هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انتقد سياسيون مصريون تصريحات رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح
السيسي بتحميل ثورة 25 يناير 2011، مسؤولية بناء سد النهضة، مؤكدين أن إثيوبيا
أعلنت عن عزمها لإنشاء هذا المشروع منذ عام 1979، وفي عام 2009 أعادت إحياء
المشروع، وانتهت من دراسات الجدوى الخاصة به عام 2010.
وحسب مصادر عملت بالفريق الرئاسي مع الرئيس الراحل محمد مرسي، فإن
الجهات المعنية بملف السد، تهربت من تحمل المسؤولية أمام الرئيس مرسي، وألقت
باللوم على الرئيس الأسبق حسني مبارك ومعاونيه، لأنهم لم يتعاملوا مع الموضوع
بالجدية المطلوبة منذ بدأت إثيوبيا بالتجهيز للمشروع بشكل جاد، والتعاقد مع
الجهات الممولة والشركات المنفذة بعيدا عن مصر.
ويؤكد عضو بالفريق الرئاسي الذي عمل مع الرئيس مرسي، وشارك في عدد من
الاجتماعات المشتركة التي عقدتها رئاسة الجمهورية بمشاركة وزارات الدفاع والخارجية
والري والمخابرات العامة والمخابرات الحربية، أن الأطراف الثلاثة المعنية بالحلول
كانت الدفاع والخارجية والمخابرات العامة، وكل منهم كان يلقي بالمسؤولية على
الآخرين، وخاصة على وزارة الخارجية.
ويضيف المسؤول الرئاسي السابق لـ"عربي21" أن ممثل وزارة
الدفاع ورئيس المخابرات الحربية استبعدوا منذ البداية إمكانية حدوث أي خيار عسكري
بشكل مباشر مع الجانب الإثيوبي، تجنبا للدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل الداعمة
لإثيوبيا، وأمريكا التي تعتبر الحكومة الإثيوبية أحد حلفائها المهمين بالقرن
الأفريقي، ومن ثم فإن أي مواجهة عسكرية سوف تدفع مصر للاشتباك مع جيوش أكثر
تطورا من الناحية العسكرية والتقنية من الجيش المصري.
وحسب المسؤول الرئاسي، فإن التصورات التي كان يتم تقديمها للرئيس مرسي
لم تقدم حلولا لإيقاف سد النهضة، وإنما كانت محاولات لتقليل الأضرار والتوصل
لتفاهمات مشتركة مع الجانب الإثيوبي وبدعم من السودان، للوصول لجدول زمني متعلق
بعمليات التخزين، والإدارة والتشغيل.
مجلس الأمن القومي
وفي الإطار نفسه، يكشف رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى
سابقا، رضا فهمي لـ"عربي21" جانبا من الاجتماعات التي شهدها مجلس الأمن
القومي، مشيرا إلى أنه بحكم رئاسته للجنة البرلمانية، فإنه عضو بالمجلس الذي شهد
3 اجتماعات بناء على دعوة من رئيس الجمهورية الرئيس الراحل محمد مرسي، لمناقشة
كيفية التعامل مع سد النهضة.
وحسب فهمي، فإن هناك أربع جهات هي المعنية بهذا الملف، وهي وزارة
الخارجية والمخابرات العامة والمخابرات الحربية ممثلة لوزارة الدفاع ووزارة الري،
وكانت كل جهة تحاول إلقاء المسؤولية على الجهة الأخرى في تأخر التعامل مع أزمة
موضوع السد التي بدأت فعليا عام 2007، عندما وضعت إثيوبيا الخطوط الأولى لاتفاقية
عنتيبي.
ويوضح فهمي أن وزير الخارجية السابق محمد كامل عمرو، أكد في أحد
اجتماعات المجلس التي عقدت في شهر حزيران/ يونيو 2013، أن الحلول المتعلقة بوقف
مشروع السد انتهت، ولم يعد لها وجود بعد بدء إثيوبيا في المراحل الأساسية لبناء
السد، وأصبح الرجوع عنه مستحيلا، باعتباره مشروعا قوميا تعتمد عليه الحكومة
الإثيوبية للوصول لمعدلات تنمية تساعدها اقتصاديا.
ويشير فهمي إلى أن وزير الخارجية اعترف بالدعم الإسرائيلي الكامل
لإثيوبيا لإتمام المشروع في إطار عدائها ضد مصر، بالإضافة لمشاركة دول عربية مثل
الإمارات والسعودية في تمويل السد والاستثمار في المشروعات المرتبطة به، وكذلك
الموقف الأمريكي الذي يريد استخدام السد سلاحا لتقليم أظافر الدولة المصرية
الجديدة بعد ثورة 25 يناير 2011.
ووفق رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، فإن وزارة الخارجية كان لديها
حلول دبلوماسية جيدة للتخفيف من الآثار السلبية التي سوف تترتب على إتمام المشروع،
انطلاقا من رؤيتها بأن أي حلول أخرى لم تعد ذات جدوى وانتهى زمانها بنهاية عام
2007، خاصة أن موقف السودان العملي كان داعما ومتناغما لإثيوبيا، نتيجة مواقف
نظام مبارك السيئة مع الحكومة السودانية سواء في دعم انفصال الجنوب، أو في دعم
حركات التمرد بدارفور وكردفان.
اقرأ أيضا: السيسي يحمل ثورة يناير مسؤولية ضعف مصر بملف سد النهضة
"شغل السينما"
وعن باقي الأجهزة المعنية بالملف، يؤكد فهمي أن المخابرات العامة كان
لديها خطط جيدة، منها شق صف الدول المشاركة باتفاقية عنتيبي، من خلال تقديم بعض
المساعدات لها، وأنها استطاعت بالفعل التأثير على إحدى هذه الدول، لعدم حضور
الاجتماعات المقبلة لدول الاتفاقية، وهو الغياب الذي يعرقل التوصل لأي اتفاق يتعلق
بإعادة توزيع حصص مياه النيل كما كانت تريد إثيوبيا، وهو ما كان يمكن أن يمنح مصر
مزيدا من الوقت لإعادة ترتيب حساباتها.
ويضيف فهمي أن المخابرات الحربية كانت تتحدث بلسان وزير الدفاع وقتها
عبد الفتاح السيسي، حيث قدم رئيس المخابرات الحربية في ذلك الوقت اللواء محمود
حجازي مقترحات أقرب لشغل السينما، مثل توجيه طائرة مجهولة لقصف مشروعات بالقرب من
مكان بناء السد لإجبار إثيوبيا على التفاوض مع مصر، وكسر هيبة الجانب الإثيوبي.
وعن اتهام السيسي لثورة يناير بأنها السبب في بناء السد، يؤكد فهمي
أن محاضر اجتماعات مجلس الأمن القومي من المفترض أنها موجودة برئاسة الجمهورية،
وموثق فيها كلام وزارتي الخارجية والري والمخابرات العامة، بأن نظام مبارك لم يهتم
بموضوع السد، ولم يقم بأي جهد دبلوماسي أو سياسي حتى أصبح السد أمرا واقعا منذ عام
2010.
ووفق فهمي، فإن الجهات نفسها أجمعت أيضا على أن أية خطوة لوقف المشروع
بعد هذا التاريخ أصبحت مستحيلة، وأن كل الاقتراحات والجهود التي سيتم بذلها منذ إعلان
إثيوبيا تحويل مسار السد في أيار/ مايو 2013، كانت بهدف تأجيل موعد الشح المائي، وليس حتى إمكانية منعه.
اقرأ أيضا: السيسي يقر بفشله بملف سد النهضة ويستنجد بالأمم المتحدة