هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "نيوزويك" مقالا للباحثة في منظمة "هيومان رايتس ووتش" سارة سعدون، تقول فيه إن هناك مفارقة مُرة في خطة البيت الأبيض لتطوير الأراضي الفلسطينية المحتلة اقتصاديا، التي أطلقت مؤخرا بعنوان "السلام من أجل الازدهار".
وتشير سعدون في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الخطة وضعها زوج ابنة الرئيس دونالد ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنير، إضافة إلى السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، والمبعوث الخاص للمفاوضات الدولية جاسون غرينبلات، لافتة إلى أن الصفقة تسعى بشقها الاقتصادي إلى تجميع 50 مليار دولار، معظمها من العالم العربي، سيستخدم حوالي نصفها لتطوير الاقتصاد الفلسطيني، في الوقت الذي سيذهب فيه النصف الآخر للفلسطينيين الذين يعيشون في مصر والأردن ولبنان.
وتستدرك الباحثة بأن "الخطة تغفل التعامل مع العقبات الرئيسية للتنمية الاقتصادية: إغلاق غزة والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، الأمر الذي يعد غير قانوني بحسب القانون الدولي، وهناك نظام مزدوج يتعامل مع الفلسطينيين والمستوطنين بشكل منفصل وغير متساو، وغياب التنمية الاقتصادية ليس مجرد ناتج ثانوي لهذه الانتهاكات، لكنه نتيجة لسياسات إسرائيلية متعمدة".
وتبين سعدون أنه "عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وغزة في عام 1967، فإنها عزلتها عن شركائها التجاريين سابقا، وفي عام 1968 قال وزير الدفاع الإسرائيلي حينها موشي ديان: (يمكننا خلق دمج اقتصادي.. يجب علينا ربط الكيانين، لمصلحتنا لا نريد قطع هذه الصلات مع هذه المناطق)، لكن الدمج لم يقصد به المساواة، بل على العكس، فإن إسرائيل استمرت في توسيع المستوطنات، وترسيخ نظامها العنصري ضد الفلسطينيين، حتى عندما قامت إسرائيل بعملية عكس للدمج بعد 1994، بعد اتفاقية أوسلو".
وتلفت الكاتبة إلى أنه "على مدى العقود الخمسة الماضية، استخدمت إسرائيل سيطرتها على الحدود الفلسطينية والأراضي والمياه لبناء تجمعات سكنية وحدائق لأكثر من 600 ألف مستوطن و19 منطقة صناعية، منتهكة القانون الدولي، وفي الوقت ذاته حدت بشكل كبير من نصيب الفلسطينيين من الموارد الطبيعية، ويحتاج الفلسطينيون للحصول على إذن لاستخدامها، وفي عام 1987 عندما كان أرييل شارون وزير الصناعة والتجارة، قال للكنيست إن سياسته تقوم على (التمحيص الشديد) لطلبات الفلسطينيين لإقامة مصانع، وأن (يأخذ بالحسبان الصناعات الإسرائيلية وحاجات السوق الإسرائيلية وقابلية التصدير)، وأضاف أن تهديد المنافسة الفلسطينية (يبرر إنشاء صناعات تابعة للمستوطنات)".
وتقول سعدون إن "هذا ترجم عمليا بأن الحكومة الإسرائيلية تمنح مواطنيها والأجانب تصاريح إقامة مصانع في الضفة الغربية على أراض استولت عليها بشكل غير قانوني -وعادة ما تعطي منحا سخية لتشجيع الاستثمار- في الوقت الذي تحرم فيه الفلسطينيين بشكل ممنهج من هذه التراخيص، وحتى على أراض يملكونها، وهذا خلاف الالتزامات الإسرائيلية بالقانون الدولي، حيث تميز ضد الناس الذين يجب أن تقوم الدولة المحتلة على إدارة الأراضي المحتلة لصالحهم، وتعطي ميزات لأولئك الذين يمنع القانون الدولي أن يعيشوا في ذلك المكان".
وتجد الباحثة أن "قضية المحاجر الفلسطينية تظهر كيف تتسبب القيود العنصرية بخسارة الاقتصاد الفلسطيني 241 مليون دولار سنويا، بحسب إحصائيات البنك الدولي، وتمنح إسرائيل رخصا لأحد عشر محجرا تديرها مستوطنات في الضفة الغربية، وهي توفر حوالي ربع حاجة سوق الحصى، بالرغم من أن استغلال هذه الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة يخرق القانون الدولي الإنساني، وأحد هذه المحاجر تملكها شركة (هانسون)، وهي شركة فرعية من (هيدلبيرغ سمنت) الألمانية. ومنحت الإدارة المدنية الإسرائيلية شركة (هانسون) ترخيصا باستغلال الأراضي التي استولت عليها من قرية الزاوية الفلسطينية".
وتفيد سعدون بأن "المفارقة واضحة بين الطريقة التي تعمل بها تلك المحاجر والحظر شبه التام على منح رخص للفلسطينيين للمحاجرعلى مدى ثلاثة عقود تقريبا، فمثلا توقفت السلطات الإسرائيلية عن تجديد الرخص الفلسطينية للمحاجر حول بيت فجار، وهي بلدة عدد سكانها حوالي 13500 نسمة على بعد 10 كم جنوب بيت لحم، وفي عام 2010، كانت 80% من الوظائف في البلد في الحجارة، حيث توزعت أعمال الحجارة بين 150 ورشة و40 محجرة، لكن في السنوات الأخيرة، توقفت السلطات عن تجديد الرخص للقليل من المحاجر التي سمحوا لها بالعمل، ومن يستمر من أصحاب المحاجر بالعمل يواجه غرامات كبيرة، ومصادرة للمعدات، بالإضافة إلى صعوبة في نقل منتجاتهم؛ بسبب مئات الحواجز المنتشرة في أنحاء الضفة الغربية".
وتقول الكاتبة إن "كثيرا من الصناعات الفلسطينية لديها قصص مشابهة، والسياسات الإسرائيلية تمنع نموها، في الوقت الذي تساعد فيه الصناعات غير القانونية للمستوطنات على الازدهار، وبحسب البنك الدولي، فإن القيود الإسرائيلية في المنطقة ج في الضفة الغربية، التي تقع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية فقط تكلف الاقتصاد الفلسطيني 3.4 مليار دولار في السنة".
وتختم سعدون مقالها بالقول، "إن كان البيت الأبيض يريد جلب السلام من خلال الازدهار الاقتصادي، فإنه يجب عليه أن يضغط على إسرائيل لإنهاء سياساتها العنصرية التي تساعد على خنق الاقتصاد الفلسطيني".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)