هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع مجلة "فورين بوليسي" تقريرا للكاتب بارنبي بابادوليوس، تحت عنوان "الوقت ينفد من السوريين في لبنان"، يقول فيه إن لبنان جاهز لإرسال اللاجئين السوريين إلى بلادهم، إلا أنه لم يتبق لهم الكثير ليعودوا إليه.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن اللاجئة السورية فاطمة، قولها "إنهم يقتلون الأطفال، ويقتلون الجميع، ولا نستطيع العودة"، وأكثر من هذا فما الذي ستعود إليه، "لدينا بيت في مزرعة.. لكنه دمر بالكامل".
ويقول بابادوليوس إن فاطمة كانت تجلس أمام خيمتها هذا الربيع، وبعيدة عن منظر بساتين الزيتون في منطقة عكار في شمال لبنان، وقالت: "أريد العودة إلى وطني.. لكني لا أستطيع".
ويستدرك الموقع بأن السلطات الحاكمة في لبنان إلى جانب العداء المتزايد تجاه اللاجئين في الإعلام والدوائر السياسية قد يجبراها هي وغيرها من اللاجئين على البحث عن خيار، ففي الربيع أصدر المجلس اللبناني الأعلى للدفاع قرارا بوجوب ترحيل أي سوري دخل لبنان بعد 24 نيسان/ أبريل، مشيرا إلى أن الأثر كان مباشرا، ففي 26 نيسان/ أبريل تم ترحيل 16 سوريا على جناح السرعة، بحسب ما ذكرت منظمة "هيومان رايتس ووتش"، وذلك بعد وصولهم إلى مطار بيروت، رغم تعبيرهم عن المخاوف من تعرضهم للتعذيب والاضطهاد لو عادوا إلى سوريا.
ويورد التقرير نقلا عن وكالة الأنباء الوطنية، قولها إنه تم ترحيل 301 شخص من البلاد في أيار/ مايو، مشيرا إلى أنه المواد الموثوقة عن عمليات الترحيل القسري، التي حصل عليها مركز وصول لحقوق الإنسان في بيروت، تزعم حدوث انتهاكات للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر عن الأمم المتحدة.
ويفيد الكاتب بأن الشهادات تشمل على اتهامات بتعذيب اللاجئين، وضربهم على يد قوات الأمن اللبنانية، وحرمانهم من التمثيل القانوني، وإعادتهم إلى سوريا رغم المخاطر التي يواجهونها، مشيرا إلى أنه في رواية أخرى تم تسليم لاجئ إلى السلطات السورية ونقل إلى دمشق ولم يسمع عنه منذ ذلك الوقت.
ويقول الموقع إن التهديد بالترحيل الإجباري يحوم فوق مخيمات اللاجئين، مشيرا إلى قول زوج فاطمة، محمد: "يتم سجنهم أو قتلهم" يقصد العائدين، وأضاف: "يمكن تجنيدي في الجيش لو عدت إلى سوريا".
ويشير التقرير إلى أن الناشطة السورية الشابة نعمة، وهي الصحافية من مدينة حمص، حيث سجنت لأنها تحدثت ضد نظام بشار الأسد في عام 2014، وهي تعيش الآن في مدينة طرابلس اللبنانية، تعلم المصير الذي ينتظرها لو عادت إلى سوريا، فتقول: "سأعود إلى الموت.. عندما أعود إلى سوريا فسيأخذونني إلى السجن"، وهو المصير ذاته الذي ينتظر معظم السوريين العائدين، "خاصة الصحافيين والناشطين".
ويلفت بابادوليوس إلى أنه بالإضافة إلى الترحيل القسري، فإن السلطات اللبنانية تقوم بحملة غادرة لإخراج اللاجئين من البلاد، فقوانين العمل تجعل من الصعب على اللاجئين السوريين مواصلة الحياة في لبنان، مشيرا إلى أن وزير العمل كميل أبو سليمان أعلن في حزيران/ يونيو عن خطط حكومية لفرض عقوبات مالية قاسية على أصحاب الأعمال الذين يوظفون أجانب لا يحملون أذونات عمل، وهي الخطة التي أدت إلى طرد العمال في البلاد كلها؛ فنظرا لأن كلفة تصريح العمل تصل إلى 1200 دولار، فهذا يعني أن اللاجئ السوري لا يستطيع تحصيل هذا المبلغ، وعندما يصبح العيش صعبا ولا يستطيعون توفير الحاجيات الرئيسية لعائلاتهم فإنهم يضطرون لمغادرة لبنان.
ويذكر الموقع أنه بحسب منظمة "أمنستي إنترناشونال"، فإن هناك أكثر من 900 ألف سوري في لبنان، فيما تقول السلطات إن هناك حوالي نصف مليون لاجئ غير مسجلين، لافتا إلى قول الساسة اللبنانيين إن تدفق اللاجئين يضيف أعباء على الاقتصاد، ويحرم المواطنين اللبنانيين من الوظائف لصالح السوريين.
ويفيد التقرير بأن وزير الخارجية جبران باسيل قال في حزيران/ يونيو إن "اللبناني هو فوق الجميع"، وقال إن "التميز الجيني" لدى اللبنانيين يجعلهم متفوقين على السوريين، مشيرا إلى أنه بحسب تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس"، فإنه في تجمع نظمته القوات اللبنانية التي ينتمي إليها باسيل كان شعارها "شغلوا اللبناني"، وتم فيها تخريب المحلات التي يملكها السوريون من المتظاهرين الذين كانوا يهتفون "سوريا برا"، وهي جزء من حملة واسعة تهدف لإغلاق المحلات اللبنانية التي يعمل فيها السوريون.
وينقل الكاتب عن نعمة، قولها إن السوريين أصبحوا كبش فداء "فلا تعليم، ولا عمل للشباب" السوريين أو اللبنانيين، وتضيف أن البطالة تقود إلى الإحباط، وهذا يشجع الساسة اللبنانيين على تفريغ غضبهم على السوريين، وتقول نعمة: "عندما تشاهد التغريدات على (تويتر)، التي يضعها الساسة، فأنت ترى كيف يقومون بالتعامل مع الناس والمجتمع واللعب على مشاعر الناس"، وهم يقولون: "أنت بلا عمل لأن السوريين أخذوا الأعمال كلها".
ويعلق الموقع قائلا إن هذا ليس صحيحا، فبحسب أرقام منظمة العمل الدولية، فإن نسبة 92% من العمال السوريين بلا عقود عمل رسمية، وأقل من الربع يحصلون على رواتب شهرية، ومعظمهم يعملون في الزراعة والخدمة المنزلية، وهي أعمال لا يرغب اللبنانيون فيها.
ويورد التقرير نقلا عن دراسة مسحية، أجراها مركز كارنيغي، قولها إن نسبة 96% من السوريين فروا من بلادهم هربا من الأوضاع الأمنية المتدنية، وليس بسبب الظروف الاقتصادية، ومعظمهم يريدون العودة عندما تكون الأوضاع أفضل، مشيرا إلى أن الكثيرين يرغبون في العودة عندما تكون البلاد آمنة.
وينوه بابادوليوس إلى ان بعض السوريين، مثل معتصم، يعرفون الضغوط التي تضعها أعداد اللاجئين على الاقتصاد والخدمات في البلد المضيف، وكيف يؤثر العدد الكبير على الخدمات التعليمية والصحية، ولأن سوريا قريبة من لبنان فقد تأثر القطاع السياحي نتيجة لهذا الأمر، وهو يفهم نظرة اللبنانيين له، لكن لا خيار أمامه، فيقول: "لو عدت إلى سوريا فسأذهب للموت.. لو كان عندي مال لذهبت إلى أوروبا ولن أعود أبدا إلى سوريا".
وبحسب الموقع، فإنه ليس من الصعب فهم السبب،فأظهر شريط فيديو تلقاه معتصم قبل فترة من شارعه القديم في حلب، أن "في المدينة لا كهرباء، ولا ماء، والبنايات كلها دمرت، ولا شوارع ولا ناس"، لافتا إلى أن معتصم يعلم بقرارات السلطات اللبنانية لكنه سيتحداها، فقد قتل شقيقه في الغارات الروسية على إدلب، فيقول: "لقد سمعت بها.. لكنني لن أعرض عائلتي للخطر، ولا أستطيع العودة".
ويختم "فورين بوليسي" تقريره بالإشارة إلى أنه مع استمرار القتال هناك فإن السلام يظل حلما، ومن الخطورة بمكان إرسال اللاجئين الى مناطق النزاع، لكن هذا ما يحدث، حيث تزداد الضغوط على اللاجئين السوريين في لبنان يوما بعد يوم.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)