هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل
إيست آي" البريطاني مقال رأي للكاتب والمحلل السياسي، بيل لاو، سلط من خلاله
الضوء على مباشرة ولي العهد الإماراتي، محمد بن زايد، في سحب قواته العسكرية من
الأراضي اليمنية، وهو ما يمكن لنظيره السعودي، محمد بن سلمان، الاستفادة منه بطرق
عدة.
وفي تقريره الذي
ترجمته "عربي21" قال الكاتب إن انسحاب القوات الإماراتية يعد خطوة
البداية بالنسبة للمجهودات الرامية لوضع حد للحرب المتوحشة والعنيفة في اليمن. وفي
البداية، كان ولي العهد السعودي يرى في حربه هذه طريقة لثتبيت قدميه كقائد للأمة
العربية، وذلك من خلال التعويل على قصفه الجوي في شمال البلد المجاور ومساعدة
حليفه الإماراتي في الجنوب.
وأضاف الكاتب أن
السعودية والإمارات تخوضان حرب استنزاف ضد الحوثيين في اليمن، والتي يبدو أنهما
يبليان بشكل مختلف عند خوضها. وكانت لهذه الحرب حصيلة مدمرة بسقوط عدد يتجاوز 100
ألف قتيل وإصابة مئات الآلاف وتعرض الملايين لشبح المجاعة والأمراض التي كانت
الوقاية منها وعلاجها يسيرين في وقت السلم. وإن لم يكن ذلك كافيا، شهد أحد أفقر
بلدان العالم تدمير بنيته التحتية بشكل شبه كامل في العديد من المناطق.
ذكر كاتب المقال أن
محمد بن سلمان يخوض حرب استنزاف ضد خصومه في اليمن دون معرفته بأسسها والسبل
المثلى للخروج منها منتصرًا. وفي المقابل، يبدو أن ولي العهد الإماراتي محمد بن
زايد يتدبر شؤونه جيدا ولا يعاني بالقدر ذاته، لاسيما وأنه قد حقق جميع الأهداف
التي كان يسعى لتحقيقها منذ البداية تقريبا.
وبين الكاتب أن ابن
زايد لطالما كان يتبع استراتيجية واضحة وعملية في تعامله مع الحرب في اليمن، كما
أنه تمكن من تحويل أهدافه المرسومة إلى حقيقة. وكانت هذه الاستراتيجية تهدف إلى
السيطرة على مدينة عدن الساحلية الجنوبية والمطالبة بجزيرة سقطرى واستمالة
الانفصاليين جنوب اليمن بهدف تقسيمه إلى دولتين وإقامة التحالفات مع الدولة
الجنوبية المنبثقة عن هذا الانفصال.
ويمكن تفسير رغبة
الإمارات في بسط سيطرتها على سقطرى بسهولة، حيث تقبع الجزيرة التي لم يبلغها القصف
والعدوان في المياه في مفترق طرق بين شبه الجزيرة العربية وآسيا. وترغب أبو ظبي
بذلك في تقوية روابطها التجارية مع الهند وبلدان أخرى، فضلًا عن توسعة مجال
مبيعاتها الطاقية لتشمل الاقتصادات النامية الأخرى.
علاوة على ذلك، تحظى عدن هي الأخرى بأهمية كبرى لدى الإماراتيين، وذلك
لكونها قريبة من مضيق باب المندب الذي يقع على مقربة من القرن الإفريقي. وسبق لأبو
ظبي بناء الموانئ البحرية والقواعد العسكرية في أرض الصومال وأرض البنط وإريتريا،
والتي تعد مهمة لتعزيز نفوذها العسكري وحماية مضيق باب المندب.
اقرأ أيضا: تعزيزات لقوات مدعومة إماراتيا تصل شبوة جنوب اليمن
وأورد الكاتب أن
نجاحات الإماراتيين استمرت لتشمل استعادة السيطرة على ميناء مدينا المكلا الساحلية
شرق عدن بعد خوض معارك ضارية مع تنظيم القاعدة سنة 2016. نتيجة لذلك، نالت أبو ظبي
اعتراف واحترام الجنرالات الأمريكيين فيما يتعلق بجهودها في مكافحة الإرهاب، وهو
ما لم تبرع الرياض في تحقيقه وكان ينظر إليها بعين صاغرة.
في حديثه عن ولي العهد
محمد بن سلمان، قال الكاتب إنه عالق في مستنقع مواجهته للحوثيين الذين يعتبرون
خصمًا ماهرا لا يكل. وكان لهؤلاء المقاتلين اليمنيين القدرة على الاحتفاظ بسيطرتهم
على العاصمة صنعاء والعديد من الأراضي المتفرقة شمال البلاد.
ويبدي فشل السعوديين
في التصدي للهجمات الصاروخية واضحًا، وهو ما شجع الحوثيين على التقدم بواسطة
الطائرات دون طيار وشن هجمات على عديد المرافق والمطارات السعودية. ونقلت عدة
مصادر عن هؤلاء المقاتلين قولهم إنهم قادرون على استهداف أي مطار داخل الأراضي
السعودية، مما يطرح العديد من التساؤلات حول نجاعة نظام الدفاع الصاروخي الذي
تتباهى به الرياض.
وفي حين طالت السعودية
حملة إدانة واسعة النطاق بسبب نهجها المعتمد في خوض الحرب، ظلت الإمارات بمنأى
عنها ولم تكن عرضة لهجمات بتلك الحدة. وعلى الرغم من اتهام أبو ظبي بانتهاك حقوق
الإنسان في المسرح الجنوبي لعملياتها في اليمن، إلا أنها ظلت بمنأى عن مرأى
الناقدين.
بين الكاتب أن انسحاب
الإماراتيين يجب أن يدق نواقيس الخطر لدى السعوديين، والذين يستندون بدورهم إلى
حجة أنهم يضغطون في كل مرة لإجراء محادثات مع الحوثيين الذين يتفقون معهم ثم
ينسحبون في كل مرة. وبناء على ذلك، تقول الرياض إن الحوثيين أنفسهم يطيلون أمد هذه
الحرب.
أوضح الكاتب أن أفضل
طريقة لوضع حد لهذه الحرب هو إقامة حوار مع الحوثيين والجلوس للتفاوض حول بنوده.
ولتحقيق مثل هذا الأمر، يجب ألا يعتمد السعوديون لغة الإجبار والتهديد، لكن عليهم فرض جدول زمني ضيق والاستعانة ببعض
الضغوطات الدولية لنيل مأربهم.
وفي الختام، أشار
الكاتب إلى معارضة الكونغرس ومجلس اشيوخ لدعم الإدارة الأمريكية للعدوان على
اليمن، ناهيك عن قرار محمد بن زايد بسحب قواته بشكل استراتيجي من اليمن، وهو ما قد
يمثل البداية التي يحتاج إليها محمد بن سلمان لوضع حد للمجازر التي يقترفها.