هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رصدت صحيفة
"ميدل ايست آي" البريطانية مواقف دول الخليج من قضية كشمير، والقرار
الهندي الأخير بإلغاء الوضع الخاص لكشمير وضمها للهند.
وخلصت الصحيفة في
مقال للكاتب آزاد عيسى إلى أن دولا مثل السعودية والإمارات والبحرين خذلت
الباكستان، حيث لم يصدر عنها أي رد فعل يذكر إزاء الأزمة، بل على العكس، فقد وصف
السفير الإماراتي في نيودلهي القرار بأنه شأن داخلي، مضيفا أن ذلك من شأنه أن "يحسن العدالة الاجتماعية
والأمن وسط الناس الذين ستتعزز الثقة لديهم بالحكومة المحلية... وسوف يشجع على مزيد
من الاستقرار والسلام".
ويؤكد
المقال أنه على الرغم من أن وزارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة أصدرت
بعد ذلك بيانا أكثر جدية، إلا أن المراقبين اعتبروا تصريحات السفير الأولية أكثر تمثيلا لموقف حكومة بلاده.
الموقف
السعودي تلخّص بطلبة من "الأطراف المعنية في جامو وكشمير الحفاظ على السلام والاستقرار
في المنطقة، وأن تأخذ بعين الاعتبار مصالح شعوب المنطقة"، بينما أصدرت وزارة الخارجية
القطرية بيانا مقتضبا، دعت فيه مواطنيها إلى مغادرة كشمير "في ضوء التطورات الأخيرة". ولم يذكر البيان شيئا عن حجم القمع الذي يمارس في كشمير، كما لم يعبر عن أي قلق إزاء
مصير شعب كشمير.
ويؤكد المقال أن "القلق العميق" الذي أبداه
ملك البحرين لرئيس الوزراء الباكستاني تجلّى بوضوح عندما أعلنت وزارة الداخلية البحرينية
أنها ستتخذ إجراءات قانونية ضد مجموعة من المصلين الذين تجمهروا للإعراب عن دعمهم لكشمير
بعد أداء صلاة العيد. ولم يأت فجر اليوم التالي حتى تمت إزالة جميع المشاركات التي
نشرها أصحابها في مواقع التواصل الاجتماعي؛ تعبيرا عن تضامنهم مع أهل كشمير، سواء من
خلال تصريحات شخصية لهم، أو عبر نشر مقاطع فيديو وصلتهم.
ورغم
أن كشمير عبارة عن نزاع دولي، إلا أن الهند بذلت كل ما في وسعها لإقناع شركائها بالتعامل
مع المسألة كما لو كانت شأنا داخليا. يقول الكاتب آزاد عيسى ويؤكد
أن قوة الهند ملموسة، فهي ليست فقط ثالث أكبر مستهلك للطاقة في العالم، تستورد أكثر
من ستين بالمئة من احتياجاتها النفطية من الشرق الأوسط، بل هي أيضا ثاني أكبر شريك
تجاري لدولة الإمارات العربية المتحدة.
ويضيف
أن "ترتيب المصالح الجيوسياسية أدى إلى إعادة صياغة العلاقة بين الهند والخليج، التي باتت استراتيجية أكثر، وتقترب من المحور الإسرائيلي السعودي الإماراتي دون إقصاء
إيران، على الرغم من توقف الهند عن شراء النفط الإيراني؛ بسبب إعادة فرض العقوبات الأمريكية.
وعلى الرغم من أن إيران كانت تقليديا تعبر عن موقفها صراحة تجاه قضية كشمير، إلا أنها
هذه المرة لم ترفع عقيرتها بشيء يذكر".
ويكشف المقال أن
العلاقة تعمقت
بين المملكة العربية السعودية والهند، الأسبوع الماضي، بإعلان شركة أرامكو المملوكة
للدولة السعودية عن نيتها شراء حصة قدرها عشرون بالمئة من العمليات النفطية التي تنفذها
ريلايانس إنداستريز، والتي تعدّ واحدة من أضخم الشركات الهندية.
وبهذا
سوف تعمل الرياض مع شركة يملكها موكيش أمباني، الرجل الأوسع ثراء في آسيا، ويتوقع أن
يلعب أمباني، الذي يعرف بارتباطاته الوثيقة برئيس الوزراء نارندرا مودي، دورا محوريا في الغزو الاقتصادي الهندي لكشمير، فبعد نداء وجهه مودي الأسبوع الماضي للاستثمار في
كشمير، قال أمباني إنه سيشكل فريق عمل خاص للتصدي لاحتياجات التنمية في كشمير.
أكثر من ذلك، فقد أعلنت الهند هذا الأسبوع أن الإمارات العربية
المتحدة والبحرين سوف تستضيفان مودي في زيارتين رسميتين. وقالت أيضا إن الإمارات العربية
المتحدة سوف تمنح مودي وسام زايد، وهو أعلى منحة مدنية في البلاد، وإن زيارته إلى البحرين
ستكون الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء هندي.
ويؤكد
المقال أنه حينما تناشد السعودية كافة الأطراف "بالأخذ بعين الاعتبار مصالح شعب
المنطقة"، ثم تعمل مع الشركة التي تسعى لاستغلال ذلك الشعب ذاته، المكمم الأفواه
والمحاصر، وأن تتجرأ الإمارات العربية المتحدة على تقليد مودي بأعلى وسام لديها في هذا التوقيت ذاته، وأن تقوم البحرين كذلك باستضافته دونما خجل أو وجل، بينما مصير كشمير
ما يزال في مهب الريح، كل ذلك يثبت مدى استعداد السلطويين العرب للذهاب بعيدا في نزع
الصدقية عن معاناة شعب مظلوم؛ خشية ما يمكن أن يعنيه ذلك في نهاية المطاف بالنسبة لهم.
بينما
تعتبر إسرائيل مهمة جدا للمحور السعودي الإماراتي المصري في إخماد التطلعات الديمقراطية
للجماهير العربية، فإن الهند والصين أساسيتان بالنسبة لاقتصاديات منطقة الشرق الأوسط.
وثمة سياسة مشتركة هدفها تجنب إظهار التحدي علانية للشؤون المحلية للأطراف المعنية.
ويختم
عيسى مقاله بالقول إن "التصريحات الضعيفة والتعيسة التي تصدر عن النخب العربية
فيما يتعلق بكشمير تكشف أن المشروع الاستيطاني الاستعماري ليس مما يعارضونه، وإنما تطور
يجدون أنفسهم في انسجام تام معه".
اقرأ أيضا: الأنظمة العربية متواطئة تماما مع مشروع الهند الاستيطاني الاستعماري في كشمير