هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، على إثر قصف تعرض مواقع تابعة لميليشيات الحشد الشعبي الشيعي يعتقد أن إسرائيل تقف وراءه، تقول فيه إن الحكومة العراقية تسعى للحفاظ على سيادتها في وجه تدخلات أمريكا وحليفتها إسرائيل، وفي نفس الوقت كبح جماح الميليشيات التابعة لإيران.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي
ترجمته "عربي21"، إن الحكومة العراقية أعلنت عن فتح تحقيق في مصدر
الهجمات التي طالت قواعد ومخازن السلاح تابعة للحشد الشعبي، ورغم عدم صدور النتائج
فإن أصابع الاتهام تتجه إلى تل أبيب.
وأضافت الصحيفة أن احتمالات تعرض
دولة إسرائيل لعقوبات من الأمم المتحدة تبقى ضئيلة، إلا أن الحكومة العراقية تسعى
من خلال هذا التحقيق إلى اتخاذ موقف متوازن، تطالب من خلاله باحترام سيادة وحيادية
العراق، لتتجنب تحول أراضيها إلى ساحة صراع بين إيران من جهة، والولايات المتحدة
وإسرائيل من جهة أخرى، خاصة منذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي.
وأكدت الصحيفة أن الحكومة العراقية
تسعى لاستصدار تعهدات من واشنطن بعدم تكرر تلك الهجمات على أراضيها، إلا أنها في
المقابل تريد إظهار بعض الحزم في وجه الميليشيات التابعة لإيران، والتي تهدد بشن
هجمات على مصالح أمريكية في العراق، وتطالب بسحب الجنود الأمريكان المنتشرين على
الأرض في إطار الحرب ضد تنظيم الدولة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عراقي قوله:
"الحكومة العراقية تواجه وضعا دقيقا، حيث أنها إن اكتفت بالصمت فإن ذلك
سيجعلها في موقف ضعف، وإذا تحدثت بلهجة حادة في مواجهة الولايات المتحدة فإن بعض
عناصر الحشد الشعبي سيعتبرون الأمر بمثابة ضوء أخضر لبدء الحرب".
اقرأ أيضا: تحقيقات بغداد خلصت إلى مسؤولية إسرائيل عن الهجمات على الحشد
وأوضحت الصحيفة أن قوات الحشد الشعبي
تتكون من ميليشيات ومتطوعين من الشيعة، اجتمعوا استجابة لنداء أطلقه آية الله علي
السيستاني في حزيران/ يونيو 2014، للقتال ضد تنظيم الدولة، ويبلغ عددهم اليوم أكثر
من 150 ألف رجل، وقد تم تقنين وجود هذه الميليشيات في نهاية 2016، كما أن بعض
القادة المقربين من إيران قاموا بتشكيل تحالف الفتح، الذي أصبح ثاني قوة سياسية في
البرلمان العراقي.
واعتبرت الصحيفة أن النفوذ السياسي المتزايد
للحشد الشعبي، يحد من هامش المناورة لدى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي،
الذي تم التوافق عليه بين طهران وواشنطن، دون أن يتمتع بقاعدة حزبية قوية.
أضافت الصحيفة أن التدخل المتزايد من
الجار الإيراني، وحملة الضغط الأقصى من طرف واشنطن ضد طهران، تجعل مهمة الحكومة
العراقية في إدارة هذا الخلاف بين شريكيها معقدة جدا.
ونقلت الصحيفة عن الباحث هشام داود
قوله: "الأمريكيين يشعرون بأن العراق بصدد التحول إلى أرضية ملعب بالنسبة
لإيران من أجل تهديدهم هم وبقية دول المنطقة".
وأضاف الباحث أن "المسؤولين
الأمريكيين في البيت الأبيض يشعرون بالعداء تجاه العراق، وهم لا يمتلكون خبرة
كبيرة في الشأن العراقي، ويسعون الآن للتعامل مع هذا الملف باستخدام القوة والمواجهة
المباشرة".
ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي عراقي
قوله إن "الاستراتيجية الأمريكية في العراق تواجه صعوبات كبيرة، لأن هذا
البلد يعاني من حالة ضعف ولا يمتلك أية استراتيجية. وفي المقابل نجحت إيران في
تطوير نموذج خاص بها في لبنان واليمن، وهي الآن تريد تطبيقه في العراق".
وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن تركز
حاليا على ملفين مهمين جدا، الأول هو تعزيز الاستقلال الطاقي للعراق في مواجهة
إيران، والثاني هو السيطرة على الميليشيات المكونة للحشد الشعبي، وقد حققت واشنطن
تقدما في الملف الأول، إلا أن هنالك صعوبات كبيرة تحول دون نجاح الحكومة العراقية
في فرض قبضتها على هذه الميليشيات ومصادر تسليحها.
ونبهت الصحيفة إلى أن تجدد الهجمات
مرة أخرى على مواقع الحشد الشعبي في العراق، سوف يعزز موقف هذه الميليشيات
الموالية لإيران، والتي تطالب بانسحاب كامل للقوات الأمريكية، وذلك بعد أن فشلت في
عدة محاولات لتمرير هذا الطلب عبر البرلمان.
وفي الختام نبهت الصحيفة إلى أن
المبعوثة الأممية جنين هينيس بلاسخارت أكدت أن هذا الانسحاب الأمريكي المحتمل يطرح
عدة تساؤلات حول الاستراتيجية الأمريكية الساعية للتصدي للنفوذ الإيراني في
المنطقة، كما أنه سيشكل ضربة موجعة لجهود إعادة إعمار العراق وفرض الاستقرار فيه،
بعد الانتصار على تنظيم الدولة في نهاية العام 2017.