هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن انطلاق تنظيم الاستفتاء في مصر من أجل تعزيز هيمنة الرئيس والجيش على حد سواء.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ساحة التحرير، التي صرخ فيها الشعب "ارحل يا مبارك" في سنة 2011، اكتظت باللافتات التي تدعو إلى المشاركة في الاستفتاء الدستوري والتصويت "بنعم"، ما يعني التمديد في المدة الرئاسية للسيسي من أربع إلى ست سنوات، كما يحق له الترشح لولاية ثالثة.
وذكرت المجلة أن صاحب سيارة أجرة ويدعى "محمد" ألقى نظرة على اللافتات العملاقة المنتشرة في الشوارع التي تحمل صورا للسيسي كتب عليها "فلنواصل مشاريعنا"، حيث علق قائلا: "إنه يقصد فلنواصل التحيل".
وعبر هذا الأب، الذي يبلغ من العمر 40 سنة، عن غضبه تجاه إلغاء الدعم الحكومي مما تسبب في انفجار الأسعار خاصة أسعار الوقود.
ونوه محمد بأنه لن يشارك في التصويت مقتنعا بأن "صوته لن يغير شيئا". من جانبها، ذكرت كريمة كامل، محررة وناقدة للنظام، أن "التصويت 'بنعم' أمر محسوم"، مشيرة إلى أنها ستُصوت "بلا" ضد هذه "الكارثة التي حلت بالديمقراطية".
وأكدت المجلة أنه تحت قبة البرلمان، عارض 22 نائبا علنا تعديل الدستور الذي وقع تبنيه بعد سقوط الديكتاتور السابق، حسني مبارك.
وتعرض العديد منهم إلى ضغوطات وإهانات عبر توريطهم في تسريبات لمقاطع جنسية. في الأثناء، لا تنتشر في الشوارع، وفي الصحف وعلى شاشات التلفاز، سوى شعارات الأحزاب المؤيدة للسيسي.
في المقابل، وقع تداول عرائض على شبكة الإنترنت ضد مشروع الإصلاح الدستوري قبل أن يُجمع نحو 250 ألف توقيع "بضد"، ولكن آلاف المواقع على الإنترنت، من بين التي شاركت في نشر هذه العرائض، وقع حجبها.
كما تعرّض نحو 120 عضوا من الجمعيات المعارضة إلى الإيقاف خلال الأسابيع الأخيرة وفقا لخالد داود، الناطق الرسمي باسم حزب "الدستور" اليساري.
وأشارت المجلة إلى أنه بغض النظر عن تمديد ولاية السيسي، يستنكر المعارضون أيضا تعزيز قدرة المؤسسات التي يرتكز عليها النظام.
اقرأ أيضا : صناديق الزيت والسكر تفضح استفتاء تعديل الدستور بمصر (صور)
وليس ذلك فحسب، بل أضحى بإمكان السيسي، الذي سبق له ترأس جهاز المخابرات العسكرية، تعيين القضاة والنائب العام.
وأفادت المجلة بأن مجلس الدولة، الذي يعد آخر القوى المعارضة للسلطة التنفيذية الحالية، لم يعد بإمكانه التدخل في القوانين.
علاوة على ذلك، ساهم ذلك في تعزيز مكانة الجيش باعتباره "الحامي الجديد للدستور، والديمقراطية، والتماسك الأساسي للبلاد وطبيعته المدنية".
وأضافت المجلة أن المحاكم العسكرية اتسعت رقعة صلاحياتها، ولعل من أبرزها قدرتها على محاكمة أي مواطن يتهجم على أفراد من النظام أو المنشآت والشركات التابعة للجيش.
ومنذ سنة 2011، وقف آلاف المدنيين أمام المحاكم العسكرية، بما في ذلك المثقفين منهم، على غرار الكاتب علاء الأسواني.
ويواجه الأسواني، الذي يعيش حاليا خارج مصر وصاحب كتاب "عمارة يعقوبيان"، عقوبة بالسجن نظرا "لإهانته الرئيس والجيش". ومع الدستور الجديد، تنتاب المعارضة مخاوف من تعزيز التدخل العسكري في القضاء.
ونقلت المجلة على لسان الباحثة الفرنسية والصحفية المختصة في الشأن المصري، كلار تالون، قولها إنه "مع دخول هذه المرحلة الجديدة، ينتقل النظام المصري من طابعه الاستبدادي الذي يذكرنا بالعصور الوسطى، نحو نظام شمولي عبر بسط سلطة واحدة ومطلقة على المؤسسات والمجتمع المدني".
وقالت المجلة إنه في الوقت الذي نجحت فيه الحركات الاحتجاجية في إسقاط الديكتاتوريين الطاعنين في السنّ في كل من السودان والجزائر، سيعطي هذا الاستفتاء قيمة لنظام عبد الفتاح السيسي.
من جهته، علق الباحث الفرنسي كليمون ستيويه، من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، قائلا: "ضمن هذا السياق (أي سقوط البشير وبوتفليقة) لن يهتم النظام المصري كثيرا بنسبة المشاركة، حيث سيركز أكثر على تجنب نشوب اضطرابات إلى حين إعلان نتائج الاستفتاء".
تجدر الإشارة إلى أن الثورات الأخيرة تثير قلق السلطات المصرية، حيث مُنعت الصحف المصرية من الحديث عن المظاهرات العارمة التي قلبت نظام البشير في السودان، الجار الجنوبي لمصر.
وفي الختام، أكدت المجلة أن الجيش يعمل على إبراز نفسه كحامي الأمن العام، لذلك يستعد لتحريك قواته وشاحناته المصفحة لحماية مكاتب الاقتراع جنبا إلى جنب مع قوات الشرطة.
وللخروج من هذا الجو المشحون، ستتكفل الأحزاب المؤيدة للنظام، على غرار حزب "مستقبل الأمة"، بمهمة التجول في الشوارع على ظهر شاحنات صغيرة مجهزة بلافتات وتسجيلات لأغاني وطنية.