هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عادت مجددا أزمة ترحيل المعارضين المصريين بالخارج لتثير مخاوفهم؛ فإثر واقعة ترحيل شاب محكوم بالإعدام من تركيا قبل شهر، وتسليم مصرين رافضين للنظام من السودان العام الماضي، رحلت ماليزيا الأربعاء 4 مطلوبين لدى النظام العسكري الحاكم، بقضايا مسيسة.
مصادر خاصة أكدت لـ"عربي21"، أن السلطات الماليزية سلمت الأربعاء، محمد عبد العزيز فتحي، وعبدالله محمد هشام، وعبد الرحمن عبدالعزيز أحمد، وعزمي السيد محمد، الصادر بحقهم أحكام بقضايا سياسية.
وفي 17 كانون الثاني/ يناير 2019، رحلت سلطات مطار أتاتورك، المعارض محمد عبدالحفيظ، القادم من الصومال، ما أحدث أزمة كبيرة بين المعارضين بتركيا وبجماعة الإخوان المسلمين.
والثلاثاء، ظهرت زوجة عبدالحفيظ، بإحدى الفضائيات المعارضة لتكشف عن تعذيب زوجها بعد ترحيله، واعترافه المثير للتساؤلات أمام المحكمة بقضية مقتل النائب العام.
وفي آب/ أغسطس 2018، أوقفت السلطات الإيطالية الوزير السابق بحكومة الرئيس محمد مرسي، الدكتور محمد محسوب، إثر مذكرة من "الإنتربول" لتقرر روما الإفراج عنه بعد ساعات إلى فرنسا رافضة تسليمه للقاهرة.
إقرأ أيضا: مصادر لـ"عربي21": ماليزيا سلمت 4 من رافضي الانقلاب لمصر
وبعد ذلك بيومين، احتجزت السلطات الكورية الجنوبية المعارض أحمد المقدم، بمطار سيول، بعد رفض منحه اللجوء السياسي، قبل أن تنجح جهود إنقاذه من التسليم للإمارات ثم مصر، بترحيله لتركيا.
وفي شباط/ فبراير 2018، نشرت الصحف المصرية خبرا يؤكد إبلاغ السلطات السودانية قيادات الإخوان والمعارضة المصريين هناك بضرورة مغادرة أراضيها، وذلك بعد أن قامت الخرطوم بترحيل عشرات المعارضين للقاهرة في كانون الثاني/ يناير 2017.
أزمة ترحيل المعارضين بالخارج عجزت عن حلها جماعة الإخوان المسلمين رغم ما لها من صلات مع أنقرة، والخرطوم، وكوالالمبور، كما فشلت جهود لدى السلطات الماليزية قيل أنها من مسؤولين أتراك وقطريين لحل أزمة المرحلين الأربعة.
ويعاني المعارضون بالخارج أزمات اقتصادية ومالية وأمنية لقلة فرص العمل، وإنتهاء صلاحية أوراقهم الثبوتية، وبسبب الأحكام القاسية الصادرة بحق بعضهم غيابيا، بجانب معاناة بعضهم خاصة بالسودان التي تشهد حراكا ثوريا.
"عربي21"، تواصلت مع أسرة أحد المصريين المتواجدين في السودان هربا من بطش النظام عقب انقلاب 2013، والمطلوب بحكم قضائي غيابي بالسجن 15 عاما بقضايا تظاهر.
أسرة "م. ب"، أكدت أنه ما زال على تواصل بشكل غير منتظم معهم، وأنه يعيش شبه مطارد من مكان لآخر، ويحلم بمغادرة السودان لأي مكان آخر بعد مغادرة الكثيرين من المعارضين لها، ومعاناتهم من التضييق عليهم ومخاوفهم من الترحيل.
وأكد مصريون معارضون بتركيا، لـ"عربي21"، أنه رغم استقرار أوضاعهم بعض الشيء، إلا أنهم يعانون من ضيق ذات اليد وقلة فرص العمل، بجانب أزمة انتهاء صلاحية جوازات سفر أغلبهم وسط رفض القنصلية المصرية والسفارة تجديد تلك الأوراق، حتى الذين يعملون بشكل رسمي بتركيا وغير مطلوبين أمنيا ولم يصدر بحقهم أحكاما قضائية.
الحل العملي
وبتعليقه، قال الحقوقي المصري محمود جابر فرغلي: "ترحيل مصريين ملاحقين من النظام على ذمة قضايا سياسية، مخالف للقوانين والأعراف الدولية تماما؛ حيث لا يجوز تسليم أي شخص مهدد بالخطر على حياته أو حريته أو سيكون معرضا لخطر التعذيب، وفق المادة الثالثة باتفاقية مناهضة التعذيب، فقرة (1)".
مدير مؤسسة "عدالة لحقوق الإنسان"، أضاف لـ"عربي21"، أنه "لا يجوز أيضا، لأية دولة طرف بالاتفاقية طرد أي شخص أو تعيده أو ترده أو تسلمه لدولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو للاعتقاد بأنه سيكون بخطر التعرض للتعذيب".
وفيما يخص الحلول العملية لتفادي تكرار الأزمة، يرى المحامي والمحكم الدولي، أنه "على المهدد بهذا الخطر -خطر الترحيل لعدم تقنين وضع إقامته بأي دولة- التقدم بطلب اللجوء للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أو فروعها المتوفرة بالعواصم المختلفة".
خارج نطاق العقل
وأكدت ناشطة مصرية معارضة بماليزيا، _رفضت ذكر اسمها_ وجود حالة ضبابية حول ما تم مع المعارضين بكوالالمبور بعد حملة على سكن بعضهم إثر توقيف أحدهم بتايلاند، ليفاجأ الجميع بخير الترحيل الاثنين، بعد تطمينات بإطلاق سراحهم.
وقالت لـ"عربي21": "تسليمهم دون إبلاغ محاميهم ولمصر تحديدا أمر خارج نطاق العقل لا استوعب حدوثه بماليزيا"، مضيفة: "لو أن كوالالمبور رفضت بقاءهم كان يجب اختيار مكان ترحيل آخر، خاصة والانقلاب ينفذ أحكام الإعدام بلا هوادة، والعالم يعلم بغياب منظومة العدالة لديه".
وتعتقد الناشطة المصرية، أن "الانقلاب لم يصنع الأزمة ولكنه استغلها وغيرها من المواقف العارضة لصالحه؛ ما يكشف أنه يقظ ومتربص بالمعارضين وأن قبضته على الجميع مستخدما القمع والقهر ليصيب الشعب بالإحباط".
وأكدت أنه "يسعى عبر استراتيجية يصدرها للعام بأن معارضي الخارج إرهابيون يجب تسليمهم له، وأنه ليس لديه بالسجون سياسسين بل إرهابيين ويجب إعدمهم".
وتساءلت: "ماذا فعل المعارضون كي يثبتوا للعام أنهم معرضون للخطر ببلادهم وأن من حقهم الحياة بأمان مقابل نظام حكم فاشي دكتاتوري دموي؟، وهل المصالح السياسية التي تحكم علاقة النظام بدول العالم تجاوزت الحدود والأعراف والقيم الإنسانية؟".
وبينت أن "معارضي الانقلاب أمام تحدي يجب تجاوزه؛ وعليهم وضع استراتيجية لتحقيق وضع عالمي بؤكد أنهم مطاردون ومطلوبون سياسيون وبترحيلهم يتم إخفاؤهم قسريا وتعذيبهم".
أين قيادات المعارضة؟
من جانبه لا يعتقد الناشط السياسي محمد نبيل، أن الأمن المصري له علاقة بترحيل المعارضين بدليل وجود آلاف الشباب لم يتم ترحيلهم، متوقعا استمرار تلك الأزمة.
وحول كيفية وقف ترحيل المعارضين، أضاف لـ"عربي21"، أن "القوانين بالخارج والقانون الدولي يوفران حماية للمعارض لو أثبت تعرضه للخطر حال عودته لبلده، ولكن المشكلة بإثبات الخطر"، مضيفا أنه "وبحالة الشباب المرحلين، كانت تكفي شهادة قيادات المعارضة المعروفين للدولة المضيفة لتوفير الحماية لهم".