هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "يورونيوز" الأوروبي تقريرا تناول فيه الحالة التي آل إليها النظام الدراسي في مصر وذلك في عهد رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي".
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21" إن مجموعة من طلاب المدارس الثانوية في مصر "لم يتمكنوا من اجتياز امتحاناتهم بسبب تعطّل النظام الجديد الذي أدخله وزير التعليم المصري".
وتضيف: "خلال الامتحان، لم تعمل الأجهزة اللوحية المتقدمة، التي يجب على الطلاب استخدامها، نظرا لأن وزارة التعليم لم تدفع فاتورة الإنترنت. وتبعا لذلك، قرر الطلاب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و16 سنة، النزول إلى الشوارع للاحتجاج بشكل سلمي على هذا الوضع، قبل أن يقع اعتقالهم".
وأضاف: "منذ تولي عبد الفتاح السيسي السلطة في سنة 2013، تغيرت الكثير من المعطيات في ما يخص طريقة صناعة السياسات، حيث تعاني مصر، في الوقت الحالي، من خلل تام على هذا الصعيد. فقد أضحت السياسات التي من المفترض أنها صممت لخدمة مصالح المواطنين بمثابة سلاح ذي حدين. وتجدر الإشارة إلى أن المواطنين لا يستفيدون حقا من السياسات الموضوعة، فضلا عن أنه لا تتم استشارتهم بشأن طرق تنفيذها".
ولفت إلى أنه "في حال باء مصير هذه السياسات بالفشل، فلا يجوز لهم توجيه أية انتقادات لاذعة تجاهها. وخير دليل على ذلك ما حدث لطلاب المدارس الثانوية الذين لم يتمكنوا من اجتياز الامتحانات بسبب تقصير الحكومة المصرية في أداء واجبها".
وأورد الموقع أنه خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن وزير التعليم المصري، عن "تركيزه لنظام تعليمي جديد وصفه بالحلم الوطني".
وأوضح الوزير أن "الهدف من هذا النظام يتمثل في تقديم تعليم حقيقي للطلاب بدلاً من النظام التعليمي الذي كانت تعتمده مصر ويرتكز بالأساس على (تلقين العقائد)".
ويعتمد النظام الجديد على الأجهزة اللوحية بدلا من الكتب المطبوعة، بالإضافة إلى ذلك، سيجري الطلاب اختباراتهم باستخدام تلك الأجهزة اللوحية بدلا من الاختبارات الورقية التقليدية. وفي هذا الصدد، أفاد الوزير بأنه "بهذه الطريقة، لن يضطر الطلاب إلى حفظ الإجابات، ناهيك عن أنها ستخول لهم الوصول إلى المزيد من المواد التعليمية".
وأكد أن هذه المبادرة التعليمية الجديدة "لن تحل المشاكل المتجذرة في صلب نظام التعليم المصري، الذي يحتاج على سبيل المثال إلى إصلاح المناهج الدراسية، ومعالجة المشاكل المتعلقة بمؤهلات المعلمين وطاقة استيعاب الصفوف".
ويشير إلى "أنه حتى عندما أراد نظام السيسي تطبيق سياسة ذات طابع شكلي بحت، فإنه فشل في تنفيذها مرارًا وتكرارًا أثناء الاختبارات" حيث إن أول تجربة لهذا النظام الجديد الذي يعتمد على الأجهزة اللوحية كانت في آذار/ مارس الماضي.
ويقول التقرير إن "هذا النظام المفكك ترك الطلاب عاجزين عن إجراء اختباراتهم. لذلك، فقد قوبلت هذه المحاولة الفاشلة بانتقادات شديدة من قبل الطلاب وعائلاتهم. وبرر الوزير الخطأ بقوله إنه كان مجرد اختبار تجريبي".
وبيّن الموقع أنه في الأحد الماضي "فشل هذا النظام فشلا ذريعا آخر خلال الأيام الأولى والثانية والثالثة من الاختبارات النهائية، الأمر الذي دفع بالطلاب للاحتجاج".
وقالت إن قوات الشرطة "واجهت المظاهرات التي اندلعت في العديد من المحافظات، بوحشية"، وانتشر تسجيل مصور لشرطي "وهو يضايق إحدى الطالبات وآخر لأعوان الشرطة وهم يضربون المتظاهرين الصغار ويعتقلونهم".
ونوه الموقع بأنه على الرغم من أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الشرطة قد أطلقت سراحهم، إلا أن الطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن مع الوضع يوضح بدقة الممارسات التي يعتمدها النظام القائم في مصر. وفي الواقع، ليست هذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها طلاب المدارس الثانوية إلى الشارع للاحتجاج على القرارات السياسية الغريبة التي تؤثر مباشرة عليهم.
وفي العام 2015، أعلن وزير التعليم السابق عن سياسة جديدة لإصلاح عملية وضع العلامات، الأمر الذي دفع بالطلاب للتظاهر في العديد من المحافظات. ومع ذلك، حاصرت قوات الأمن المتظاهرين بالعربات المدرعة وهددت باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المظاهرة.
وأوضح أن عملية صنع السياسة في مصر "تكون بناء على أهواء الحكومة. فإذا كانت نتائج السياسة المعتمدة إيجابية، فذلك يعني أن الفضل يعود لها. أما إذا ما فشلت، فلن يُسمح للمواطنين بإظهار سخطهم، حيث إنهم إذا خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج، فسيتم على الفور القبض عليهم".
وقال الموقع إن المئات من طلاب الصف العاشر الذين يبلغون من العمر 16 عامًا في الوقت الراهن، لم يتجاوزا الثماني سنوات إبان اندلاع ثورة 25 يناير. لذلك، فإنهم لا يمكن أن يكونوا جزءًا من مؤامرة تهدف إلى زعزعة استقرار النظام. ومن خلال التعامل مع كل الاحتجاجات التي تشكّل تهديدًا للنظام نفسه، تظهر الهشاشة الحقيقية لهذا النظام.
ويختم الموقع التقرير بالقول إن "العملية السياسية في مصر معطلة وأي محاولة لتحسينها سيتم سحقها بغية الحفاظ على سيطرة النظام، كما أنه لا يمكن للشعب المصري أن يستمر بهذه الطريقة التي لا تجسد الديمقراطية. كما أن التظاهر بخلاف ذلك لن يغذي سوى جنون نظام السيسي".