يوسف آغا الحين؛ هو أحد أمراء الشراكسة، قام الوالي العثماني بتعيينه نائبا له بمحافظتي البحيرة والبهنسا.. كان أهل
مصر يحبونه حبا جما، وخاصة العامة منهم. توفي عام 1056هـ (1646م)، ودفن في جامعه. وعندما قام الخديوي إسماعيل، بافتتاح شارع محمد علي سنة 1290هـ (1873م)؛ تم هدم المدفن والقبة، ونُقل الجثمان إلى قبر آخر أُعد له داخل الإيوان الشمالي في المسجد.
يقع مسجد "يوسف آغا الحين" في شارع بورسعيد حاليا (شارع درب الجماميز سابقا)، بميدان "باب الخلق".
يقول عنه علي مبارك في خططه: "جامع الحين؛ هذا المسجد بشارع باب الخرق (أو باب الخلق) عن يمين الذاهب في شارع محمد علي الجديد إلى القلعة، مشرف على الخليج المصري، أنشأه الأمير يوسف الشهير بالحين في القرن التاسع، ولما مات دفن به. وهو مقام الشعائر من الجمعة والجماعة والأذان. له منارة مرتفعة وجعل له خطبة، وهو مقام الشعائر إلى الآن من ريع أوقافه تحت يد ناظره مصطفى الحين، ويتبعه سبيل يُملأ صهريجه كل سنة، ويعلو السبيل كُتاب لتعليم الأطفال القرآن. وكان تجاه هذا الجامع قهوة صغيرة تُعرف بقهوة الحين، يجلس عليها حانوتية الموتى".
والمسجد مرتفع عن مستوى الشارع عدة درجات، وله باب رئيس مكسي بالرخام الملون المنقوش. ويشتمل المسجد على مجموعة من المنشآت أساسها المدرسة، ولها ملحق فيه سبيل يعلوه كتاب. وتوجد للمبنى ثلاث واجهات: الواجهة الغربية التي تطل على الخليج المصري، والواجهة الشمالية والواجهة الشرقية، ولكل واجهة باب يتم الدخول منه.
ومخططه من الداخل عبارة عن قاعة تطل عليها أربعة إيوانات، الشمالي والجنوبي منهما صغيران، أما إيوان القبلة فيحتوي على محراب مزخرف بالرخام الملون، وعلى يمينه منبر خشبي تظهر به نقوش على شكل الطبق النجمي، والإيوان المقابل لإيوان القبلة فيه دكة المبلغ؛ التي كانت تستخدم لترديد صوت الإمام حتى يصل للمصلين.
والمسجد على الطراز المملوكي في كل عناصره، عدا المنارة العثمانية المبنية من الحجر والتي جاءت أسطوانية وعلى شكل القلم الرصاص، وتبدأ من سطح المسجد، بجوار الباب الذي يقع في الطرف الشمالي من الواجهة الرئيسية القبلية. وهذه الواجهة تشتمل على المدخل المعقود الذي تجاوره قاعدة المنارة، ثم واجهة المسجد نفسه التي تحوي ثلاث صفف، وفيها من الأسفل شبابيك مربعة، ومن الأعلى شبابيك قندلية، وبين اثنتين من الصفف من أعلى قمرية مستديرة.
أما حجرة التسبيل، فجاءت عمارتها مستطيلة الشكل، ضلعها الأكبر يقع على شارع بورسعيد وفيه شباك التسبيل الوحيد، ويتقدم الشباك من الخارج مصطبة يقف عليها المارة أثناء الشرب، وناحية اليسار مدخل مستقل مخصص للسبيل والكتّاب، ويوجد نص كتابي على زجاج بالقرب من سقف حجرة التسبيل يبدأ بالبسملة، ثم آية الكرسي تتبعها أذكار دينية تنتهي بعبارة "والحمد لله وحده. وكان الفراغ في شهر رجب سنة خمس وثلاثين بعد الألف والحمد لله وحده 1035هـ، 1625م".
وقد قامت لجنة حفظ
الآثار العربية قامت في سنة 1938م (في عهد الملك فاروق) ببناء سبيل ثان في الطرف الشمالي من واجهة المسجد البحرية، وهو مستطيل ذو شباكين لتسبيل ماء الشرب، وواجهتا السبيل مكسوتان ببلاطات القيشاني. وقد تم ترميم المسجد في مطلع التسعينيات، بعد الزلزال الشهير الذي ضرب مصر كلها؛ مما أثر على جدران المبنى وأدى لشروخ فيه.