"، أنه "قبل أربع سنوات أصدر جنرال متقاعد كتاب بالفرنسية حول المخابرات، وصنف هذا الكتاب من أحسن ما صدر في الموضوع بالعالم العربي، إذ دافع الكتاب عن دور المخابرات في حماية الوطن وليس حماية النظام".
وقال إن الاحتجاجات المنظمة ضد العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة "لم تكن عفوية، كما أنها لم تكن موجهة، بل استجابت المخابرات لنبض الشارع، واليوم أعلنت الوكالة الرسمية للأنباء عن ضرورة التخلي عن قرار الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة".
وأضاف: "ربما سيكون الخاسر هنا أخوه سعيد وبعض جنرالات في الجيش الذين وجهت لهم سابقا اتهامات خطيرة تتعلق بالأمن بخصوص الخلاف الذي نشأ بعد مقتل مواطنين من المخابرات في كاو بمالي، والأعمال الإرهابية التي استهدفت مجموعة من مواطنين من جنسيات مختلفة بعد تفجير محطة لتكرير البترول في عين أميناس، وحدث هذا كله في ظل الخلاف بين جناح بوتفليقة في الجيش والمخابرات. ناهيك عن اتهامات باختلاس المال العام....".
اقرأ أيضا: بوتفليقة يضع ملف ترشيحه رسميا والجيش الجزائري يهدد(شاهد)
وتابع الأشهب: "الشارع الجزائري ومعه النخب، من أساتذة وإعلاميين، غير راضين عن الولاية الخامسة، والمخابرات هي أيضا لم تكن راضية عن ترشح بوتفليقة في الانتخابات السابقة. أي الولاية الرابعة. وليس اليوم مع الولاية الخامسة".
علامات الربيع
الناشط الحقوقي، رشيد البلغيتي، وصف الاحتجاجات الشعبية بالجزائر ضد العهدة الخامسة بـ"الربيع الواعد"، وقال في تدوينة له على حسابه بـ"فيسبوك"، إن الأحداث في الجزائر، هذا العام، تنبئ "بزحف ربيعي واعد بعدما تم اجتثاث الزهور مبكرا في "باب الواد" سنة 2011".
وأضاف: "إذا نجح هذا المد الشعبي في إيقاف صيف "العهدة الخامسة" الحارق فإن حبوب لقاح الورد الذي يتفتح في "جناين الدزاير" ستتخطى أسوار قصر المرادية لتستثير خياشيم السلطوية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط".
وأكد البلغيتي أن "نجاح هذا الحراك السلمي لن يضع حدا للعبث الذي تعيشه الجارة الشرقية وفقط _ والمتمثل في استعمال جسد الرئيس لحكم دولة من طرف جهات خفية_ بل سيفرج، ولو نسبيا، كرب الشعوب في كل المنطقة التي تعيش تحت ضغط رهيب وغير مسبوق وصل ذروته مع حملات الإعدام المنظمة في مصر لشباب في مقتبل العمر انتزعت منهم اعترافات بعد بروفات الصعق بالكهرباء".
رسالة الزفزافي للشعب الجزائري
أحمد الزفزافي، والد قائد حراك الريف بالمغرب، ناصر، نشر رسالة على حسابه بـ"فيسبوك"، قال إنها من ابنه المعتقل للشعب الجزائري العظيم.
وجاء في الرسالة المنسوبة لقائد حراك الريف: "نبارك لكم أيها الجزائريون الأحرار والجزائريات الحرائر حراككم الشعبي، ونحييكم على تمسككم بنهج السلمية كخيار لتحقيق مطالبكم المشروعة".
وأضاف الزفزافي: "وما رفضكم للعهدة الخامسة التي أوصلت بلد المليون ونصف المليون شهيد إلى ما وصل إليه اليوم من ظلم واستعباد وسلطوية لدليل على وعيكم وفهمكم العميق لسياسة مخزنكم".
وتابع: "ولتعلموا يا أحفاد عبد القادر الجزائري العظيم أنه حتى لو فصلت بيننا سياسة الحدود سنبقى شعب واحد وأمة واحدة نتقاسم نفس الهموم والصعاب ولا نبتغي إلا مصلحة شعوبنا وأوطاننا التي حارب من أجلها أجدادنا".
اقرأ أيضا: تجدد الاحتجاجات وسط الجزائر والشرطة تعتقل متظاهرين
ودعا قائد حراك الريف الجزائريين إلى الحفاظ على نزاهة حراكهم من أي اختراق واستغلال، مؤكدا أنه "لابد من رفض الدكاكين السياسية التي تصفي حساباتها السياسية على ظهر مآسيكم ومعاناتكم، و لا محالة أنكم ستنتصرون إن عاجلا أم آجلا على العهدة الخامسة التي يقودها رئيس شبه ميت جاثم على صدوركم، وعلى كل ظالم ومستبد يسعى إلى حكمكم بالقوة".
وقال: "ولتتأكدوا أن مخزنكم سينهج نفس أسلوب مخزننا من اختطافات واعتقالات واغتيالات وتلفيق للتهم، كما أنه سيتهمكم بخدمة أجندات خارجية، لكن بالصمود والعزيمة والإرادة ستنتصرون وسينصر الله جل جلاله نضالاتكم. و إني أسأله تعالى أن يحفظ وطنكم من شر الدكاكين و فرعونية الجنرالات، ويقينا إن شاء الله تعالى ستعود الجزائر التي تحبونها حرة، جزائر تتسع للجميع".
وختم الرسالة بالقول: "عشتم و لا عاش من خانكم يا أبناء بلد المليون ونصف المليون شهيد".
وتعيش الجزائر على وقع حراك شعبي رافض لترشيح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (81 عاما) لولاية خامسة في انتخابات الرئاسة المقررة في 18 نيسان/ أبريل المقبل، مثلت الجمعة 22 شباط/ فبراير أكبر حدث شعبي رافض من خلال عشرات المسيرات التي جابت البلاد رفضا للعهدة الخامسة، شاركت فيها مختلف شرائح المجتمع الجزائري، ومازالت مستمرة.