هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
واصلت دار الإفتاء المصرية إصدار البيانات المثيرة للجدل، والتي تحمل تأييدا مطلقا لنظام عبدالفتاح السيسي، وهجوما فجا على معارضيه، بحسب مراقبين.
وأكدت دار الإفتاء أن مساندة ولى الأمر، والنصح له، والبعد عن مخالفته، والصبر والمصابرة معه، والدعاء له بالتوفيق، هي من سمات المؤمنين الصالحين.
وقالت الدار، عبر فيديو رسوم متحركة أنتجته ونشرته على صفحتها الرسمية يوم السبت الماضي، إن هذا الرأي أجمع عليه علماء الأمة، عملا بالأمر الإلهي في قول الله تعالى: "يا أَيها الَّذين آمنوا أَطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأُولي الْأمر منكم"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك".
وشددت على أن الشريعة الإسلامية ترى أن عمل الحاكم في سياسة أمور البلاد والعباد يعد من أعظم الأعمال التي يتم التقرب بها إلى الله، مؤكدة أن مساندة الحاكم في القيام بمهام عمله واجب شرعي وإنساني، به يتحقق استقرار المجتمعات، وتحفظ العقائد، وتقام شعائر الدين، وأن نجاح الحاكم في عمله نصرة لدينه وقوة لوطنه"!.
رسوم متحركة ومرصد للتكفير
وتتعرض دار الإفتاء المصرية في السنوات الأخيرة لانتقادات عديدة؛ بسبب تورطها في الأزمة السياسية التي تمر بها مصر منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، وتحول الدار إلى أداة في يد نظام عبد الفتاح السيسي، بحسب مراقبين.
وفي التعليقات على هذا الفيديو الأخير، قال أحمد سعيد: "السمع والطاعة فيما يرضي الله ورسوله فقط، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أرى أن هذا الفيديو مسيس إلى شخص بعينه، اتقوا الله".
أما أحمد عراقي فقال: "انتو بتهزروا صح؟ انتو بتوع دين ولا بتوع سياسة؟ ولو أولى الأمر بيخرب البلد برضو نمشي وراه؟ انتو كمان بقيتو تطبلو؟ حسبي الله ونعم الوكيل".
فيما اكتفى صاحب حساب "القاتل الصامت" بسب دار الإفتاء بكلمة نابية تعليقا على الفيديو.
تشويه صورة المسلمين
وأثارت دار الإفتاء موجة من الاستهجان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشرها صورة كاريكاتورية في شباط/ فبراير الماضي، عبر حساباتها على "تويتر"، تظهر رجلا ملتحيا يرتدي جلبابا أبيض، ويلف حول خصره حزام ناسف، وتحت الصورة تعليق يقول: "التستر على الإرهابيين مشاركة في جرائم الإرهاب"!، وهو ما اعتبره كثيرون تشويها لصورة جميع المسلمين الملتزمين.
ولم تكتف دار الإفتاء بذلك، بل نشرت في اليوم التالي عددا من التغريدات التي تهاجم جماعة الإخوان المسلمين، وتحرض عليها بشكل مباشر، قائلة إنهم "خوارج العصر، وأكدت أن ما يقوم به الجيش والشرطة من مقاومة للجماعات الإرهابية يعد من أعلى أنواع الجهاد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بتتبع جماعات التطرف، وأجمع العلماء على وجوب قتالهم.
ومنذ تموز/ يوليو 2013، نفذت السلطات المصرية حكم الإعدام في 42 معتقلا من معارضي النظام، بموافقة من مفتي الجمهورية شوقي علام، رغم مناشدات منظمات حقوقية محلية ودولية لوقف التنفيذ، وتأكيدها أن اعترافات المتهمين بارتكاب الجرائم تم انتزاعها تحت التعذيب، فيما ينتظر 50 معارضا آخر تنفيذ العقوبة ذاتها، بعدما صدرت بحقهم أحكام نهائية بالإعدام في عدد من القضايا.
بوق للنظام
وفي هذا السياق، قال الباحث الإسلامي عاصم عبد الهادي إن نظام الانقلاب كان حريصا منذ أيامه الأولى، بل حتى من قبل تنفيذ الانقلاب، على الاعتماد على رجال الدين المقربين من السلطة في الترويج لسياساته، وتبرير المجازر والانتهاكات الوحشية التي يرتكبها، والتأكيد للجنود المشاركين في هذا القمع بأن ما يفعلونه ليس مخالفا للشرع، بل هو نوع من الجهاد!.
وأضاف عبد الهادي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن أمثال المفتي الأسبق علي جمعة ووزير الأوقاف مختار جمعة والمفتي الحالي شوقي علام، هم من أهم العناصر التي يعتمد عليها السيسي في تمرير أفعاله المتعارضة بشكل فج مع تعاليم الدين الإسلامي، التي تحرم الظلم والاعتداء على الحقوق، لكنهم يحاولون إقناع المصريين بأن السيسي يعمل لصالح البلاد والعباد، وأن عدم معارضته هي من الدين.
وتابع: "لكن الغالبية العظمي من الشعب المصري لم تعد تتأثر بهذه الفتاوى والتصريحات، وباتت تعرف جيدا أن دار الإفتاء وغيرها من المؤسسات الدينية الرسمية هي أبواق للنظام، تدافع عن تصرفاته أيا كانت، وتلبسها لباس الدين بالباطل.
خصم من الرصيد
من جانبه، قال الشيخ جمال القاضي، أستاذ العقيدة الإسلامية، إن مثل تلك التصريحات تخصم من رصيد المؤسسات الدينية في نفوس المصريين، وتهز ثقة المواطن العادي في رجال الدين بشكل عام.
وأضاف القاضي لـ"عربي21"، أنه في السنوات الأخيرة، خرجت دار الإفتاء عن دورها الشرعي المعروف طوال عقود طويلة، وانشغلت بأمور سياسية، وأصدرت بيانات وفتاوى مثيرة للجدل، تفرق المصريين ولا تجمعهم، على الرغم من مطالبة الكثيرين بفصل الدين عن السياسة!.
وتابع: "إذا ألقيت نظرة سريعة على صفحة دار الإفتاء على "فيسبوك"، ستجد سيلا هائلا من الانتقادات والتعليقات الرافضة لنهجها، وأصبح كثيرون يسخرون من آرائها، ويتعاملون معها كما لو كانت متحدثا إعلاميا للحكومة!.