هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "الإنترسبت" الأمريكي، تقريرا سلط الضوء على وثيقة صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية الفرنسية، كشفت عن اعتماد قوات التحالف الذي تقوده السعودية بشكل شبه كلي على الأسلحة والدعم الأمريكي، والأمر سيّان بالنسبة للإمارات العربية المتحدة.
وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن تغيير الإماراتيين والسعوديين لترساناتهم العسكرية الأمريكية الصنع بأخرى روسية أو صينية ليس بالسهولة التي تتخيلها قوات التحالف، ما يعكس تبعيّتهم للأسلحة الأمريكية.
ومن جهتها، تقول مديرة البرنامج الدفاعي التقليدي في مركز ستيمسون بواشنطن، ريتشل ستول، إن "استبدال الصواريخ الأمريكية المُستخدمة في الطائرات الأمريكية ليس بالأمر السهل".
وأوردت: "يبدو جليا أن حملة القصف السعودي على اليمن تعتمد بالأساس على الأسلحة التي توفرها دول حلف الناتو، على غرار مقاتلات "أف15" إيغل ودبابات "أم1 أبرامز" الأمريكية وطائرات التورنادو النفاثة من إنتاج أوروبي مشترك".
اقرأ أيضا: هذه قيمة صفقات الأسلحة الأمريكية للرياض وأبو ظبي وتفاصيلها
وينتقد معد التقرير ألكس إمونس، حرب السعودية في اليمن، واصفا إياها بالفشل والإخفاق نظرا لكون الاعتماد السعودي على الدعم الأمريكي يفوق ما هو معلن بمراحل.
وأفاد الموقع بأن "الأمريكيين يدعمون نظراءهم السعوديين عن طريق بيع السلاح وتقديم المشورة وتزويد طائراتهم بالوقود في الجو، فضلا عن مساعدة غارات التحالف عن طريق تحديد الأهداف بشكل دقيق بواسطة الطائرات دون طيّار".
ومن المرجح أن هذه الطائرات تلعب دورا لا يتجاوز تحديد الأهداف فقط، وإنما يشمل كذلك توجيه القذائف بواسطة أشعّة الليزر، وفق قولها.
من جهتها، تنفي القيادة المركزية الأمريكية تورّطها في مثل هذه العمليات، وتصر على كون دورها مقتصرا على تقديم المشورة والمعلومات الاستخباراتية فقط. وفي تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2017، شوهدت طائرات "أم كيو9 ريبر" الأمريكية في سماء المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.
أسلحة فرنسية
وأضاف الموقع أن حكومة إيمانويل ماكرون تموّل قوات التحالف بكميّات كبرى من السلاح والمعدات بشكل يتجاوز الصفقات التي أعلنت عنها فرنسا، وهي في المقابل تحرص على التظاهر بجهلها في استخدام الإماراتيين والسعوديين لهذه الأسلحة في اليمن.
وعلى الرغم من ادعاءات وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، إلا أن دبابات لوكلير ويوروكوبتر "إيه أس532" الفرنسية شائعة الاستخدام في اليمن.
وأفاد الموقع بأنه ردا على التقرير الذي نشرته مؤسسة ديسكلوز للصحافة، فقد أرسل مكتب رئيس الوزراء الفرنسي بيانا مطولا حول مبيعات الأسلحة الفرنسية وتحالفها مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وأشار البيان إلى أن مبيعات الأسلحة الفرنسية تخضع للمراقبة وتتوافق مع القانون الفرنسي والدولي.
وتضمن البيان عبارة جاء فيها أن "فرنسا شريك مسؤول وموثوق"، حيث أشارت الحكومة إلى أن فرنسا تبيع الأسلحة لدول التحالف لتُستخدم كأغراض دفاعية خارج الأراضي اليمنية وليس على الخطوط الأمامية.
وأضاف الجانب الفرنسي أنها لم تكن على علم بالخسائر الناجمة عن استخدام الأسلحة الفرنسية في اليمن.
اقرأ أيضا: الكونغرس يحقق بتسليح سعودي إماراتي لجماعات يمنية متطرفة
وأورد الموقع أن التقرير لا يؤكد ما إذا كانت الأسلحة الفرنسية قد استخدمت ضد المدنيين.
ومع ذلك، تفيد إحدى الخرائط بأن أكثر من 430 ألف يمني محاصرون بمجموعة من المدفعية الفرنسية المتمركزة على الحدود السعودية اليمنية.
وفي المقام الأول، ركز التقرير على مواقع الأسلحة الفرنسية بين قوات التحالف، لكنه لم يذكر شيئا عن منشأ أسلحة الحوثيين، التي يُعرف أن بعضها جاء من إيران.
قدرة التحالف العربي
وعرض التقرير قائمة تضم أنظمة الأسلحة الرئيسية التي يستخدمها السعوديون والإماراتيون، دون التطرق إلى الذخائر أو البنادق أو الأنواع المختلفة من العربات المدرعة التي رصدتها مجموعات المراقبة.
وأضاف الموقع أن التقرير قد تطرق بشكل عام إلى القدرة العسكرية لقوات التحالف التي أنشئت بالكامل من خلال تجارة الأسلحة العالمية.
وبالإضافة إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، ذكر التقرير أنظمة الرادار والكشف السويدية: طائرات دون طيار من طراز "كامكوبتر"، والصواريخ البحرية الدفاعية من كوريا الجنوبية، والسفن الحربية الإيطالية، وحتى بطاريات إطلاق الصواريخ من البرازيل.
ونقل الموقع ما جاء في التقرير الذي أشار إلى أن التحالف السعودي الإماراتي نفذ 24 ألف غارة جوية منذ بداية الحرب سنة 2015 حتى شهر أيلول/ سبتمبر 2018. ولاحظت المخابرات الفرنسية أن خمسة أنواع من الطائرات المقاتلة تحلق فوق اليمن، وكلها من طائرات الناتو، بالإضافة إلى طائرة "تشنغدو وينق لونق" وطائرة "ريبر" الصينيتين.
ومنعت أجهزة مراقبة الصادرات، الولايات المتحدة من بيع طائرات مسلحة من دون طيار إلى الإمارات، لذلك لجأت أبوظبي إلى الصين للحصول عليها. وفي السنة الماضية، استخدمت دولة الإمارات العربية المتحدة طائرة صينية من دون طيار لقتل صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين.
وافتتح التقرير بمناقشة معركة استعادة الحديدة، وهي مدينة ساحلية على البحر الأحمر ونقطة دخول معظم السلع التجارية والمساعدات الإنسانية إلى اليمن، حيث توقعت الإمارات تحقيق نصر حاسم في الحديدة، عند بداية القتال خلال الصيف الماضي.
في هذا السياق، تعتقد المخابرات أن السيطرة على الحديدة باستخدام القوة هي أمر بعيد المنال، لاسيما بالنسبة للمليشيات التي تدعمها الإمارات، على الرغم من أن عددهم يفوق عدد قوات خصمهم. ومع ذلك، فقد أشار التقرير إلى تحركهم ببطء لتطويق المدينة ومحاصرتها عن طريق محاولة استعادة المخابئ الرئيسة على الطريق بين الحديدة والعاصمة صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون.
وقبل بدء الغارات، أشارت المنظمات الإنسانية إلى أن هذا الحصار المطوّل الشنيع من شأنه أن يوقف إلى حد كبير تدفق المساعدات إلى بعض المناطق الأكثر احتياجا في البلاد.
وفي هذا السياق، أورد سكوت بول، وهو أحد الرائدين في مجال السياسات الإنسانية في منظمة أوكسفام الأمريكية أن "الشحنات التجارية والإنسانية القادمة عبر ميناء الحديدة هي شريان الحياة، ليس فقط لمتساكني الحديدة، بل لجميع اليمنيين. وستخلّف جبهة القتال والحصار الذي يحيط بالمدينة تداعيات كبيرة على أسواق السلع الوطنية، كما أنها ستعرّض حياة الناس للخطر بسبب عجزهم عن تحمّل تكلفة الضروريات الأساسيّة".
وعلى الرغم من دعوات مجموعات المساعدة، إلا أن الولايات المتحدة لم تضغط على الإماراتيين للتراجع عن الهجوم.
وعلاوة على ذلك، فقد صرح أحد المسؤولين الأمريكيين لـ"صحيفة وول ستريت جورنال"، قائلا إن السياسة الأمريكية لم تتدخل، بينما اكتفى وزير الخارجية مايك بومبيو بإصدار بيان يطلب فيه من بعض الأطراف احترام "حريّة تحرّك المنظمات الإنسانية".
وذكر الموقع أن الحديدة قد شهدت أسوأ المعارك سنة 2018، حيث قدّر المجلس النرويجي للاجئين أن حوالي 2325 مدنيا لقوا حتفهم.
ويصف تقرير الاستخبارات الفرنسية إحدى العمليات واسعة النطاق التي قام بها السعوديون لتأمين حدودهم المشتركة مع اليمن، من خلال تعيين خمسة كتائب من الجيش السعودي وكتيبتين من الحرس الوطني السعودي. وعمدت السعوديّة إلى تعزيز القوات وإضافة 300 دبابة وكتيبة من 48 مدفعيّة "هاوتزر" ذاتيّة الحركة من طراز "قيصر".
وأشار التقرير إلى أن "الهدف غير المعلن" لهذه العملية الحدودية هو اختراق المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والتقدم نحو معاقل الحوثيين في محافظة صعدة اليمنية.
وأوضح التقرير أنه "على الرغم من وجود كل هذه الوسائل الدفاعية المنتشرة، إلا أن قوّة الحوثيين لم تتراجع باعتبار أنهم يمتلكون المدفعيات والصواريخ والأجهزة المتفجرة المرتجلة وينصبون الكمائن ويخططون لعمليات التسلل إلى داخل الأراضي السعودية".