هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال مراقبون إن الزيارة التي يقوم بها وزير الإنتاج الحربي المصري محمد العصار، إلى دولة الإمارات، حاليا، تطرح علامات استفهام في هذا الوقت بالتحديد، خاصة في ظل ما وصفوه بالتطورات المتسارعة والساخنة التي تشهدها الدولة المصرية، في ضوء الاحتجاجات التي تنادي برحيل رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي.
وكان العصار قد بدأ زيارة للإمارات قبل يومين بهدف بحث "تعزيز علاقات الصداقة والتعاون ودعمها وتطويرها؛ من أجل تحقيق المصالح المشتركة بين مصر والإمارات، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية.
واستعرض العصار والمسؤولون الإماراتيون "مجالات التعاون القائمة بين البلدين في الجوانب الدفاعية، وسعي البلدين إلى تنميتها لآفاق أوسع وأرحب، علاوة على تبادل وجهات النظر حول المستجدات الإقليمية والدولية، وتطورات الأحداث في المنطقة، إضافة إلى عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك".
وقالت الكاتبة الصحفية والإعلامية، سمية الجنايني، إن "أهمية الزيارة ربما تنحصر في جانبين. الأول هو مقصد الزيارة إلى الإمارات التي تعد أبرز الداعمين التقليديين لنظام السيسي، إلى جانب السعودية، والثاني هو من قام بالزيارة، وهو اللواء محمد العصار المُقرب من السيسي ومسؤول التواصل الخارجي بين المجلس العسكري والدول الأجنبية، خصوصا مع الولايات المتحدة".
وأضافت الجنايني، في تصريح لـ"عربي21": "لكن الأهم من هذين الجانبين هو توقيت الزيارة؛ حيث تشهد البلاد تظاهرات كبيرة تطالب بإزاحة السيسي من الحكم، علي خلفية اتهامات ظاهرها الفساد وباطنها ربما تعرفه دوائر محدودة داخل المجلس العسكري المصري".
"أوراق مرحلة ما بعد السيسي"
وأردفت: "لا أظن أنها زيارة بروتوكولية أو تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين بقدر ما تتعلق، بحسب البعض، بترتيب أوراق مرحلة ما بعد السيسي في مصر، ومنح تطمينات بخصوص مصالح الداعمين للنظام في حالة سقوط النظام ومن يخلفه وترتيبات الانتقال وغيرها".
وتابعت: "يقتضي تحليل الموقف في ضوء انعدام المعلومات ضرورة التطرق أيضا لوجهة نظر أخرى ترى أن الزيارة تأتي في إطار ترتيب كيفية دعم النظام الحالي بقيادة السيسي في حالة حدوث ثورة شعبية واسعة النطاق بعد عودة السيسي من نيويورك لمصر قبل نهاية الأسبوع الجاري".
واستطردت الجنايني قائلة: "الاحتمالان قابلان للترجيح بنسبة متساوية أو مناصفة بينهما، وسوف تتضح الأمور إذا عرفنا الإجابة عن السؤال الأهم، وهو: هل لا يزال العصار مؤيدا للسيسي أم أنه انقلب عليه وانضم لصفوف من يريدون الإطاحة به؟".
والتقى العصار خلال زيارته بالعديد من المسؤولين الإماراتيين، كان على رأسهم وزير الدولة لشؤون الدفاع الإماراتي محمد بن أحمد البواردي، ورئيس الأركان الإماراتي، حمد محمد ثاني الرميثي، وعدد من كبار الضباط والمسؤولين في وزارة الدفاع الإماراتي، وآخرين.
"رجل أمريكا"
وقال محمود رفعت، المتحدث السابق باسم حملة رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق، الفريق سامي عنان، إن "سفر اللواء محمد العصار إلى الإمارات بهذا التوقيت يوضح جزءا كبيرا من المشهد المصري الذي تديره أبو ظبي".
وأضاف رفعت، في تغريدة له على موقع "تويتر"، أن "العصار ليس مجرد وزير الإنتاج الحربي في مصر، بل هو رجل أمريكا منذ عقود، وهو من يدير ويخطط من خلف ستار"، مؤكدا أن "الجيش المصري يتعرض قبل باقي مؤسسات مصر لمؤامرة شعواء لتحطيمه".
وتُعد الإمارات أبرز داعمي السيسي إقليميا، حيث دعمت ومولت ثورة مضادة في مصر قادت إلى انقلاب عسكري صيف عام 2013، وعزل أول رئيس منتخب ديمقراطيا للبلاد محمد مرسي.
وعقب الانقلاب على مرسي، دعمت الإمارات السيسي بمليارات الدولارات، علاوة على قيادة حملات في الولايات المتحدة والغرب من أجل تحسين صورته ومحاولة تجميل نظامه.
"تطورات متسارعة وأحداث ساخنة"
بدوره، أكد المحلل السياسي المصري، أحمد عبدالجواد، أن تلك الزيارة بالغة الحساسية في هذا التوقيت تحديدا، خاصة في التطورات المتسارعة والأحداث الساخنة التي تشهدها الدولة المصرية، لافتا إلى أن الزيارة تطرقت بكل تأكيد لأبعاد ما يجري في مصر.
وأوضح، في حديث مع "عربي21"، أن "العصار يتمتع بثقة كبيرة لدى السيسي، خاصة أنه لم يطح به تماما من المشهد المصري وتفاعلاته، رغم أن الأخير أطاح تقريبا بكل أعضاء المجلس العسكري الذي انقلب على الرئيس مرسي، وبالتالي فمن المستبعد أن يتآمر العصار مع الإمارات على السيسي، بحسب ما يقوله البعض".
ونوّه إلى احتمالية طلب العصار من الإمارات مزيدا من الدعم للسيسي ونظامه في ضوء الأزمات الكبيرة التي يمر بها، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، خاصة أن أبو ظبي باتت هي الباب الوحيد الذي يمكن أن يعطي أموالا للسيسي بعدما توقف الدعم المالي السعودي للسيسي منذ فترة".
ورأى أن تلك الزيارة بهذا التوقيت قد تكون على غرار الزيارة التي قام بها العصار في تموز/ يوليو 2011، بعدما ترأس الوفد العسكري المصري المرسل إلى أمريكا لإجراء حوار استراتيجي، حاول خلالها التأكيد على ثوابت القوات المسلحة في التعامل مع الأوضاع القائمة في البلاد بعد ثورة يناير.
وقال عبدالجواد إن "الزيارة قد يكون لها علاقة باحتمالية تصعيد العصار خلال الفترة المقبلة ليحل بديلا لوزير الدفاع الحالي محمد أحمد زكي، وقد يكون ذهب إلى هناك من أجل التنسيق وترتيب هذا الأمر".
واستطرد قائلا: "منذ أن بدأ اسم العصار في الظهور عقب ثورة يناير وكل مواقفه تشهد بالتلون والمراوغة، وكان يمثل الجانب الخفي في السياسة التي ينفذها السيسي، وبالتالي ضمن بقاءه حتى الآن، ويمكن اعتباره بأنه أحد أهم الأشخاص في الدائرة الضيقة التي يعتمد عليها السيسي في حكمه".
اقرأ أيضا: كيف تقلصت خريطة مؤيدي السيسي بعد فيديوهات الفساد