هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تباينت أراء السياسيين والمحللين المصريون عن مدى نجاع سياسة الإرباك
والإنهاك التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية في زعزعة استقرار نظام الانقلاب
العسكري.
وكان المقاول والفنان المصري محمد علي دعا المصريين للاحتشاد بكل
المحافظات، على مدار أيام مختلفة بدأت بجمعة 20 أيلول/ سبتمبر الماضي، ورغم القبضة
الأمنية التي نفذها النظام ضد معارضيه، إلا أن استمرار المظاهرات بعدد من المحافظات
طوال الأسبوعين الماضيين دعا محمد علي لإعلان خطته لإرباك النظام بالتظاهر بدءا من
يوم الثلاثاء الأول من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
"الحشد الإلكتروني"
من جانبه يؤكد القيادي العمالي وعضو مجلس الشورى المصري السابق طارق
مرسي أن سياسة الإرباك والإنهاك مهمة لأنها لا تساعد فقط على استمرار روح الثورة
ومقاومة النظام، وإنما تساعد كذلك في توسيع دائرة الرافضين للنظام من عموم الشعب،
وتؤدي لإنهاك قوته الأمنية التي بثت الرعب بتشكيلاتها وتسليحها وإرهابها ضد
المتظاهرين.
ويرفض مرسي، الذي يعد أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ما يطرحه
البعض بأن غياب الأحزاب الفاعلة أو جماعة الإخوان، عن الشارع سوف يؤدي لعدم
استمرارية وقوة سياسة الإرباك، في ظل أن الجماهير لن تجد من ينظم حركتها ويطورها.
ويشير لـ "عربي21" إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تقوم
الآن بدور الحشد الذي كانت تقوم به جماعة الإخوان سابقا في الشوارع والمصانع، خاصة
وأنها أصبحت الوسيلة المتاحة والأكثر فاعلية نتيجة الظروف الأمنية والسياسية
الراهنة، كما أنها الوسيلة الأكثر تأثيرا بدليل ما جرى خلال الأيام الماضية.
ويضيف مرسي: "الثورة القادمة بمصر تستطيع أن تقتلع نظام
الانقلاب العسكري بشكل كامل، لأنه في النهاية نظام هش قائم على المصالح المتبادلة،
وإذا استمر الشعب في حركته الرافضة له بالشوارع والميادين، فإن الداعمين له سوف
يتخلون عنه في فترة وجيزة كما حدث مع مبارك الذي كان أكثر قوة وتحكما، ومع ذلك سقط
في 18 يوما فقط".
"البداية إضراب"
ويؤكد رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، عمرو عادل لـ
"عربي21" أنه "لا يمكن لأحد تجاهل الممارسات الإرهابية والإجرامية
لنظام السيسي ضد الذين أعلنوا رأيهم الرافض لوجوده، وما جرى خلال الأيام الماضية
من حالة السُعار ضد المواطنين في الشوارع، وتفتيش هواتفهم المحمولة وحساباتهم
بوسائل التواصل الإجتماعي، يؤكد أن النظام رغم هذا الإرهاب، إلا أنه مرعوب وضعيف".
ويشير عادل إلى أنهم في المجلس الثوري المصري بدأوا التجهيز لإضراب
عام في مصر، ونتيجة للظروف الراهنة فإنهم سوف ينفذون هذا الإضراب على مراحل وبشكل
آمن لا يمثل خطرا على المواطنين، والبداية من يوم الاثنين المقبل 7 تشرين الأول/
أكتوبر الجاري، بإطفاء الأنوار بالمنازل لمدة ربع ساعة، تبدأ من الساعة الثامنة
إلى الساعة الثامنة والربع مساءً في كافة مدن ومراكز وقرى مصر.
ويضيف عادل: "الهدف من ذلك هو إرسال رسالة للنظام العسكري بأن
المصريين لديهم الكثير من الوسائل لإعلان رفضهم لوجوده وليس سياساته، وأن المشكلة
ليست في بطاقات التموين أو تأجيل رفع أسعار المحروقات، وإنما الأزمة متعلقة بمستقل
واستقرار وطن بكامله يهدده هذا النظام الدموي".
اقرأ أيضا: هل تُنسي "مسكنات" السيسي المصريين "فساد القصور"؟
"توحيد الجهود"
في المقابل يرى الباحث في العلوم السياسية الدكتور أسامة أمجد، أن
سياسة الإرباك يمكن أن تحقق نتائج سريعة على المستوى القريب كما حدث خلال الأيام
الماضية، بسلسلة الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا، ورغم أنها النتائج لم
تلب طموح المعارضة الحقيقية، إلا أنها ساعدت النظام في تهدئة ثورة الغضب لدى قطاع
من الشعب.
ويؤكد أمجد لـ "عربي21" أن تكرار تجربة الإنهاك الجزائرية
بالمظاهرات الأسبوعية ربما لا يلائم الحالة المصرية، لأن نظام بوتفليقة يختلف عن
نظام السيسي، فالأول أصابه الوهن، بينما الثاني ما زال في بداياته، ولديه قبضة
حديدية ودعم دولي غير محدود، وهو ما يتطلب تنظيم صفوف معارضي السيسي، وخلق كيان
واحد يجمع الشعب بمختلف اتجاهاته.
ويعتبر الباحث السياسي أن تجربة ميدان التحرير ما زالت حاضرة في
الأذهان، لأنه مهما بدا النظام قويا، إلا أن توالي المظاهرات بشكل منتظم ومنظم،
وفي كل المحافظات سوف يفقده القدرة على الاستمرارية بنفس القوة، وفي النهاية فإن
القوة البشرية مازالت عاملا حاسما ضد أي قوة أمنية غاشمة.