هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر اقتصاديون مصريون، من الدعوات المتزايدة لنقل تبعية هيئة السكة الحديد، للقوات المسلحة، بحجة تطوير الهيئة وضبط أدائها، بعد الحوادث الأخيرة.
ويؤكد المختصون الذين تحدثوا لـ "عربي21"، أن الهيئة يسيطر عليها بالفعل قيادات سابقة بالقوات المسلحة، تم تعيينهم منذ سنوات في مواقع قيادية بالسكة الحديد، وباقي قطاعات النقل العام بمصر، ورغم ذلك مازالت الحوادث مستمرة.
وحسب الخبراء فإن القوات المسلحة ليس لها علاقة بالسكك الحديدية، وحتى قطارات الجيش التي يتم استخدامها لنقل الجنود والمعدات، تعتمد على خطوط السكك الحديدية التابعة للدولة، وبالتالي فإن افتقاد الخبرة الإدارية والفنية، يجب أن يكون عاملا حاسما في دراسة المقترح.
وكان عضو مجلس النواب طارق حسانين، دعا لإسناد هيئة السكة الحديد للقوات المسلحة لوقف الحوادث المتكررة والإهمال الذي تعاني منه.
وقال النائب في بيان وصل "عربي21"، إن وزير النقل مسؤول عن ملفات عديدة ولا بد من فصل السكة الحديد وإسنادها للجيش، باعتباره القادر على ضبطها، خاصة أن حادث الأربعاء الماضي لا يحتاج مسكنات ولكن يحتاج لحل جذري.
ودعم المقترح وكيل لجنة النقل والمواصلات وحيد قرقر، مؤكدا في تصريحات تلفزيونية أن الحل لوقف نزيف الدماء على القضبان، يتم بنقل تبعية الهيئة للجيش، حتى يتم إدارتها بشكل أفضل.
اقرأ أيضا: ماذا تمثل سكك حديد مصر للمصريين؟ (إنفوغرافيك)
100 قيادة عسكرية
في المقابل يؤكد الخبير الاقتصادي أسعد الجزار لـ"عربي21"، أن المشكلة ليست في نقل تبعية السكة الحديد للقوات المسلحة من غيرها، وإنما في قناعة الدولة بأهمية تطوير السكة الحديد، باعتبارها وسيلة المواصلات الأولي للغلابة بمصر، أما جهة التطوير، فلا يجب إطلاقا أن تكون القوات المسلحة، التي تؤكد الوقائع أنها شريك غير مباشر في تدمير وسائل النقل المصرية.
وحول مقصده بهذه الشراكة غير المباشرة، يوضح الجزار أن معظم قطاعات النقل بمصر يديرها قيادات سابقة بالقوات المسلحة، وخاصة في قطاعي النقل البري والبحري، وهما قطاعان لا تقل كوارثهما عن قطاع السكة الحديد، سواء فيما يتعلق بحوادث الحافلات والطرق، أو في غرق العبارات النهرية والبحرية.
ويضيف الخبير الاقتصادي، أن عدد القيادات العسكرية التي تم تعيينها في قطاعات النقل المدني خلال السنوات الخمس الماضية، لا يقل عن 100 قيادي، بين رتب اللواء وحتى الرائد، وهم يتقاضون شهريا ما لا يقل عن 50 مليون جنيه (2.9 مليون دولار)، وهو مبلغ كفيل باستقدام خبراء حقيقيين لمصر في مجالات النقل المختلفة، ومن بينها السكة الحديد.
ويشير الجزار إلى أن الحكومات المصرية المتعاقبة، هي التي أوصلتنا لهذه الكارثة، نتيجة الفساد والمحسوبية والإدارة الخاطئة وفي بعض الأحيان الإدارة المتواطئة، لتدمير هذا المرفق الهام والحيوي، الذي يعد خط نقل استراتيجي للدولة في حالة الحرب، بالإضافة لأهميته الاقتصادية في التجارة والصناعة، ومع ذلك فإن هناك إصرارا عجيبا على تدميره بطرق مختلفة.
ويضيف الجزار " تصريحات رئيس نظام الإنقلاب عبد الفتاح السيسي حول أولويات الإنفاق في قطاع السكة الحديد، تؤكد أن القيادة السياسية تريد نزع يدها من هذا القطاع، ووضعه على جدول الخصخصة، ولكن الخطورة في ماهية الجهة التي ستقوم بهذه الخصخصة، وهل الخصخصة في كل الخطوط أم في خطوط بعينها".
وحذر الجزار من أن يتم إسناد الملف برمته للجيش، لأنه بالإضافة إلى أن ذلك يعني المزيد من السيطرة والهيمنة العسكرية، فإن ما يحدث في هذا القطاع سيكون سرا حربيا لا يجوز الاطلاع عليه وفقا للقوانين العسكرية، كما أنه لن يكون هناك إمكانية لمحاسبة المسؤولين المقصرين والفاسدين بعد ذلك.
اقرأ أيضا: هكذا برَّر وشبَّه إعلام السيسي كارثة القطار بالقاهرة
تجارب فاشلة
ويتفق الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير، مع الرأي السابق بأن الهدف من نقل السكة الحديد للجيش، هو فرض "السرية والتكتم على خطوات تدمير ما تبقي مع هذا القطاع، الذي يعد وسيلة المواصلات الأولى للفقراء ومحدودي الدخل بمصر".
ويضيف أبو الخير لـ"عربي21"، أن خطط التطوير موجودة، وجهات التنفيذ كثيرة، ولكن المهم ليس في ذلك وإنما في قناعة نظام السيسي بذلك، لأنه يري أن تطوير السكة الحديد سوف يخدم الفقراء، والفقراء لن يدفعوا مقابل التطوير، وبالتالي فإنهم لا يستحقوا التطوير وإنما الموت والحرق، وإلا كان أولى به أن يوجه الموازنة الخاصة ببعض منشآت العاصمة الإدارية لقطاع السكة الحديد.
ويشير أبو الخير إلى أن الجيش يسيطر على 50% من الاقتصاد الشامل للدولة، وعلى 70% من سوق العقارات، ومع ذلك فإن الواقع يؤكد أن الاقتصاد المصري في انهيار دائم وارتفاع مستمر بمعدلات التضخم، وأن هذه السيطرة للجيش، لم تقدم للمواطن فارقا لصالحه في الأسعار، وإنما العكس.
وحتى في قطاع العقارات فإن الأسعار قفزت بنسبة تجاوزت 200% عما كانت عليه، وبالتالي فإنه يجب على الأصوات المنادية بنقل تبيعة السكة الحديد للجيش، أن تناقش أولا العائد الاقتصادي وفقا للتجارب السابقة.