هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف قيادي في الرابطة الحقوقية للدفاع عن حقوق الإنسان بالجزائر، عن بلوغ عدد "معتقلي الرأي"، وفق إحصائيات غير رسمية، 105 ناشطين يتوزعون عبر كامل التراب الجزائري لكن أغلبهم في العاصمة.
وأوضح مومن خليل وهو أمين عام الرابطة الحقوقية في تصريح لـ"عربي21"، أن هؤلاء المعتقلين الذين أودعوا الحبس المؤقت، ينقسمون حسب الوقائع إلى 4 فئات.
ويتعلق الأمر، وفق القيادي الحقوقي، بمساجين الراية الأمازيغية والشباب الموقوف أثناء المسيرات والمتابع على أساس التجمهر والعصيان، والمدونين وأصحاب الصفحات الداعمة الحراك، بالإضافة إلى المساجين السياسيين المتمثلين في قيادات حزبية أو نشطاء معروفين.
وأبرز خليل أن "هذه المتابعات التي استهدفت جميع التيارات السياسية المنخرطة في الحراك، تستهدف زرع الرعب في نفوس المواطنين المشاركين في المظاهرات، من أجل إضعاف الحراك وتوقيفه في مرحلة لاحقة وكذلك تحديد المتسببين في الحراك بما يتماشى مع نظرية المؤامرة والعصابة التي تتبناها السلطة.
آخر الاعتقالات
وفي آخر تطورات حملة الاعتقالات، وُضع عبد الوهاب فرصاوي، رئيس جمعية "تجمع- عمل – شبيبة" المعروفة بـ"راج"، في الحجز تحت النظر بعد اعتقاله أمس، في انتظار عرضه على وكيل الجمهورية بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة.
وكان فرصاوي قد اعتقل ظهر أمس، بعد مشاركته في وقفة تضامنية إلى جانب عائلات "السجناء السياسيين" أمام المحكمة، أثناء عرض بعض النشطاء على وكيل الجمهورية.
اقرا أيضا : منظمة العفو تندد بـ"مناخ القمع" في الجزائر
وعرفت جمعية "راج" المنخرطة بقوة في الحراك الشعبي، اعتقالات واسعة استهدفت قيادات الصف الأول فيها يوم الجمعة الماضي، أبرزهم حكيم عداد أحد مؤسسي الجمعية ورئيسها السابق، بالإضافة لكل من جلال مقراني وكمال ولد علي وماسي عيسوس وحميمي بويدر.
ويضاف إلى ذلك 3 نشطاء من "راج" كانوا قد أودعوا الحبس المؤقت قبل نحو أسبوعين، هم واسي تقرين الذي يواجه تهمة التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكريم بوتاتة وأحسن قاضي المتابعين بتهمة تهديد سلامة الوحدة الوطنية.
وقال سعيد صالحي، القيادي في ائتلاف المجتمع المدني، لـ"عربي21" إن الغاية من هذه الاعتقالات، هو قطع رأس جمعية "راج" لمُحاولة منعهم من المشاركة والتأثير في الحراك الشعبي.
وكان العشرات من الطلبة، قد اعتقلوا يوم الثلاثاء الماضي أثناء مظاهراتهم الأسبوعية بالعاصمة، لكن أغلبهم تم إطلاق سراحهم بعد عرضهم على قاضي التحقيق الذي وضعهم تحت الرقابة القضائية ولم يصدر أمر إيداعهم الحبس المؤقت.
شخصيات معروفة
ويوجد اليوم رهن الحبس المؤقت شخصيات معروفة، أبرز القائد الثوري، لخضر بورقعة، الذي اتهم بعد تصريحات له بـ"إضعاف معنويات الجيش".
ونال نفس المصير، الناشط السياسي كرم طابو، الذي وضعت له نفس التهمة ثم استفاد من الإفراج قبل أن يُعاد اعتقاله في ظرف يوم بتهمتين جديدتين هما التحريض على التجمهر ونشر منشورات من شأنها تهديد الوحدة الوطنية.
كما يوجد في نفس الوضع، فضيل بومالة وهو كاتب وصحفي معروف، وسمير بلعربي الناشط السياسي.
وكانت لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال، أولى المعتقلات بسبب لقائها مع شقيق الرئيس السابق في فترة ذروة الحراك الشعبي، وهي سجينة سياسية في تقدير محاميها مقران آيت العربي ومسؤولي حزبها لأنها كانت تحاول البحث عن حلول للأزمة.
وتتراوح التهم الموجهة للنشطاء، بين نشر منشورات تهدد سلامة الوحدة الوطنية وإضعاف معنويات الجيش والتحريض على التجمهر وإهانة هيئة نظامية، وهي تهم تستند على مواد في قانون العقوبات يراها الحقوقيون فضفاضة.
وكانت النيابة العامة، قد نفت في بيان لها أن يكون هناك سجناء سياسيون في الجزائر، على خلفية تعليق أحد المحامين بأنهم منع من تسلم ملف "سجين سياسي".
إفراط في الحبس
ويرى محامون وناشطون حقوقيون، أن هناك إفراطا في استعمال الحبس المؤقت، رغم أن الدستور الجزائري وقانون الإجراءات الجزائية، يحددان ذلك في الحالات الاستثنائية فقط.
ويقول المحامي فاروق قسنطيني، في تصريح لـ"عربي21"، إن القانون واضح في تحديد الحبس المؤقت، على من يشكلون خطرا على الأمن العام أو من يمكنهم أن يؤثروا على سير التحقيق أو من يشتبه فيهم بالفرار من العدالة.
لكن القانون –يضيف- يتيح لكل من هو معروف ولا يشكل أي خطر، أن يتمتع بالإفراج أو الرقابة القضائية إلى غاية وصول يوم محاكمته.
تمرير الانتخابات
وتربط قراءات بين تزايد موجة الاعتقالات، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، على اعتبار أن كل المعتقلين من الرافضين لتنظيم الانتخابات في الموعد الذي أعلنته السلطة في 12 كانون الأول المقبل.
وقال بوجمعة غشير الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، إن السلطة تعتقد أنها باعتقالها للنشطاء والسياسيين غير المقتنعين بتنظيم الانتخابات في هذه الظروف، ستستطيع تمرير الرئاسيات دون مشاكل.
وأبرز غشير أن هذه القراءة تبين أنها خاطئة، فكلما اعتقلت شخصيات قيادية ورموز في الحراك، إلا وزاد زخمه وأدى إلى إصرار أكبر لدى المتظاهرين على التمسك بمطالبهم.
وأضاف غشير أنه لا معنى لذهاب الجزائريين إلى صناديق الاقتراع تحت الخوف أو الإكراه، لأن ذلك يتناقض مع حرية المواطنين في الاختيار بكل ديمقراطية.
ويرى متابعون أن حملة الاعتقالات الأخيرة ستؤدي إلى تدخل دولي مُركز في الشأن الجزائري من بوابة حقوق الإنسان، وهو ما بدأ يظهر مع التنديد الشديد الذي ورد في موقف المرصد الدولي لحقوق الإنسان وبعض البرلمانيين الأوربيين.