هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار مقطع مصور للسلطات المصرية، عن أوضاع
السجون والمعتقلين السياسيين، انتقادات حقوقية وسياسية، باعتباره دعاية
"بائسة" تكشف حقيقة ما تحاول إخفائه من حقائق، وانتكاسة لجهودها في
الترويج لأوضاع السجون والسجناء.
ونشرت الهيئة العامة للاستعلامات، الأحد،
فيديو مرفق به ترجمة باللغة الإنجليزية، لما قلت إنه مشاهد من داخل منطقة سجون
(طرة) بجنوب القاهرة، أثناء زيارة أعضاء من نيابة أمن الدولة العليا.
وزعمت أن المشاهد واللقاءات توضح الحالة
الحقيقية للأوضاع الصحية والغذائية والنفسية والثقافية لنزلاء سجون هذه المنطقة،
كنموذج لما هي عليه في سجون مصر الأخرى.
إلا أن الفيديو، وفق حقوقيين وسياسييين
تحدثوا لـ"عربي21"، لم يتضمن أية مشاهد حية عن أوضاع السجون الحقيقية،
فلم يعرض الفيديو أوضاع الزنازين المكتظة والضيقة وبدون أسرّة، أو لقاءات عشوائية،
أو مباشرة مع المعتقلين، ولا أنواع الطعام، وحالة المعتقلين الصحية.
"لقاءات تحت المراقبة"
وتضمن الفيديو لقاء مع مسؤول الشباب
السابق في حملة زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي الانتخابية، حازم عبدالعظيم، المتهم في القضية
734، والمعتقل في أيار/ مايو 2018، بتهمة نشر أخبار كاذبة، ومحبوس احتياطيا منذ
ذلك التاريخ، وفق بطاقة التعريف الملحقة بالفيديو.
وذكر عبدالعظيم بعض الإيجابيات داخل السجن وكذا بعض السلبيات، كانقطاع المياه المستمر، وحجم الزنزانة الصغير 9*3 أمتار،
وتكدس 17 معتقلا فيها، وافتراشهم الأرض، وشكواه من عدم قدرته على الجلوس والنهوض، وحاجته
لعملية تغيير مفصل.
وكان اللقاء الثاني، مع القيادي البارز
بالجماعة الإسلامية، صفوت عبدالغني، وأحد مؤسسيها، وهو محبوس احتياطيا، ولم يتم ذكر
التهمة الموجهة له وفق البطاقة المرفقة بالفيديو، إلا أن المعتقل ذكر في سياق
حديثه أنه معتقل على ذمة القضيتين 316، و317 لسنة 2017.
اقرأ أيضا: "الإخوان" تطالب الأمم المتحدة بمحاكمة دولية لـ"قتلة" مرسي
وقال إنه يرقد في المستشفى حاليا؛ لأنه
يعاني من تضخم في الكبد فضلا عن الضغط والسكر، وانزلاق غضروفي، ويعاني من تآكل في
الفقرات، وإنه لا يستطيع الحركة إلا بصعوبة، وهو ما يؤكد حجم الأوضاع المزرية التي
تعرض لها.
وعلق أستاذ العلوم السياسية، كبير الباحثين في مركز دراسات الشرق الأوسط، سابقا، بجامعة برلين الحرة، أحمد بدوي، على الفيديو بالقول: "الكل يعرف أن هناك كذب، وهم يعرفون ذلك، يوجد تعذيب في سجون مصر، وتوجد معاملة غير آدمية للكثيرين"، مضيفا: "لماذا نقبل كذبا بهذه السذاجة الفجة ؟".
"إدانات دولية"
وقبل أيام، نشرت الأمم المتحدة تقريرا
يقول إن لديها أدلة تثبت تورط النظام المصري في انتهاكات أدت إلى قتل الرئيس
الراحل محمد مرسي، وقد تؤدي إلى قتل آلاف المعتقلين الآخرين.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ندّد
قرار صادر عن البرلمان الأوروبي بممارسات التعذيب والمعاملة غير الإنسانية للنشطاء
والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في مصر، وما أسموه "الاستخدام المتكرر
والمقلق لعقوبة الإعدام والقتل خارج نطاق القانون، والاختفاء القسري".
"فيلم سينمائي"
وسخر رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى
المصري سابقا، عز الكومي، من الفيديو "الترويجي"، قائلا: "الفيديو
(المنمق) يأتي ضمن التحضير لتجهيز الملف المصري بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم
المتحدة، في جنيف"، مشيرا إلى أن "من أبرز الانتهاكات التي سيواجه بها
الملف المصرى: الانتهاكات التي تُرتكب باسم مكافحة الإرهاب، والتعذيب والمعاملة
السيئة للسجناء والمعتقلين، والمحاكمات الجائرة، والإفلات من العقاب".
وأضاف لـ"عربي21"،: "لذلك
قام سدنة أمن الدولة بهذه الزيارة الفاضحة لمحاولة تبييض وجه النظام فى هذا
المحفل الدولى الهام، زد على ذلك هناك منظمات إيطالية من المحتمل ان تطرح ملف الطالب المقتول ريجيني،
فضلا عن قيام كالمار المفوضة الأممية بطرح ملف قتل الرئيس محمد مرسي".
وأكد أن مثل تلك الحيل لا تنطلي على أحد،
قائلا: "هناك عدد من المنظمات الحقوقية الدولية والمصرية، مثل النديم وعدالة،
قاما بإصدار تقرير مشترك حول أوضاع
الاحتجاز في السجون المدنية والعسكرية وعن جرائم التعذيب التي ترتكب بحق المعتقلين
في مصر، وإنها أصبحت سياسة دولة".
مشيرا إلى أن "التقرير أكد على أن
الاستخدام الواسع والمنهجي للتعذيب، يأتي بتوجيهات من رأس السلطة السياسية وتحت
أعين الحكومة المصرية، على نحو يضمن حماية الجناة من المساءلة، خاصة عندما يكون
ضحايا التعذيب من المعارضين السياسيين".
"إدانة للنظام"
بدوره، اتهم مدير مركز "الشهاب لحقوق
الإنسان"، خلف بيومي، السلطات المصرية بالتضليل، قائلا: "الفيديو ينال
من سمعة النيابة قبل أن ينال من سمعة النظام"، متهما النيابة أيضا بمحاولة
تجميل صورة النظام، "مازالت التيابة تساهم في تجميل وجه النظام دون نظر للدور
الحقيقي لها، وهو الإشراف الكامل على مقار الاحتجاز والسجون وفق نص الدستور".
وأضاف لـ"عربي21": "كان
الأولى من السؤال عن صحة د. صفوت عبدالغني، البحث عن مبرر حبسه، فقد صدر له ما يقرب
من 8 قرارات بإخلاء السبيل ولم تنفذها الدولة. كان الأولى التحقيق في بلاغات
التعذيب والإهمال الطبي والتغذيب داخل السجون".
وأكد بيومي أن "من واجب النيابة
الوقوف على حجم الانتهاكات المستمرة والتحقيق مع من ارتكبها، بدلا من المشاركة في مسلسل
البريء المكرر الممل؛ فالموتى داخل السجون وصل عددهم لـ 600 معارض بسبب الإهمال
الطبي والتعذيب".
واختتم حديثه بالقول: "وما حالة جهاد الحداد
ووالده عصام الحداد، وعيد دحروج، وعصام سلطان، وأحمد عارف، وعلي عباس، وآلاف
غيرهم، منا ببعيد".