هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتابعت وتيرة الإضرابات العمالية بمؤسسات ومصانع حكومية، في أسبوع، حيث نظم عمال المطابع بالهيئة العامة للكتاب، ومصنع "سكر الفيوم"، و"أسمنت المنيا" إضرابا عن العمل مطالبين بحقوقهم، فيما نظم العاملون بمؤسسة دار التحرير للطباعة والنشر وقفة احتجاجية الخميس تنديدا بعدم صرف رواتبهم.
والخميس، وفي مسعاهم لرفع أجورهم صعّد عمال الهيئة العامة للكتاب من حدة فعالياتهم فبعد إضرابهم الجزئي عن العمل لمدة 4 أيام، رفض عمال المطابع بالهيئة عرض الإدارة بزيادة رواتب أقسام بنسبة أقل من أخرى، واعتبروه تفتيتا لإرادتهم وتمسكوا بزيادة مرتباتهم وفقا للجدول الذي وضعته وزارة المالية.
وبسبب ما تعانيه إحدى أهم المنابر الصحفية الحكومية من أزمة مالية طاحنة نظم العاملون بمؤسسة "دار التحرير"، صاحبة الإصدار الأشهر لجريدة الجمهورية وقفة احتجاجية أمام الدار لعدم صرف رواتبهم الخميس، مطالبين برحيل القائمين على إدارتها لفشلهم في تدبير المرتبات والاستحواذ علي أموال المؤسسة لأنفسهم في صورة بدلات سفر ومنح ومكافآت.
والخميس، أيضا وبعد إضراب عن العمل لم يجد بدأه الأحد الماضي، عمال "أسمنت المنيا"، احتجاجا على ضعف الأجور والتمييز بين العاملين؛ قرر العمال الدخول في إضراب عن الطعام، مع استمرار الاعتصام داخل المقر الإداري للمصنع.
ويحتج عمال الأسمنت على عدم حصولهم على الزيادات السنوية مند عام 2015، وحرمانهم من المكافآت المالية كباقي موظفي الشركة بالمواسم والأعياد منذ عام 2016، وضعف الرعاية الصحية، وعدم صرف وجبة طعام منذ 2015.
وفي أزمة عمالية رابعة، والسبت الماضي، نظم عمال شركة "سكر الفيوم" جنوب القاهرة، إضرابا عن العمل رفضا للوشاية الأمنية بهم ولما دعوه بالسياسات الفاسدة لإدارة الشركة والتي قد تعرضها للانهيار، إلى جانب الممارسات التعسفية ضد العاملين، مطالبين بإقالة المسؤولين الفاسدين، ومحاسبة المتسببين بإهدار أموال الشركة، حسب بيان لهم.
"سر الفشل"
وفي تعليقه على هذا الحراك، وإمكانية أن تستعيد الحركة العمالية المصرية دورها في الدفاع عن حقوق العمال، يعتقد عضو الحركة الثورية الاشتراكية أشرف أيوب، أن "التحركات العمالية دوما تتم من خلال حس طبقي وللدفاع عن تحسين أوضاعهم، ولكن عدم وجود حزب لهم يضعف وحدة الطبقة العاملة وبرنامجهم الذي يصل بهم لتغيير الواقع ورفض السياسات الرأسمالية المتوحشة".
واستبعد الناشط العمالي، بحديثه لـ"عربي21"، إمكانية استغلال المعارضة ذلك الحراك لتوسيع رقعته، موضحا أن "المعارضة ليست متجانسة، وانحيازاتها الطبقية متعارضة".
وأضاف أن "السؤال هنا هل تبلور حزب الطبقة العاملة مستفيدا من ثورة 25 يناير؟"، مجيبا بقوله: "بل بالعكس كل الاشتراكيين انقسموا في كيانات تكرس الانقسام الذي نجح نظام ضباط يوليو في تحقيقة عام 1958".
"صداع.. هي من صنعته"
ولكن هل تمثل تلك الإضرابات العمالية صداعا جديدا في رأس النظام؟ يعتقد الناشط المصري يحيى إبراهيم، أنه "بالتأكيد الاضطرابات العمالية تسبب صداعا للحكومة"، مؤكدا أن "الحكومة هي السبب بهذا الوضع".
إبراهيم، أشار بحديثه لـ"عربي21"، إلى "سياسات الحكومة المضادة للعمال من هضم للحقوق، وتعيين إدارات فاسدة وفاشلة، وخصخصتها لشركات قطاع الأعمال رابحة أو خاسرة"، مضيفا: "رغم أن الخاسرة يمكن إصلاحها بإقالة الإدارات الفاسدة والفاشلة".
وحول ما يمكن أن تقدمه المعارضة لمساعدة العمال لنيل حقوقهم، جزم بالقول، إنه "لا توجد معارضة في مصر، وأن المعارضة فردية فقط ويمكن تسميتهم نشطاء عماليين"، مشيرا إلى أن تفرق المعارضة أحد أسباب ما يحدث للعمال.
وقال، إن "الأحزاب المعارضة الحقيقية قليلة ولا يوجد اتصال بينها وبين الجماهير بسبب ضغوط الأجهزة الأمنية وحصارها للأحزاب، ولا يستطيع أي حزب عمل مؤتمر جماهيري لشرح برنامجه أو أسباب معارضته، ولا أسمع من الأحزاب إلا بياناتها بمواقع التواصل الاجتماعي ومؤخرا تعرضت صحيفة الأهالي لضغوط أمنية ومنع طباعتها".
"ما الحل؟"
وفي رؤيته قال أستاذ الاعلام السياسي بجامعة القاهرة، الدكتور ناصر فرغل، لـ"عربي21"، إنه "لن يوقف هذا الوضع إلا بتغيير حقيقي وشامل وسيناريو يقوم به شعب يستحق أن يعيش وينال حريته لكننا لا نستحق ما دام بيننا من يعبدون حكامهم".
وفي حديثه لـ"عربي21"، انتقد رئيس حزب الوفاق القومي، محمد محمود رفعت، الأوضاع بشكل عام، قائلا: "لاتوجد دولة على وجه الأرض تفرط في أدوات إنتاجها فتبيع مصانعها وشركاتها"، مؤكدا أن "الأمر يتعلق بإنهاء دور الدولة وإغراقها في الديون ليسهل بعد ذلك قيادها لمن يريد، والمستفيد هو الاستعمار والصهيونية".
"الإعلام البديل"
وبسبب التعتيم الإعلامي على تلك الإضرابات والوقفات الاحتجاجية لعمال مصر، كتب الناشط والقيادي العمالي ناجي رشاد، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، مخاطبا النشطاء بقوله: "كونوا الإعلام البديل؛ اكتبوا عن إضراب عمال المطابع بالهيئة العامة للكتاب، وإضراب عمال سكر الفيوم"، مضيفا: "عاش نضال الحركة العمالية المصرية".
وفي تعليقه على ما كتبه رشاد، قال أحد العاملين بشركة الدقهلية للسكر، أشرف فكري: "بكل أسف هناك تعسف واضطهاد غير مبرر وغير قانوني من بعض أصحاب الأعمال ورؤساء المؤسسات للعمال".
وأضاف أن "هناك بعض رؤساء مجالس الإدارات والأعضاء المنتدبون للمؤسسات دولة داخل الدولة وضد العمال دون مسوغ قانوني ولا يحترمون لوائح ولا قوانين".
وأشار إلى أن هذا الوضع يتم في غياب وزارة "القوى العاملة"، و"الاتحاد العام لنقابات عمال مصر"، عن حماية العمال طبقآ للدستور والقانون.