هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حالة من الانقسام داخل تيار اليسار المصري فجّرتها تصريحات أدلى بها رئيس الحزب
"العربي الديمقراطي الناصري"، سيد عبد الغني، التي أكد فيها أن هناك تطابقا بين رؤية الحزب وبين
سياسات رئيس سلطة الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي.
التصريحات المثيرة للجدل أطلقها رئيس الحزب الناصري، في حوار لصحفية "الوطن"
المحلية المؤيدة للنظام، أكد فيها أن رؤية "السيسي حول بناء الإنسان تتوافق
تماما مع برنامج الحزب الناصري"، وهو ما أغضب نشطاء وكتابا يساريين، ودفعهم
للتأكيد على عدم تأييدهم المطلق لسياسات السيسي.
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، انتقد الكاتب الصحفي اليساري حسن حسين تصريحات
رئيس الحزب العربي الديمقراطي الناصري، وقال إنها "يجب ألا تمر مرور الكرام"،
مضيفا أن "السكوت عليها من أعضاء الحزب وقواعده الجماهيرية ومستوياته القيادية؛
هي موافقة ضمنية على تلك التصريحات"، نافيا صفة الناصرية عن الحزب وعن كل الصامتين
والموافقين على تلك التصريحات التي وصفها بـ"الانتهازية".
تلك التدوينة أثارت جدلا بين أنصار اليسار المصري، ما بين رافض لحديث رئيس الحزب،
ومتهم لقيادات يسارية بالانبطاح أمام النظام الحالي، وبين مدافع عن الحزب وحديث رئيسه.
"التجربة كلها فاشلة"
وحول ما يمثله ذلك الخلاف من انقسام داخل اليسار المصري، وتفسير ظاهرة انجرار
بعض قيادات اليسار خلف تأييد النظام، قال حسين لـ"عربي21" إن "التجربة
الحزبية الليبرالية العربية كلها بلا استثناء تجربة فاشلة".
وأوضح أن سبب رؤيته هو أنها "تجربة ولدت في بيئة غير ديمقراطية، وفي مناخ
سياسي فاسد، وفي دول تديرها أنظمة حكم تابعة بشكل مباشر أو غير مباشر للاستعمار الغربي، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تتورع عن استخدام كل أساليب وأدوات القمع والقهر
بلا خوف من أي محاسبة من شعوبها".
وأكد الكاتب اليساري أن "ضمن هذه الأحزاب توجد الأحزاب اليسارية والأحزاب
القومية والناصرية، التي اعتبرها أعضاؤها أحزابا بديلة عن التنظيم الثوري، أو أحزاب
الضرورة البديلة عن الحركة العربية الواحدة والتنظيم القومي".
وأضاف حسين أنه "تم الاستسلام لكافة الشروط القانونية الشكلية المجحفة،
ورضيت تلك الأحزاب لنفسها أن تكون جزءا من النظام القائم، على أن تحاكي أدوار أحزاب
المعارضة السياسية في الحواف وليس في الجوهر، وبالتالي حجزت لنفسها مكانا هامشيا في
الحياة السياسية".
وقال إنه لكى تؤدي تلك الأحزاب هذه الأدوار "كان من الطبيعي أن يقودها
قيادات مشبوهة وملوثة ومشكوك في انتمائها العقائدي"، موضحا أن "تلك القيادات
كانت دائما تبحث عن الممكن والمناسب وليس المستهدف الحقيقي".
وأكد الكاتب اليساري أن "قرب تلك القيادات في السر أو في العلن من أجهزة
النظام الحاكم، حتى تتمكن من الاستمرار في مواقعها القيادية"، مشيرا إلى أن
"أغلب هذه القيادات الانتهازية كانت تدير صراعا محموما بينها وبين البعض، وكانت
تعينها في ذلك قاعدة جماهيرية دون وعى ولا إرادة".
وختم بالقول: "ومن ذلك كله يمكننا تفسير حالة الانقسام في صفوف التيار
السياسي الواحد، ومن ثمة الانقسام في صفوف الحركة الوطنية المصرية بأسرها".
"يسار النظام ويسار المجتمع"
وفي رؤيته، قال الناشط اليساري أشرف أيوب إن هناك فرقا بين "يسار النظام
ويسار المجتمع"، موضحا بحديثه لـ"عربي21" أن "يسار النظام مشروعه
إصلاحي. أما يسار المجتمع، فمشروعه التغيير الجذري؛ اليسار الثوري".
عضو الحركة الثورية الاشتراكية أكد أنه إثر "استفتاء 19 آذار/ مارس
2011، تم الفرز الحقيقي بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة"، موضحا أن
"من شارك في خارطة طريق الثورة المضادة دستورها وانتخاباتها، ودشن تحالفات على
أرضيتها اختار إما أن يكون يسار أو يمين الفاشيتين العسكرية أو الدينية".
ويرى أن الأحزاب اليسارية التي تعد أكثر اتساقا في موقفها هما "(التجمع)
وانشقاقه (الحزب العربي الناصري)، حيث ظلت علاقتهما العضوية بالنظام التي بدأت منذ
تشكيل المنابر داخل (الاتحاد الاشتراكي) –بفترة الستينيات من القرن الماضي- حتى التحول
إلى الأحزاب، وهما يسار النظام".
وأكد أيوب أن "الجيل الثاني الذي يقود الحزبين حاليا يحاول التمسك بهذه
العلاقة العضوية؛ حتى لا ينفرط عقدهما، بعد أن تقلصت عضويتهما، وأن غالبية قواعدهما
انتقلت إلى يسار المجتمع ناهيك عن انقسامات رأسية حادة بين فصائل اليسار القومي واليسار
الاشتراكي عل أرضية إصلاحية".
وأشار الناشط اليساري إلى أن "هناك من يحاول الاقتراب من مشروع الثورة، كأحزاب (التحالف الاشتراكي) و(العيش والحرية) و(الكرامة)، وأخر ملتصق بالنظام بشكل
ذيلي يكاد مواقفهما تتطابق معه بحجة الانتصار على الفاشية الدينية تحت عنوان الحرب
على الإرهاب".