هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد سياسيون مصريون أن التعديلات الأخيرة على دستور 2014 أوجدت منصبا جديدا لم يكن موجودا في دستوري 2012 و2014، ولم يتم الالتفات إليه من الأساس في دستور 1976، وهو منصب نائب رئيس الجمهورية، حيث أتاحت المادة 150 في التعديلات الأخيرة لرئيس الجمهورية تعيين نائب أو أكثر له، مع منحه بعض المهام والصلاحيات.
ويري الخبراء الذين تناولوا هذا الموضوع لـ"عربي21" أن التعديل الجديد لا يلزم رئيس الجمهورية اختيار نائب أو أكثر، وترك الموضوع لتقدير رئيس الجمهورية، إلا أن التعديلات منحت في الوقت نفسه نائب الرئيس حق القيام بمهام رئيس الجمهورية في حالة تعذر الأخير عن القيام بمهامه نتيجة المرض أو العجز أو الوفاة، على عكس ما كانت تنص عليه الدساتير السابقة بأن يحل مكان رئيس الجمهورية في هذه الحالات رئيس مجلس النواب، أو رئيس المحكمة الدستورية.
وتنص المادة 150 مكرر من التعديلات الجديدة على الآتي: "لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، وله أن يفوضهم في بعض اختصاصاته، وأن يعفيهم من مناصبهم، وأن يقبل استقالتهم".
أما الفقرة الأولي من المادة 160، فكان نصها كالآتي: "إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته، يحل محله نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء، عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر حلوله محله، على أنه لا يجوز لمن يحل محل رئيس الجمهورية، أو لرئيس الجمهورية المؤقت، أن يترشح لمنصب الرئيس".
محلل مؤقت
من جانبه، يؤكد الباحث بعلم الاجتماع السياسي، سيف المرصفاوي، لـ"عربي21"، أن السيسي استحدث منصب نائب الرئيس لاستخدامه كمحلل في حال أراد الترشح بعد انتهاء المدتين الرئاستين الحالية والقادمة في 2030، بأن يحل مكانه نائبه، ثم يترك المنصب ليعود إليه السيسي، مثل التجربة الروسية التي يقوم بها بوتين مع رئيس وزرائه دميتري ميدفيديف.
ويوضح المرصفاوي، أن مصر عرفت 18 نائبا لرئيس الجمهورية منذ عهد جمال عبد الناصر، ومن بين هؤلاء النواب وصل اثنان لمنصب رئيس الجمهورية، وهما أنور السادات الذي كان نائبا لعبد الناصر، وحسني مبارك الذي كان نائبا للسادات، وجميعهم كانوا شخصيات عسكرية، باستثناء ثلاث شخصيات مدنية، وهم الدكتور محمود فوزي في عهد عبد الناصر، والمستشار محمود مكي في عهد محمد مرسي، ومحمد البرادعي بعد الانقلاب العسكري، حيث كان نائبا لعدلي منصور.
ويضيف المرصفاوي: "لا أتوقع على المدى القريب أن يقوم السيسي بتعيين نائب له، خاصة أنه شخصية لا تقبل المنافسة، ويحب أن يكون "سوبر رئيس"، فهو الذي يتحمل تبعات الأزمة الاقتصادية، وهو الذي يدير الحالة السياسية، وهو الذي يتصدى للفساد، ويحارب الإرهاب وحده، وبالتالي فإن الأمر مرهون بحدوث أزمة سياسية، أو إذا رأت المؤسسة العسكرية خطرا على تحكمها في المشهد الحاكم، حيث يمكن وقتها أن تجبر السيسي على تعيين نائب له من داخل الجيش، بما يضمن نقل سلس للسلطة دون حدوث مشاكل".
نائبان عسكري ومدني
وعلى عكس الرأي السابق، يتوقع مدير مركز تواصل للدراسات والبحوث السياسية، أحمد العليوي، أن يقوم السيسي بتعيين نائب مدني له، مع نائب آخر عسكري، بهدف استخدام الشخصية المدنية للترويج الدولي بأن نظام السيسي ليس عسكريا، وهي نفسها الفكرة التي اعتمد عليها الانقلاب العسكري عندما عين البرادعي نائبا لعدلي منصور، بينما يكون النائب العسكري في إطار تهدئة شكوك المؤسسة العسكرية من استئثار السيسي بالحكم على حسابها.
ويؤكد العليوي لـ"عربي21" أن تحديد أشخاص بعينهم ربما يكون صعبا خلال الفترة الراهنة، في ظل قيام السيسي بتغيير جلد أركان نظامه، سواء في المؤسسة العسكرية، أو بباقي مكونات الحكم، ولكن الأقرب للواقع أن يكون وزير الدفاع الحالي، الفريق أول محمد زكي، هو النائب العسكري، في ظل قناعة السيسي بشخصية زكي الضعيفة، وأنه كان أحد أسباب نجاح الانقلاب على الرئيس مرسي.
ويضيف العليوي: "المؤسسة العسكرية ليست هي وزير الدفاع أو شخص السيسي، ولكن هناك قواعد حاكمة للمؤسسة، وهو ما ظهر عندما تخلت عن مبارك، رغم أنه قام بصناعة كل قيادتها على يديه، وبالتالي فإن المؤسسة سيكون لها دور في تعيين نائب للسيسي قبل انتهاء ولايته الحالية، وقبل الدخول في الولاية الثالثة، حتى لا تتكرر تجربة مبارك باختيار عمر سليمان في اللحظات الأخيرة، وهو ما رفضه الشعب وقتها".
ويرى الخبير السياسي أن مادة نائب الرئيس تعدّ من مواد الصفقة التي جرت بين السيسي والجيش لتمرير التعديلات، حيث أراد الجيش بهذا المنصب غلق الأبواب أمام تولي شخصية غير عسكرية للرئاسة، خاصة أن المادة 160 لم تلزم نائب الرئيس القيام بمهام رئيس الجمهورية في حالة التعذر عن القيام بمهامه، وهو ما لا يمنعه من الترشح للرئاسة، كما جرى مع السادات ومبارك عندما كانا نائبين لرئيس الجمهورية كل في زمانه.