هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تفاجأ أهالي قرية الجبعة جنوب مدينة بيت لحم قبل أيام، أثناء توجههم إلى أراضيهم الزراعية؛ بأوراق موقعة من قوات الاحتلال تفيد بنيتها مصادرة مساحات واسعة منها لأغراض استيطانية.
ورغم أن القرية لم يتبق من مساحتها إلا
بضع دونمات يقيم عليها أهاليها؛ إلا أن سلطات الاحتلال لم توفر جهدا في تسليمهم إخطارات
جديدة بمصادرة المزيد من الأراضي أسوة بعدد من القرى في الضفة المحتلة؛ والتي أصدر
الاحتلال بحقها قرارات بمصادرة أجزاء من أراضيها تحت حجج مختلفة خلال أقل من أسبوع.
ويقول رئيس مجلس قرية الجبعة ذياب مشاعلة
لـ"عربي21" إن بعض المزارعين تفاجأوا بوجود أوراق ألقاها جنود الاحتلال قي
أراضيهم تفيد بنية مصادرة 240 دونما من الأراضي المشتركة مع بلدة صوريف المجاورة، مبينا
أن "الأراضي تقع بالقرب من مسار جدار الفصل العنصري المقام على جزء منها".
وينقل مشاعلة تخوف أهالي القرية من أن
الاحتلال لن يكتفي بمصادرة هذه الدونمات فقط؛ بل سيسعى إلى مصادرة غيرها بحجة وقوعها
ضمن منطقة مداخل الجدار، ناهيك عن قانون يشرعنه بضرورة مصادرة الأراضي المحيطة به لمساحة
تمتد إلى عشرات الدونمات.
اقرأ أيضا: الاحتلال يصدر 16 قرارا بمصادرة أراض فلسطينية في الضفة
ويشير إلى أن مساحة القرية الكلية تبلغ 13 ألف دونم، ولكن الاحتلال صادر منها 11 ألفا، أي أنه لم يتبق لأهلها سوى مساحة 2000 دونم للبناء والاستخدام، حيث يبنون منازلهم على مساحة 500 دونم، والبقية يمنعهم الاحتلال من استخدامها ضمن قرارات مختلفة.
ويضيف: "الاحتلال يمنعنا كذلك من
الوصول إلى أراضينا القريبة من الجدار العنصري ويسمح لنا بذلك لأيام محددة في العام،
وحين نتوجه إليها بعد التنسيق معهم يقوم المستوطنون بملاحقتنا وضربنا والاعتداء علينا
وسرقة المحصول الذي نقطفه خاصة موسم الزيتون".
ويبين أن الاحتلال يصدر أوامر بالسماح
للأهالي بدخول أراضيهم بعد أن يتأكد من سرقة المستوطنين للمحصول، لافتا إلى أنهم قاموا
سابقا بإحراق أكثر من 700 شجرة زيتون يزيد عمرها على 40 عاما، وحين حاول الفلسطينيون
تقديم شكوى لدى الاحتلال ضدهم تم تقييدها ضد مجهول بحجة أن النيران اندلعت بشكل عادي،
وعلاوة على ذلك لم يسمح لأحد بإدخال فرق الإطفاء لإخماد الحريق.
مصادرة مستمرة
ولا يختلف الواقع الذي تعيشه قرية الجبعة
عن غيرها من القرى الفلسطينية التي يلتهم الجدار العنصري أراضيها، حيث أصدر الاحتلال
مؤخرا قرارات بمصادرة قرابة سبعة آلاف دونم ضمن موجة محمومة اعتبرها الفلسطينيون إعلان
حرب على أراضيهم.
وتتضمن القرارات الاستيلاء على نحو
500 دونم من أراضي بلدة حزما شرق القدس و150 دونما من أراضي بلدة بيت لقيا غرب رام
الله و129 دونما من أراضي بلدتي الظاهرية والسموع جنوب الخليل، وتجديد قرار الاستيلاء
على 190 دونما من أراضي عناتا شرق القدس، وشق طريق استيطاني جديد على حساب 400 دونم
من أراضي شمال الخليل، وكذلك الاستيلاء على 36 دونما في مدينة طوباس لصالح توسيع مستوطنة،
ومصادرة 409 دونمات من أراضي بلدة يعبد جنوب غرب مدينة جنين، و124 دونما من أراضي بلدتي
مجدل بني فاضل ودوما جنوب نابلس، وإصدار قرار بمصادرة 240 دونما من أراضي قرية الجبعة
وبلدة صوريف شمال الخليل.
ويوضح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان
التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية وليد عساف أن الاحتلال قام بإصدار 51 قرارا خلال
الأسبوع الماضي تتضمن مصادرة 6800 دونم.
ويقول في حديث لـ"عربي21" إن
القرارات جميعها عبارة عن تجديد لأوامر عسكرية سبق واتخذها الاحتلال، للسيطرة على أراض
تقع في مسار الجدار العنصري من أجل بناء مقاطع جديدة منه عليها.
ويبين عساف أن معظم هذه الأراضي تم تجريفها
بالكامل ما بين الأعوام 2007-2010 والسيطرة عليها فعليا؛ ولكن الاحتلال يصدر أوامر
جديدة بالاستيلاء عليها من أجل العمل على استمرار الواقع الاحتلالي الذي يقضي بمصادرة
أكبر قدر من الأراضي.
اقرأ أيضا: عريقات: هذا ما نهبه الاحتلال من مساحة الأغوار
وأضاف: "الاحتلال أصدر أوامر عسكرية
بالسيطرة على 71 ألف دونم وما وصلنا منها هي هذه القرارات الأخيرة وتتم كلها بالطريقة
ذاتها، فهي عبارة عن مجموعة أوامر يقومون بتجديدها والآن هي فترة تجديدها، حيث تم تجريف
أكثر من 50 ألف دونم منها فعليا".
وحول الخيارات المتاحة أمام الجهات الرسمية
في مقابل مثل هذه القرارات، يؤكد عساف أن لدى الفلسطينيين أقوى قرار قضائي دولي من
محكمة العدل الدولية في لاهاي، بإزالة الجدار العنصري وإعادة الأراضي كما كانت لأصحابها؛
وجبر الظلم الذي لحق بأراضيهم وتدميرها.
ويرى أن القرار الدولي يجب أن ينفذ بهذا
الخصوص لأنه صدر متضمنا عدم شرعية الأوامر العسكرية الصادرة بحق تلك الأراضي ما اعتبر
مخالفة للقانون الدولي، حيث لا يوجد قرار قانوني أكثر منه بوجوب إعادة الأراضي لأصحابها
حسب تعبيره.
ويبين عساف أن استعادة الأراضي وإيقاف
هذه الأوامر تحتاج كذلك إلى جهد سياسي وقانوني وشعبي موحد ومشترك، للضغط على الاحتلال
وإيقاف سيطرته على أراضي المواطنين.
بدوره، يعتبر الناشط الشعبي ضد الاستيطان
صلاح الخواجا أن قرارات المصادرة الأخيرة تصب في عدة اتجاهات أولها تصفية القضية الفلسطينية،
لأن قرارات مصادرة الأراضي بعضها تأكيد على قرارات سابقة وأخرى جديدة مثل القرارات
الخاصة ببلدة حزما والجبعة وصوريف، والتي قرر الاحتلال مصادرة أراضيها لصالح التوسع
الاستيطاني وبناء منطقة صناعية.
ويقول لـ"عربي21" إن السياسة
العامة لدى الاحتلال هو التسارع في الوصول إلى مرحلة مصادرة 63 بالمئة من أراضي الضفة المحتلة، التي يعتبرها فارغة
بلا سكان، لشطب حلم إقامة الدولة الفلسطينية وتأبيد الاستعمار وتعزيز الفصل العنصري.
اقرأ أيضا: كابوس جديد للمقدسيين.. الاحتلال يصادق على "تلفريك القدس"
ويؤكد أن سلسلة القرارات هذه تريد أن
تظهر محكمة العدل الدولية على أنها تحولت لمنظمة إرهابية وليست إطارا قانونيا؛ باعتبار
أنه لا يوجد فارق بين كل المنظمة وسلطات الاحتلال، ولكن كل سلطات الاحتلال هي لخدمة
المشروع الاستعماري الإسرائيلي حسب قوله.
ويتابع: "الاتجاه الآخر هو التأكيد
أنه لا مجال من أي حكومة إسرائيلية لأي حل سياسي، حيث تتوالى مثل هذه القرارات للسنة
الثالثة على التوالي، وتتضمنها أي مراسلات
ما بين الكيان والولايات المتحدة لتؤكد أن المشروع الصهيوني هو إسرائيلي وأمريكي ويفرضونه
بالقوة".
وحول خيارات السلطة المطروحة أمام ذلك،
يعتبر الخواجا أنها مفتوحة بأوسع الاتجاهات، خاصة على صعيد المنظمات الدولية ومحكمة
العدل الدولية التي لديها قضايا ترتقي لقضية جرائم حرب، مبينا بأن الاستيطان هو جزء
من ذلك.
ويتابع: "المطلوب ليس فقط خلق رأي
عام دولي ضاغط، بل اتخاذ خطوات تصعيدية دوليا، وتبني المقاومة الشعبية وخطواتها ودورها
في مقاومة الاحتلال، والضغط عليه من أجل وقف عمليات المصادرة المستمرة".