هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعرب سياسيون ومراقبون مصريون عن مخاوفهم من إعادة استنساخ تجربة حكم المجلس العسكري المصري في السودان، في أعقاب الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير، وتقلد المجلس العسكري السوداني زمام الأمور لفترة انتقالية، وسط انقسام بين السودانيين.
وكان المجلس العسكري في مصر قد تولى إدارة البلاد في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 لفترة انتقالية حتى حزيران/ يونيو 2012، وسلم السلطة تحت ضغط كبير من الشارع المصري لمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب، قبل أن يتمكن من إعادة ترتيب أوراقه، ويطيح به في انقلاب عسكري في حزيران/ يونيو 2013.
واحتفل آلاف السودانيين، مساء الجمعة، في شوارع العاصمة الخرطوم بتنحي رئيس المجلس العسكري الانتقالي، عوض بن عوف، عن منصبه.
وقال "ابن عوف"، في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، إنه يتنازل عن منصبه رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي، فيما أعلن اختيار الفريق أول عبد الفتاح البرهان خلفا له.
رفض المجلس العسكري
من جهته، دعا "تجمع المهنيين السودانيين" المواطنين إلى الخروج للشوارع، والتوجه لساحات الاعتصام، وعدم مبارحتها.
فيما طالبت قوات الدعم السريع، التي يرأسها الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، بفترة انتقالية قصيرة لا تزيد على ستة شهور، في رفض واضح لخطة المجلس العسكري الانتقالي الذي أعلن أنها ستكون سنتين.
اقرأ أيضا: آلاف السودانيين يواصلون الاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع
وطالب في بيان، على صفحة القوات على "فيسبوك"، بفتح باب الحوار مع مختلف شرائح المجتمع، والإسراع في تنظيم لقاءات الحوار مع قيادات ورؤساء الأحزاب السياسية، وتجمع المهنيين، وقادة الشباب، وقيادات تنظيمات المجتمع المدني.
حكم مدني لا عسكري
يقول رئيس مركز "حريات" للدراسات السياسية والاستراتيجية، طارق الزمر، إن "المعيار الرئيس من وجهة نظري في الحكم على مدى نجاح الربيع العربي يرتبط بالتخلص من الحكم العسكري الديكتاتوري، وتأسيس حكم مدني ديمقراطي، وكلما اقتربنا من هذا الهدف توقعنا النجاح".
وأضاف في حديث لـ"عربي21"، أن "المراقبة الجادة لما يجري بالسودان تؤكد أن الربيع لم يأت بعد؛ لأن الحكم العسكري لا يزال قائما، والمؤشرات الظاهرة تقول إن المستفيد مما جرى هو معسكر الاستبداد".
وأشار إلى أنه "يجب العمل على استكمال الربيع، وأن يظل هو هدف الشعوب؛ حتى تستقر عند حكم مدني ديمقراطي يحقق طموحات الشعوب، ويؤسس لدولة القانون ويتيح التداول السلمي للسلطة".
واختتم حديثه بالقول: "ولهذا أرجو أن تتضامن الحركات الإسلامية بالسودان مع كافة القوى الأخرى؛ لضمان انتقال سلمي وآمن لحكم مدني ديمقراطي يسع الجميع".
توحيد الصف السوداني
يرى السياسي المصري المعارض، محمد كمال، أن "الثورات تقوم من أجل تغيير نظام فاسد وعد شعبه بالسلام والرخاء والعدل، ولكن لم يأت لهم سوى بالحروب والمجاعات والظلم"، لافتا إلى أن "هناك عدة عوامل تتحكم في المشهد السوداني".
وأضاف لـ"عربي21": "أولا، استمرارية الحراك على أرضية وطنية جامعة، وليست مؤدلجة في اتجاه فكر محدد أو فصيل بعينه، الأمر الثاني، ترتيبات ومطامع الدولة العميقة، والجيش السوداني مثله مثل كافة الجيوش العربية التي تعتقد أنها مالكة ثروات دولهم قبل شعوبهم، وهذا ما يحاول الجيش السوداني عمله بإعادة إنتاج واستنساخ النظام، وتدوير الوجوه القديمة بوجوه جديدة".
وتابع: "الأمر الثالث، التدخلات الإقليمية؛ فالمحور المصري السعودي الإماراتي يحاول فرض رجاله، وأعتقد أنهم وصلوا لمرادهم بفرض عبدالفتاح البرهان أحد رجالات الإمارات والمرضي عنه من مصر"، مشيرا إلى أن "الضمان الوحيد لفاعلية وتحقيق الثورة السودانية لأهدافها هو استمرار الحراك، وتمسك الثوار بمطالبهم العادلة على أرضية وطنية جامعة".
مؤيد ومعارض
وبشأن استفادة السودانيين من تجارب ثورات الربيع العربي، يؤكد الناشط السياسي والإعلامي السوداني، وليد سعد الدين، أن "الشارع السوداني استفاد من تجارب الثورات في مصر وتونس على مستوى المواقف وحتى الشعارات، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ملتقى خبرات المتظاهرين".
اقرأ أيضا: تعرف على رئيس المجلس العسكري بالسودان وعلاقته باليمن
وأكد لـ"عربي21" أن "أحد نتائج تعلم الدروس هو الصمود في الشوارع، والإطاحة برئيس المجلس العسكري ونائبه، والمجيء برئيس جديد، وأعتقد أن المجلس العسكري في السودان وضع أكثر من خطة؛ تحسبا لموقف المتظاهرين، ففي حال تم رفض بن عوف يتم الدفع بعبدالفتاح".
ووصف خطوة تنحي بن عوف بأنها "مقنعة لغالبية المعارضة ما عدا اليسار، مشيرا إلى أن "بن عوف كان نائب الرئيس ووزير الدفاع، وإسلامي التوجه، أما عبدالفتاح فليس محسوبا على الإسلاميين، ورفض تولي ولاية إحدى المحافظات من قبل".
ويرى سعد الدين أن "استمرار وجود المجلس العسكري لفترة انتقالية هو ضمان لضبط الأمن، وعدم التدهور الاقتصادي؛ لأنهما أولوية للسودانيين، لكن اليساريين الممثلين في اتحاد المهنيين مطلبهم تسليم السلطة لهم، والمجلس لن يفعل؛ لأنه يكون بذلك حكم بالإعدام على نفسه".