تعرض إمام بارز لاعتداء في لندن، بعد مغادرته مسجدا استضاف لقاء حضره مسؤولون بريطانيون، بينهم وزير الداخلية، وشخصيات دينية تمثل مختلف الأديان في
بريطانيا.
وكان الإمام محمد محمود قد شارك في اجتماع في مسجد ريجنتس بارك (المعروف باسم المسجد المركزي) في لندن الاثنين، للتعبير عن الوحدة، بعد الهجوم الإرهابي على مسجدين في نيوزيلندا الجمعة، وأدى لمقتل 50 مصليا وجرح أكثر من 30 آخرين.
وحضر الاجتماع وزير الداخلية ساجد جافيد، ووزير المجتمعات جيمس كونشاير، وعمدة لندن صادق خان، وزعيم الجالية اليهودية في بريطانيا رابي إبراهيم ميرفيس، وأسقف كانتبري جاستن ويلبي.
وبعد خروج الشيخ محمد محمود من المسجد في أعقاب الاجتماع، تعرض لاعتداءات مرتبطة بكراهية الإسلام والإسلاموفوبيا، حيث وُجهت الشتائم إليه، مثل وصفه بـ"الحقير"، إضافة إلى كلمات بذيئة، وذلك من قبل "رجل أبيض متوسط في العمر" على متن حافلة، ثم تم البصق عليه من قبل آخر يركب دراجة هوائية؛ عندما ترجّل الإمام من الحافلة وبدأ المشي باتجاه المنزل في منطقة وايت شابيل، شرق لندن، بحسب ما نقلته عنه صحيفة "إيفننح ستاندارد" البريطانية الثلاثاء.
اقرأ أيضا: اعتداء عنصري على مصلّين قرب مسجد في لندن (شاهد)
وقال محمود: "عندما سألت الرجل (في الحافلة): لماذا؟ رد بأنه بسبب الثوب الذي كنت أرتديه". لكن في المقابل، "كانت هناك امرأة عبرت عن رفضها للإسلاموفوبيا، وأبدت دعمها لي"، كما قال.
وبرز اسم الشيخ محمود في أعقاب الاعتداء الإرهابي الذي نفذه المتطرف اليمين دارين أوزبورن، عندما دهس بشاحنة نقل صغيرة (فان) مصلين كانوا خارجين من صلاة التراويح، في مسجد دار الرعاية الإسلامية بمنطقة فينسبري بارك، شمال لندن، في حزيران/ يونيو 2017، ما أدى لمقتل شخص واحد. حينها، تحرك الإمام لحماية دارين من غضب الحشد في المكان، واحتفظ به بعيدا عن أيدي الغاضبين حتى حضرت الشرطة وتسلمته، دون أن يتعرض لأذى. ولاقى تصرف الإمام هذا إشادة واسعة في بريطانيا، وخصوصا من قبل ولي العهد الأمير تشارلز الذي زار المسجد بعد الاعتداء، فيما وُصف في الإعلام بـ"البطل".
وقال محمود إنه سيتقدم ببلاغ للشرطة البريطانية حال عودته من نيوزيلندا؛ التي توجه إليها لتفقد المسجدين اللذين تعرضا للهجوم والتعبير عن الدعم للمسلمين هناك.
تعزيز أمن المساجد
والثلاثاء، أعلن وزير الداخلية البريطاني عن زيادة التمويل الخاص بإجراءات الأمن للمساجد، متعهدا باستخدام كل ما لديه من سلطة لحماية
المسلمين في بريطانيا من "الاطضهاد والتعصب".
وكان وزير شؤون الأمن البريطاني، بين والاس، قد أبلغ إذاعة "بي بي سي 4" الاثنين؛ بأن هجوما مماثلا للذي وقع في نيوزيلندا "من المحتمل جدا أن يقع في بريطانيا"، في ظل تصاعد خطر اليمين المتطرف، مشيرا إلى ضرورة تعزيز أمن المساجد وغيرها من المؤسسات التابعة للمسلمين في بريطانيا.
اقرأ أيضا: الغارديان: هل يرتبط حادث الطعن بلندن بجريمة نيوزيلندا؟
من جانبه، دعا المتحدث باسم مجلس مسلمي بريطانيا، مقداد فيرسي، إلى توفير موارد لتأمين حماية للمساجد مماثلة لتلك التي توفرها السلطات لمراكز العبادة اليهودية، موضحا أن "الأمن في المساجد ببساطة غير موجود؛ لأنها عبارة عن أماكن مفتوحة". وشدد على ضرورة المساواة بين جميع الأديان بهذا الشأن.
وتخصص الحكومة البريطانية حاليا مبلغ 14 مليون جنيه إسترليني لدعم الأمن في المراكز والمعابد والمدارس اليهودية، مقابل 2.4 مليون جنيه إسترليني لباقي الأديان.
وعلى إثر هجمات نيوزيلندا، وقعت عدة
اعتداءات على المسلمين في بريطانيا بدافع
الكراهية، بينها اعتداء ثلاثة أشخاص على مصلين كانوا خارجين من مسجد في وسط لندن، بمطرقة وأدوات حادة، كما تعرض فتى للطعن في منطقة ستانويل، قرب مطار هيثرو، لأن الجاني، وهو رجل أبيض في الخمسين من عمره، ظن أن الفتى مسلم.
وتشير الإحصائيات إلى تصاعد الاعتداءات المتصلة بالإسلاموفوبيا خلال السنتين الماضيتين، في ظل تحذيرات الشرطة البريطانية من ارتفاع خطر مجموعات اليمين المتطرف. لكن سبق أن نبه أحد كبار المدعين العامين في بريطانيا؛ إلى أن العديد من الاعتداءات ضد المسلمين لا يتم التعامل معها بشكل صحيح من قبل الشرطة، قبل نقلها للمحاكم.
وفي هذا السياق، قالت منظمة "تيل ماما"، التي تنشط في متابعة الاعتداءات ضد المسلمين، إنها شهدت طلبات متزايدة لطلب النصح والمساعدة بشأن الأمن، بعد هجمات نيوزيلندا.