هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق جاكسون ديهيل، يقول فيه إن احتجاجات 2019 لم تؤد إلى ثمار 2011 و1989 ذاتها.
ويبدأ ديهيل مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "نقترب من نهاية العام الذي شهد احتجاجات جماهيرية في مناطق عدة حول العالم، أكثر من أي 12 شهرا في التاريخ، والمدهش أن النتائج المبهرة التي نتجت من موجات تمرد سابقة -2011 أو 1989- غائبة في عام 2019".
ويجد الكاتب أنه "مع ذلك فقد أطيح بحكام بقوا في السلطة لمدة طويلة في السودان والجزائر وبوليفيا، وأجبر رئيس الوزراء في لبنان والعراق على الاستقالة، إلا أن موجة الثورات التي أطاحت بعدة أنظمة شيوعية في أوروبا الشرقية في عام 1989، وثلاثة ديكتاتوريين عرب عام 2011، لا يوجد لها ما يماثلها هذا العام".
ويقول ديهيل إن "هذا ربما كان مثبطا، إلا أنه لا شيء يشبه مذبحة ساحة تيانامين في الصين عام 1989، ومذبحة الطلاب في المكسيك في عام 1968 والغزو السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا في العام ذاته".
ويشير الكاتب إلى أن "عدة حكومات، من هونغ كونغ إلى تشيلي، لجأت لاستخدام العنف ضد المتظاهرين، وسقط مئات الضحايا، لكن إيران وحدها هي التي استخدمت الرشاشات لتنظف الشوارع منهم، لكن لا شيء يقارن بالعنف الذي شنه بشار الأسد ضد المتظاهرين السلميين السوريين في عام 2011".
ويرى ديهيل أن "ما يميز عام 2019 هو الطريقة التي حاولت فيها الحكومات الديمقراطية والديكتاتورية، وتلك الواقعة بين الوصفين، إخضاع المحتجين من خلال المفاوضات والتنازلات ووعود الإصلاح، وهو ما يؤشر إلى تعلم القادة شيئا من ساحة تيانامين ووحشية الأسد: فهي لا تريد أن تصبح مرادفا للوحشية، وربما حمت هذه الدروس بعض الأنظمة من السقوط، وفتحت الباب أمام إمكانية تحول سياسي من خلال أحداث عام 2019".
ويلفت الكاتب إلى أن "المكان الذي يبدو فيه أن التغير حاصل هو تشيلي، التي كانت تعد من أنجح دول أمريكا اللاتينية، وبلدا مستقرا سياسيا، فتحول احتجاج ضد رفع أسعار التذاكر في القطار في تشرين الأول/ أكتوبر إلى أحداث شغب حرقت فيها محطات القطار ومراكز التسوق، ثم إلى تظاهرات جماهيرية شارك فيها مئات الآلاف، وتحركت حكومة يمين- الوسط التي يتزعمها سبستيان بنيرا من أمر الجيش بالنزول للشوارع، حيث سقط 23 شخصا على الأقل، إلى تقديم تنازلات سياسية واقتصادية".
ويذكر ديهيل أن الحكومة أعلنت في الأسبوع الماضي عن رزمة نفقات بـ5.5 مليارات دولار تهدف لخلق 100 ألف وظيفة، وأعلنت عن دعم شهري لـ1.3 مليون عائلة، وحد أدنى من الأجور، وبرامج تأمين صحي جديدة، مشيرا إلى أن أفضل شيء هو موافقة الحكومة مع المعارضة على عقد استفتاء في نيسان/ أبريل المقبل، بشأن الدستور الذي كتب في عهد الديكتاتور أوغستو بينوشيه.
ويفيد الكاتب بأن النتيجة قد تكون تغيرات واسعة في التعليم والبرامج الاجتماعية، التي كانت سبب سخط السكان في تشيلي ولسنين طويلة.
ويقول ديهيل إنه "من غير المعلوم بالتأكيد إن كانت التنازلات والبرامج ذاتها ستطبق في العراق ولبنان، لكنها محتملة بسبب استمرار التظاهرات، وحاولت الجماعات الموالية لإيران في كلا البلدين قمع المحتجين بالقوة، وقتل في العراق أكثر من 400 متظاهر، إلا أن الاضطهاد فشل وزاد من ردة الفعل السلبية ضد الطائفية بشكل عام والتأثير الإيراني بشكل خاص، وقد تزامنت استقالة عادل عبد المهدي، الذي حاولت إيران حمايته، مع الهجوم على القنصلية الإيرانية في النجف".
وينوه الكاتب إلى أن "عددا من الساسة في العراق يدفعون باتجاه انتخابات جديدة، ودعوة للإصلاح الدستوري في كل من العراق ولبنان، وكما يشير تاريخ البلدين فليس من المتوقع حدوث تغيير في وقت قريب، ومن المهم انتقال الاحتجاج من الشوارع إلى البرلمان".
ويبين ديهيل أن "الإصلاح جار أو يتم التفاوض عليه في الدول التي ضربتها التظاهرات هذا العام، بينها السودان وكولومبيا وجورجيا، لكن الحالة التي تثير الحيرة هي هونغ كونغ، التي تعد مثالا على التظاهرات في عام 2019، فعندما اندلعت التظاهرات في بداية حزيران/ يونيو؛ احتجاجا على قانون الترحيل، اعتقد بعض المحللين أن يكون الموقف الصيني قويا وألا يكون فيه تنازل من الحكومتين المحلية وبكين، وهو ما حدث، لكن المتظاهرين رفضوا ترك الشوارع".
ويشير الكاتب إلى أن "نظام شي جين بينغ قدم تدريجيا تنازلات، وسحب قانون الترحيل، وسمح بعقد انتخابات محلية التي فازت فيها المعارضة، ورغم مخاوف من ساحة تيانامين جديدة، فإن القوات ظلت في ثكناتها".
ويختم ديهيل مقاله بالقول: "ربما يتم وضع حد للمعارضة من خلال شرطة مكافحة الشغب والاعتقالات الواسعة في الأشهر المقبلة، ولو استمرت وتردد شيء في استخدام القوة لقمع التظاهرات فربما حصل المتظاهرون على تنازلات جديدة وديمقراطية ناقصة، وهو ما سيكون تواصلا مع حالات الاحتجاج في عام 2019: ليست ثورة لكنه تغيير مدروس".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)