هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يثير إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس، وقف العمل بكافة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ووضع آليات لتنفيذ ذلك، سؤالا حول مدى التزام السلطة بتنفيذ هذا القرار الذي يأتي ردا على هدم الاحتلال 70 شقة سكنية دفعة واحدة ببلدة "صور باهر" جنوبي القدس.
خبراء قللوا من إمكانية إقدام السلطة الفلسطينية على تنفيذ هذا القرار، لعدم جاهزيتها للتنفيذ في هذا التوقيت، وقالوا إن الخطوة تعني التخلي عن السلطة الفلسطينية.
ووقعت منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل اتفاق أوسلو للسلام عام 1993، وتبعته عدة اتفاقيات نظمت العلاقة بين الجانبين في الشأن السياسي والمدني والأمني والاقتصادي.
وتقول السلطة الفلسطينية إن إسرائيل انتهكت كل الاتفاقيات الموقعة، ولا يمكنها الاستمرار في الالتزام باتفاقيات من جانب واحد.
وفجر الاثنين، شرعت جرافات إسرائيلية، بهدم 70 شقة سكنية في وقت واحد، بوادي الحمص ببلدة صور باهر جنوبي القدس، بعد إخلاء سكانها منها، في إجراء أدانته جميع الدول الأعضاء بمجلس الأمن، باستثناء الولايات المتحدة، الثلاثاء، ما حال دون صدور بيان للمجلس لإدانة الخطوة، حيث يشترط موافقة جميع الأعضاء.
وتدعي السلطات الإسرائيلية أن البنايات مقامة بدون ترخيص في منطقة يمنع البناء فيها، لكن السلطة الفلسطينية تؤكد أن أصحاب المنازل حصلوا على رخص بناء، من الجهات المختصة (الفلسطينية) باعتبار أن منطقة البناء واقعة تحت المسؤولية المدنية الفلسطينية.
ويقع جزء من بلدة "صور باهر" ضمن حدود البلدية الإسرائيلية بالقدس، لكن جزءا كبيرا من أراضيها، بما فيها منطقة الهدم، تقع ضمن حدود الضفة الغربية، وأراضيها مصنفة (أ) و( ب).
اقرأ أيضا: وزير إسرائيلي ردا على قرارات عباس: الثمن سيدفعه الفلسطينيون
وحسب "اتفاقية أوسلو"، تنقسم الضفة الغربية إلى 3 فئات، إذ تخضع المنطقة "أ" للسيطرة الفلسطينية الكاملة والمنطقة "ب" للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية، فيما تقع المنطقة "ج" تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
ترتيبات معقدة
الخبير الفلسطيني، طلال عوكل، قال إن "هناك قرارات قديمة بشأن وقف كل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل اتخذت وتم توظيفها في سياق التهديد وليس التنفيذ".
وتساءل عوكل: "هل تنفذ السلطة الآن تهديداتها بعد مجزرة المساكن في وداي الحمص؟ لا أعتقد أن بإمكانها تنفيذها دفعة واحدة، وإنما تتخذ بعض الإجراءات الأولية".
ولفت إلى أن وقف العمل بالاتفاقيات أمر معقد لحد كبير، وقال إن "الأمر يحتاج إلى تحضيرات، وترتيبات فلسطينية ونحن غير جاهزين لذلك".
وأضاف: "على القيادة الفلسطينية أن تقوم بمراجعة كل العلاقة مع إسرائيل التي تسعى للتوسع على حساب الأراضي الفلسطينية بكل تصنيفاتها بما فيها المناطق المصنفة (أ) حسب اتفاق أوسلو".
وشدد على أنه "دون الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام فلن نتمكن من مواجهة المخطط الإسرائيلي الأمريكي... بعد تحقيق الوحدة الوطنية يمكن بناء استراتيجية تقوم على بناء مؤسسات منظمة التحرير وتفعيل المقاومة الشعبية لمواجهة هذه المخططات".
وتابع: "باتت تعلم القيادة الفلسطينية أنه لا رهان على البعد العربي والإسلامي لأنهما في حالة تدهور، والبعد الدولي بات عاجزا عن الفعل".
الاستغناء عن السلطة
متفقا مع سابقه، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، جهاد حرب، صعوبة كبيرة في قدرة السلطة الفلسطينية على تنفيذ قرارها.
وقال للأناضول إن تنفيذ القرار "يعني حل السلطة، وبالتالي تتوقف كل الالتزامات المتبادلة... في ظل الظروف الحالية أعتقد أن هناك صعوبات بالغة لاتخاذ مثل هذا القرار".
وتابع: "على السلطة الفلسطينية اتخاذ إجراءات على الأرض خلال أيام".
تهديد لن يمس جوهر "أوسلو"
سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات السياسية بالضفة الغربية (غير حكومي)، لم يختلف عن سابقيه، ورأى من جانبه أن القرار لن يرقى إلى التنفيذ الفعلي أو على الأقل لن يمس جوهر اتفاقية أوسلو وما لحقها من اتفاقيات وخاصة الشقين الاقتصادي والأمني.
اقرأ أيضا: عباس يعلن وقف العمل بكافة الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال
وفي حديثه، لفت إلى أن أي خلل في الاتفاقيات سينعكس على واقع السلطة الفلسطينية نفسه، وإمكانية استمراريتها.
وقال بشارات إن البدائل الفلسطينية محدودة، لكنها تحتاج إلى تكامل وجهد كبيرين حتى لا تخسر الكثير من الأوراق السياسية والقانونية مستقبلا، أولها التمسك بما منحها إياه القانون الدولي وفقا لاتفاقية أوسلو أن المناطق المصنفة (أ) هي تحت سيادتها الكاملة.
وأضاف أنه "لا بد من الرفض لأي تدخل إسرائيلي في المناطق (أ)، من خلال تحرك على مستويين، الأول وطني فلسطيني شعبي مقاوم، والثاني دبلوماسي دولي".
ووصف الخبير الفلسطيني عمليات الهدم في حي وادي الحمص بـأنها "إعادة احتلال للأراضي الفلسطينية".
وقال: "القيادة الفلسطينية يمكنها التوجه للجنائية الدولية، ومجلس الأمن لمساءلة إسرائيل".