هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع انطلاق الدورة البرلمانية الجديدة في تركيا، وتداول الحديث عن توقعات إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، والاستقالات التي يشهدها حزب العدالة والتنمية، تثار التساؤلات حول مستقبل التحالفات بالبلاد.
وقبيل الانتخابات الرئاسية الماضية، انطلقت التحالفات بين الأحزاب التركية، وتشكل "تحالف الشعب" والذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، فيما يضم "تحالف الأمة" حزبي الشعب الجمهوري والجيد المعارضين.
وتحتاج الأحزاب السياسية في البلاد إلى نسبة 50% من أصوات الناخبين، وهو ما تعجز كافة الأحزاب للوصول إليه، مما يستدعي إنشاء التحالفات.
وتناقلت مواقع إعلامية تركية، وكتاب أتراك، عن إشكاليات يكتنفها التحالفات في البلاد، مما قد يهدد استمرارها على ما هي.
وفي هذا الإطار قال الكاتب التركي، محرم ساري كايا، إنه من ناحية عملية فإن التحالف بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد، تمحور في أساسه على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية السابقة التي انتهت.
وأضاف في مقال له على موقع "خبر ترك"، وترجمته "عربي21"، تحت عنوان "لم تتبق تحالفات.. فلتنتهي"، مستدلا في تقريره إلى حديث قياديين في حزب الجيد، قائلا إن التحالف بين "الشعب الجمهوري" و"الجيد" هدفه الانتخابات التي انتهت بنهاية المطاف في 23 حزيران/ يونيو الماضي (انتخابات البلدية).
اقرأ أيضا: هل تركيا أمام انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة؟
وقال قيادي في حزب الجيد، إن تحالف الشعب، يختلف تماما عن تحالف الأمة، مضيفا أن "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" مازال التحالف بينهما مستمرا، لأن العمل الحكومي يجمعهما، إلا أن تحالف حزب الجيد مع الشعب الجمهوري، يختلف تماما، لأن "الهدف الأساسي من تحالفنا هو مواجهة حزب العدالة والتنمية.. وهذا يلا يعني أننا سنعمل معا على كل شيء".
واستشهد الكاتب التركي، بتصريح آخر لزعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، قال فيه: "حزب الجيد يختلف عن حزبنا، نحن لسنا نفس الحزب".
وأضاف ساري كايا، أن نظرة كليتشدار أوغلو للتحالف، ينصب فقط نحو صناديق الاقتراع لا غير.
وأشار الكاتب إلى أن حزب العدالة والتنمية يحاول التقرب أكثر باتجاه حزب الجيد، وأن هناك تطورات في مشهد الخارطة السياسية للأحزاب بالبلاد، مضيفا أن البلاد ستشهد مدا وجزرا بين الكتل السياسية.
ولفت إلى أن الأمر المثير للاهتمام، أن هذا الصراع في تفكيك التحالفات، يتم من خلال الطرف الآخر، حيث أن جهود تفكيك التحالف الآخر مستمرة من الجميع.
وأوضح أن حزب العدالة والتنمية يحاول فصل حزب الجيد عن "تحالف الأمة"، بسبب مواقفه من حزب الشعب الديمقراطي، منوها إلى أن جميع الأحزاب تتطلع لتعزيز وجودها من خلال الأطراف الأخرى.
ويتخذ حزب الجيد موقفا معاديا تجاه حزب الشعب الديمقراطي، الذي يتهم بدعمه لمنظمة العمال الكردستاني، ومنزعج من التقارب بين حزب الشعب الجمهوري والحزب الكردي.
اقرأ أيضا: أردوغان يلتقي المعارضة.. وموقف طريف مع إمام أوغلو
وفي هذا السياق قال المتحدث باسم حزب الجيد: "إذا كان حزب الشعب الجمهوري يسير على الطريق مع حزب الشعب الديمقراطي، فإن التحالف بيننا قد ينتهي".
من جانبها قالت كاتبة تركية، إن استطلاعات الرأي تشير إلى إمكانية انطلاق تحالف ثالث، يتكون من حزب الجيد، وحزب السعادة، وأطراف أخرى.
وأشارت هاندي فرات في تقرير لها على صحيفة "حرييت"، إلى لقاء سابق بين زعيم حزب السعادة، تمل كارا موللا أوغلو، ووزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان الذي انشق مؤخرا من الحزب الحاكم.
ولفتت إلى أن علي باباجان بدأ في تحضيراته لإنشاء حزبه الجديد، والذي قد ينطلق نهاية العام الجاري.
بدوره رأى الكاتب المختص بالشأن التركي، سعيد الحاج، أن الحزب الحاكم في تركيا منذ 2002، أمام تحد غير مسبوق. فمن جهة، يبدو تحالف المعارضة متماسكا أكثر من ذي قبل، وقادرا على إحداث الفرق كما ظهر في بلديتي أنقرة وإسطنبول.
وأشار في مقال له على "عربي21"، إلى التحديات التي يواجهها الحزب الحاكم، والتي برزت مؤخرا بإطلاق أحزاب سياسية جديدة ستخرج من عباءته؛ ترأسها قيادات سابقة في الحزب، مثل داوود أوغلو وعلي باباجان.
وأوضح أن المشهد السياسي قد لا يصمد حتى عام 2012 (موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية)، وقد تذهب البلاد إلى انتخابات مبكرة (بطلب من المعارضة أو حتى العدالة والتنمية نفسه) لا يمكن التكهن بنتائجها.
ونوه إلى أن "العدالة والتنمية" وضع استراتيجية جديدة تتكون من مسارات ثلاث: تقوية تحالفه، ومحاولة كسب أعضاء جدد له، والعمل على تفتيت تحالف المعارضة أو إضعافه، والسعي لتثبيت قاعدة الحزب الجماهيرية والانتخابية.
اقرأ أيضا: أردوغان يستعين برفقاء سابقين داخل إدارته بعد استقالات بحزبه
ولفت إلى أن تركيز أردوغان والحزب يبدو منصبا حاليا على منظومة التحالفات، موضحا أنه يسعى للضغط على الحزب الجيد (القومي التركي) وتحالفه مع الشعب الجمهوري من خلال عامل الشعوب الديمقراطي، وصولا للتودد للحزب ومحاولة استمالته.
ولفت إلى أن هناك إشارات مبدئية لتجاوب الحزب الجيد مع ذلك، وذلك بالتأكيد على رفضه لتحالف الشعب الجمهوري مع الشعوب الديمقراطي إن حصل، والتهديد بموقف مختلف حينها، إلى جانب بـ"المصافحة الدافئة" بين أردوغان وميرال أكشنار في احتفالية "عيد النصر" نهاية آب/ أغسطس الفائت، ومن خلال عدة تصريحات وتلميحات من قيادات في الحزب الجيد.
وأضاف أنه يوجد تركيز واضح من أردوغان على محاولة إضعاف تحالف "الأمة" المعارض أو تفتيته. وهي محاولات ما زالت في بداياتها ومن الصعب الحكم على مدى نجاحها، لا سيما وأن المعارضة ما زالت تنعم بأجواء انتصارها الرمزي الكبير في الانتخابات البلدية الأخيرة بفضل تماسك تحالفها، إضافة لرغبتها بالاستفادة من التحديات الداخلية التي يواجهها العدالة والتنمية مؤخرا.