ملفات وتقارير

هل تنجح مصر باستمالة "السودان الجديد" لصفها بأزمة سد النهضة؟

تتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على حصتها السنوية من مياه نهر النيل- جيتي
تتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على حصتها السنوية من مياه نهر النيل- جيتي

تحاول مصر في الفترة الأخيرة استمالة المجلس العسكري السوداني لصفها وتغيير موقف الخرطوم من ملف سد النهضة الإثيوبي، بعد سنوات من التأييد السوداني غير المباشر للموقف الإثيوبي، إبان حكم الرئيس السابق عمر البشير.

وفي محاولة لاستغلال التطورات الأخيرة في السودان، الذي يشهد نظام حكم جديد بعد الإطاحة بالبشير، بحسب مراقبين، قام وزير الخارجية المصري سامح شكري بزيارة الخرطوم لتأسيس مرحلة جديدة من التعاون مع السودان، ومناقشة ملف سد النهضة مع نظيرته السودانية أسماء عبد الله.

وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على حصتها السنوية من مياه نهر النيل البالغة 55 مليار متر مكعب، بينما تقول إثيوبيا إنها تستهدف توليد الطاقة ولا تنوي الإضرار بمصالح مصر.

"مشكلة كبيرة"

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العربية هاني خلاف، إن سامح شكري ناقش خلال زيارته إلى الخرطوم الأمن المائي ومخاطر سد النهضة، مشيرا إلى أن وزير الخارجية المصري هو أول مسؤول يزور السودان بعد استقرار الأوضاع؛ "لأن مصر حريصة على تنسيق المواقف مع القيادات الجديدة تتولى حكم السودان".

وحذر وزير الري المصري محمد عبد العاطي، في ورشة عمل نظمتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بالقاهرة الاثنين الماضي، من أن عدم وصول مصر لاتفاق مع إثيوبيا حول سد النهضة، سيؤدي إلى مشكلة كبيرة تؤثر على الأمن المائي والغذائي للبلاد، مشيرا إلى أن السد قد يخفض حصة مصر من المياه بما يضر بنحو مليون أسرة تقريبا.

وسلّمت مصر لإثيوبيا والسودان الشهر الماضي رؤيتها فيما يتعلق بأسلوب ملء وتشغيل سد النهضة خلال فترات الفيضان والجفاف، وبعدها أعلن وزير المياه والري الإثيوبي سيلشي بكلي، أن بلاده ردت على الرؤية المصرية بخطاب دون أن يذكر فحواه.

وكانت مفاوضات سد النهضة الثلاثية بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم، التي بدأت قبل ثلاث سنوات، توقفت منذ سقوط الرئيس السوداني عمر البشير في نيسان/ أبريل الماضي، حتى تم استئنافها مجددا الشهر الماضي، مع بدء استقرار الأوضاع في السودان والاتفاق على المجلس السيادي والحكومة المركزية في الخرطوم.

ويقول مراقبون إن مصر تراهن على الاجتماع المرتقب مع إثيوبيا والسودان الذي سيعقد بعد يومين في أديس أبابا لحسم مدة ملء خزان سد النهضة، بناء على طلب تقدمت القاهرة به في آب/ أغسطس الماضي، حيث تريد إثيوبيا مدة ثلاث سنوات، بينما تريد مصر ملء الخزان خلال فترة من سبع إلى عشر سنوات.

"تغير متوقع"

وتعليقا على هذا الموضوع، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة الدكتور محمد حسين، إن التحركات المصرية الأخيرة تهدف إلى تنسيق المواقف مع نظام الحكم الجديد في الخرطوم؛ نظرا لوجود العديد من الملفات المهمة المشتركة بين البلدين، وعلى رأسها سد النهضة الإثيوبي.

وأشار حسين، في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "مصر هي أقرب دولة بالنسبة للسودان على مدار تاريخه، وكان الخلاف والتوتر السياسي بين الجانبين طوال العقود الثلاثة الماضية خطأ استراتيجيا من الأنظمة المصرية المتتالية، وآن الأوان لتصحيحه"، لافتا إلى أن النظام المصري بدأ التنسيق مع النظام الجديد في السودان بعد ساعات من الإطاحة بعمر البشير، حيث تم تبادل العديد من الزيارات بين الجانبين خلال الأسابيع الأخيرة.

وأكد محمد حسين أن مصر طلبت بشكل واضح من رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الذين زارا القاهرة مؤخرا، دعم الموقف المصري في مواجهة إثيوبيا التي أوشكت على الانتهاء من بناء سد النهضة، بدلا من الموقف "المائع" الذي كان البشير يتخذه طوال السنوات الماضية، متوقعا أن يتغير الموقف السوداني ليصبح مناصرا ومؤيدا لمصر في الفترة المقبلة، لافتا إلى أن مصر لن تترك السودان "يفلت منها" مجددا كما حدث من قبل.

وأشار إلى أن تغير الموقف السوداني سيكون له بعض التأثير على المفاوضات، لكنه ليس تأثيرا جوهريا، مشيرا إلى أن مفاتيح القضية في يد إثيوبيا، وكل ما تقوم به مصر هو ممارسة الضغوط عليها لإطالة مدة ملء خزان السد لتقليل الآثار الجانبية على مصر والسودان، لكن القاهرة والخرطوم، لا يمكنهما قهر أديس أبابا أو إجبارها على فعل معين.

 

اقرأ أيضا: مصر تقر بفشل مفاوضات سد النهضة وتستدعي سفراء أوروبا

"سودان ما بعد البشير"

وفي مقال للباحثة أماني الطويل، نشرته النسخة العربية من صحيفة "إندبندنت"، أشارت إلى أن موقف البشير أسهم في تعقيد ملف سد النهضة، خاصة في الفترة الأخيرة من حكمه، موضحة أن الرئيس السابق وظف ملف سد النهضة في عمليات الابتزاز المشهور بها في السياق الإقليمي.

وأكدت أن البشير مارس ضغوطا غير محمودة ضد مصر على مدى سنوات، ولكنه تراجع عنها في كانون الثاني/ يناير 2019 حينما عجز عن احتواء الثورة ضد نظام حكمه، وكان بحاجة إلى الدعم المصري المباشر لإسناده.

وأضافت الكاتبة أن غياب البشير عن المشهد السوداني لن يؤثر بشكل أساسي على مصير المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان بشأن سد النهضة، بحسب تصريحات لوزير الري الإثيوبي فريهوت ولد هانا في نيسان/ أبريل الماضي.

وأكدت أنه من المتوقع أن يفتح السودان ملف سد النهضة مجددا من زاوية تأثيره على مصالحه الاستراتيجية والوطنية، مضيفة أن الرهان المصري على الموقف السوداني فقط لم يعد كافيا، ويجب أن يكون رهان مصر فيها على أفريقيا كلها لحل أزمة سد النهضة".

التعليقات (1)
ممدوح
الجمعة، 13-09-2019 09:44 م
طفل صغير تشرح له الوضع بصورة عامة ولن يقبل باقامة السد أبدا ..لكن ماذا تفعل مع عصابة منتفعة وضارة وليست مدنية حتى تقول لا خبرة له بالموارد الاستراتيجية بل انه الجيش نفسه قام بهذه الجريمة النكراء في حق وطنه وشعبه...