على الرغم من مرور عدة أيام على إطلاق القيادي بجماعة
الإخوان المسلمين الدكتور أشرف عبدالغفار، مبادرته التي حملت عنوان "النداء الأخير"،
وتهدف لإنهاء الأزمة الداخلية التي تمر بها الجماعة، غابت ردود الفعل الرسمية من
فرقاء جماعة الإخوان المسلمين عليها.
القيادي الإخواني المحسُوب على جبهة "المكتب العام
للإخوان" أشرف عبدالغفار، قال في بيان مصور له السبت، إن مبادرته تأتي: "رأبا
للصدع، ومحاولة للملمة الشتات، فلا مجال الآن لإعادة عرض
الخلافات أو الحوار فيمن كان
محقا ومن كان غير ذلك".
وتضمنت بنود
المبادرة: "ترك الماضي خلفنا من خلافات
ومشاحنات، والتجمع والتوحد على موقف واحد، وهو إيقاف الظالم المستبد عند حده، وعدم
إعطائه الفرصة لمزيد من تدمير الوطن والهوية والدين، وعودة كافة الإخوان إلى كيان موحد
والاجتماع على موقف موحد، ورؤية موحدة واستراتيجية موحدة قائمة على ثوابت الإسلام،
ولا ثوابت غير ثوابت الإسلام".
اقرأ أيضا: "النداء الأخير".. مبادرة لقيادي بإخوان مصر لحل أزمة الجماعة
وتمر الجماعة في مصر بأزمة تاريخية إثر الانقلاب العسكري
على الرئيس الراحل محمد مرسي، فبعد نجاح الجماعة في الوصول إلى منصب الرئاسة وأغلبية
مجلسي الشعب والشورى، انقلبت الأمور بانقلاب قائد الجيش واعتقال الرئيس وقيادات الجماعة
وعدد كبير من شبابها والمتعاطفين معها منذ منتصف 2013.
وظهرت أزمة جماعة الإخوان الداخلية في أيار/ مايو
2015، بعد تباين وجهات النظر بشأن شرعية القيادة، ومن يحق له إدارة الجماعة، ومسار
مواجهة سلطة الانقلاب، وهو ما تبعه حل القائم بأعمال المرشد العام، محمود عزت، مجموعة
اللجنة الإدارية العليا الثانية، وعزل وإعفاء قيادات بعينهم، مع تشكيل لجنة إدارية
جديدة، وحل "مكتب إدارة الأزمة بالخارج".
"لنعطهم
الفرصة"
"
عربي21"،
تحدثت إلى صاحب المبادرة الذي دعا جميع الإخوان لدعم مبادرته، وقال: "أتمنى أن
نجتهد جميعا لتفعيلها حسبة لله".
وحول ردود الفعل من الفريقين داخل الجماعة حول المبادرة،
قال الدكتور عبدالغفار: "أغرب ما في الأمر هو ترحيب قواعد الإخوان وصمت القيادات"،
مضيفا: "ولكن دعنا نعطهم الفرصة".
ونفى القيادي بالإخوان تلقيه أي اتصالات من أحد القيادات،
أو الاتفاق على جلسة للم الشمل أو حوار بين الفريقين، ملتمسا العذر للجميع بقوله:
"لعل هناك بعض الترتيبات التي تسبق التواصل؛ لأني أعتقد أن الأمر فاجأ الجميع"،
مضيفا: "فلننتظر لعل القادم أفضل".
" ثلاث خطوات عملية"
وفي تعليقه، قال القيادي بجماعة الإخوان الدكتور محمد
عماد صابر: "هي نداء وليست مبادرة، والشكر لمن ينادي وينصح ويتقدم بمبادرة للم
شمل الإخوان ورأب الصدع داخلهم".
صابر، أوضح لـ"
عربي21" أن "التفريط
في عقد الأخوة انفراط لعقد الصف"، مشددا على وجوب مواصلة الجميع "محاولات
الإصلاح ولم شمل الجماعة مهما كان التحدي"، مؤكدا أنه "على الإدارة الحالية
أن تدعو الجميع بلا استثناء دون إقصاء لأحد، وبمرة واحدة؛ للجلوس بمائدة الحوار".
ودعا عضو لجنة العلاقات الخارجية ببرلمان 2012، لإنهاء
"هذا الشأن الداخلي بحل جذري يقوم على الشورى الحقيقية والمؤسسية"، موضحا
أن "كل كيان له لوائح ونظم وعلى قدر احترامه لهذه اللوائح والنظم على قدر استمراره
وعلى قدر تحقيق معايير العدل فيه".
وأكد صابر، أنه سبق أن دعا الإدارة الحالية قبل عام
بلقاء خاص لاتخاذ خطوات عملية لهذا الغرض عبر 3 خطوات، الأولى هي: "إلغاء القرارات
الصادرة بفصل وتجميد وإعفاء البعض، خاصة أنها صدرت دون تحقيق مع أحد والاعتذار عنها".
وتابع: "والخطوة الثانية هي تشكيل لجنة محبة وليست
للتحقيق؛ لإزالة ما علق بالنفوس من شوائب"، مضيفا: "وثالث الخطوات، دعوة مؤسسات
الجماعة جميعها لوضع رؤية جديدة لإدارة المرحلة المقبلة".
وأكد القيادي بالإخوان أن "الوضع الحالي للجماعة
يستوجب من الجميع -قيادة أو غير قيادة- السعي لرأب الصدع، واستعادة لحمة الجماعة، واسترداد
المحبطين، وتغيير نمط الأداء؛ لتعود الجماعة كما كانت تعلن رأيها بكل المواقف بعد دراسة
وشورى وتمحيص".
وأشار إلى أنه "قبل 4 سنوات قدم البرلمانيون المصريون
بالخارج مبادرة احتوت بنودا للإصلاح، وقمت بإدارتها والإشراف عليها حينها، وما زلت وكثير
من إخواني نسعى لتحقيق هذا الهدف، وعودة كل العقول المفكرة للقيام بواجبها تجاه دعوتها
وثورتها".
"من دون
الحل ستطول المحنة"
"أثمن
بكل تأكيد مبادرة الدكتور أشرف لحل الأزمة الداخلية للإخوان"، كانت تلك كلمات
مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية باسطنبول الدكتور ممدوح المنير.
وقال لـ"
عربي21": "أنا كمراقب وباحث
أدرك جيدا أن النزاع داخل جماعة الإخوان كان له أثر مدمر على الثورة المصرية".
وحول دور تلك المبادرة وغيرها من المبادرات والجهود
في إنهاء أزمة الجماعة، أعلن الباحث السياسي عن أسفه لصعوبة تحقق ذلك، وعدم توقعه لحلحلة
الموقف، موضحا أن "ذلك يرجع لأسباب أراها جوهرية".
المنير، قال إن "من تلك الأسباب أن كل طرف قد
تخندق في موقفه وحساباته، وأصبحت الهوة بينهما واسعة، فضلا عن انعدام الثقة بين الطرفين".
وأشار إلى أن نظرة "الجماعة بقيادة الدكتور محمود
حسين، وتعاملها مع الدكتور أشرف عبدالغفار على أنه طرف من الأطراف وليس وسيطا محايدا،
سيضعف موقف المبادرة كثيرا".
وأوضح المنير أيضا أن "هناك الكثير من الوسطاء
والجهات الذين تدخلوا سابقا ولهم قبول عند الطرفين، ولكن لم يستطيعوا حل الأزمة، وكانت
الخلافات وقتها أقل حدة مما هي عليه الآن".
ويعتقد الباحث المصري أن "الأزمة داخل جماعة الإخوان فعلت بالثورة المصرية أكثر مما فعله عبدالفتاح السيسي ونظامه"، مؤكدا أنها
"نقطة الارتكاز لحل معضلة الثورة، ومن دون حل الأزمة ستطول محنة الوطن".