نشر موقع موند أفريك الفرنسي تقريرا، تحدّث فيه عن مراوحة السلطة
الجزائرية الحالية بين استخدام العنف والأساليب السلمية لكبح جماح المتظاهرين المصرّين على القطع النهائي مع بقايا نظام
بوتفليقة.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "
عربي21" إنه في الثاني من نيسان/ أبريل الماضي، تسلّم رئيس الأركان ونائب وزير الدفاع الجزائري، أحمد قايد صالح، استقالة بوتفليقة؛ بسبب عجزه عن أداء مهامه كرئيس، بموجب المادة 102 من الدستور. وقد احتفل المتظاهرون بالنصر، لكنهم سرعان ما أدركوا أن هذا التغيير كان شكليا، إذ إنه حتى في ظل رحيل بوتفليقة، ما زال النظام قائما.
تجدر الإشارة إلى أن هذا النظام يتجسّد في كل من رئيس المجلس الشعبي الوطني والرئيس المؤقت حاليا، عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء الذي تم تعيينه في منتصف شهر آذار/ مارس الماضي، إثر سقوط الحكومة السابقة الذي سبق أن شغل فيها منصب وزير الداخلية، نور الدين البدوي، ورئيس المجلس الدستوري الذي استقال في 16 نيسان/ أبريل، الطيب بلعيز. ويلعب أحمد قايد صالح دور صانع القرار في هذه المرحلة الانتقالية.
وأفاد الموقع بأنه بالنسبة للمتظاهرين، يعد استبدال بوتفليقة ببن صالح، الذي سرعان ما أعلن عن عقد انتخابات رئاسية في الرابع من تمّوز/ يوليو القادم، بمثابة الإهانة الأخرى. وفي حال كان هذا القرار متوافقا مع الدستور الذي ينصّ على ضرورة إجراء الانتخابات في غضون 90 يوما بعد رحيل الرئيس الحالي، يرى المحتجون الذين احتلوا الشوارع منذ 22 شباط/ فبراير الماضي، أن الأوضاع الحالية تعكس مناورات النظام لإحباط الحراك الشعبي، وتجاهل مطالبهم المنادية بإعادة هيكلة النظام.
ونوّه الموقع بأنه بدلا من أن يساهم رحيل بوتفليقة القسري في وضع حد للاحتجاجات، فقد شجّع الجزائريون على مزيد الإصرار على تحقيق هدفهم المتمثّل في القطع نهائيا مع النظام. وردا على ذلك، قامت السلطات بحظر جميع الاحتجاجات باستثناء تلك التي جدّت يوم الجمعة الماضي. وبين الفترة الممتدة من 8 إلى 11 نيسان/ أبريل، بذلت الشرطة قصارى جهدها لقمع الاحتجاجات في العاصمة، لا سيما تلك التي يقودها الطلبة.
لقد تصرفت قوات الأمن بحزم أكثر من الأسابيع السابقة، مستخدمة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وللمرة الأولى القنابل الصوتية، فضلا عن عمليات الاعتقال. ومع ذلك، نجح المتظاهرون في اكتساح ساحة البريد المركزي مجددا، وهو موقع التجمّع الرمزي للحركة في العاصمة، الذي فقدوه لفترة وجيزة بعد أن استولت عليه الشرطة.
وذكر الموقع أنه تحسبا للمسيرة الأسبوعية الثامنة في يوم الجمعة بتاريخ 12نيسان/ أبريل، أرسلت قوات الأمن تعزيزات إلى العاصمة الجزائر، في حين توزّعت وحدات من الدرك الوطني الجزائري في ضواحي العاصمة؛ بهدف منع المتظاهرين المقبلين من المدن المجاورة، على غرار بجاية والبويرة وتيزي وزو والبليدة وتيبازة؛ للانضمام إلى أبناء وطنهم.
وأضاف الموقع أنه في اليوم ذاته، نُظّمت
مظاهرات حاشدة في 26 من أصل 48 مقاطعة جزائرية، بما في ذلك الجزائر العاصمة، حيث خرج مئات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع. وعلى الرغم من الممارسات القمعية التي واجهوها، لم يتسبّب هذا الأمر في إضعاف إرادة الشعب. خلافا لذلك، بعد مرور أسبوع، أي في يوم الجمعة الموافق للتاسع عشر من نيسان/ أبريل، جدّت مسيرات جديدة وضخمة.
وأورد الموقع أن يوم 12 نيسان/ أبريل يعدّ الأول الذي عبر فيه المتظاهرون بشكل علني عن عدائهم تجاه الجيش منذ بداية الحراك، من خلال شعارات من قبيل "قايد صالح، ارحل". ووفقا للمتظاهرين، يعدّ قيام قايد صالح بفرض وتيرة ومضمون المرحلة الانتقالية بمثابة الخيانة لقضيتهم. وقد وصف قايد صالح مطالب المحتجين المنادية بالقطع النهائي مع النظام "بغير الواقعية"، وأصرّ على التقيد الصارم بالشرعية الدستورية. إلى ذلك الحين، اعتبر الكثيرون أن قايد صالح مؤيدا لقضيتهم، لا سيما بعد إلقاء كلمته في 26 آذار/ مارس، التي أعلن من خلالها عن ضرورة تقديم بوتفليقة استقالته".