هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تجري الانتخابات الرئاسية في الجزائر، الخميس في ظروف استثنائية، يُميّزها الاحتقان الكبير بين دعاة المشاركة وودعاة المقاطعة، ما يرهن نسبة الإقبال على التصويت التي يُخشى أن تكون في حدود دنيا.
وتقوم وسائل الإعلام الرسمية والهيئات التابعة للسلطة، بحملة دعائية واسعة للانتخابات من أجل حثّ المواطنين على الذهاب إلى الصندوق، وذلك لمواجهة تأثير حالة الرفض التي يبديها الحراك الشعبي للانتخابات.
ويبث التلفزيون العمومي نشرات خاصة ويخصص مساحات واسعة لتغطية موضوع الانتخابات، في مقابل منع عرض أي صور للمسيرات الرافضة لتنظيم الانتخابات.
بالمقابل، وجد معارضو الانتخابات، منصات التواصل الاجتماعي ليبثوا منها آراءهم، وعمد بعض "اليوتيوبرز" المعروفين إلى عرض فيديوهات تدعو للمقاطعة نالت نسب مشاهدات عالية جدا.
وأمام مخاوف المقاطعة، قررت سلطة تنظيم الانتخابات إسقاط شرط الحصول على بطاقة ناخب من أجل التصويت وتعويض ذلك ببطاقة التعريف الوطنية بالنسبة لمن هم مسجلون على القوائم الانتخابية.
تحفيزات المشاركة
وأُثير كثير من الجدل، حول الهدف من إجراء محاكمة رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية، والإصرار على إصدار الأحكام قبل يومين من موعد التصويت تحديدا.
واعتبر المحامي بوجمعة غشير أن إصدار الأحكام في هذا التوقيت الانتخابي، يُراد منه دفع المواطنين إلى التصويت، بمبرر أن السلطة قامت بواجبها في محاسبة رموز ما تسميه هي بـ"العصابة" وهم رجال الرئيس السابق.
وأوضح غشير في حديث مع "عربي21"، أن محاكمة ما يجمع عليهم الجزائريون بأنهم رموز للفساد، قد تؤثر فعلا على قطاع من الشعب وتدفعهم للتصويت، بغض النظر عن الخروقات القانونية التي شابت المحاكمة والتي لا يلتفت إليها كثيرا هؤلاء، لأنها شأن المختصين.
ويشاطر أحمد الدان القيادي في مديرية حملة المترشح عبد القادر بن قرينة هذا الطرح، ويعتبر أن ذلك يمثل حافزا للجزائريين من أجل التصويت خاصة في مناطق البلاد التي لم يكن بعض المواطنين فيها مصدقين حتى بأن الوزيرين الأولين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال في السجن، بالنظر إلى ثقل هذين الشخصين في النظام السابق.
لكن كل ذلك، لا يعني وفق الدان، أن الإقبال سيصب إلى مستويات كبيرة جدا، إذ يتوقع نسبة مشاركة عامة في حدود 30 بالمائة، وهي مقبولة في اعتقاده بالنظر إلى الظروف العامة التي تعيشها البلاد.
وأبرز الدان في حديثه مع "عربي21"، أن نسبة 30 بالمائة، تعني خروج 8 ملايين مواطن للتصويت وهو رقم لا يستهان به، مشيرا إلى أنه يفضل رئيسا بشرعية منقوصة على حالة الفراغ التي تعيشها البلاد حاليا.
وتابع المتحدث، بأن نسبة 30 بالمائة في حال الحصول عليها ستكون مرضية لكل الأطراف سواء للمشاركين في الانتخابات، أو حتى للحراك الشعبي الذي سيظهر أيضا مدى قدرته على التعبئة وإظهار حجمه الحقيقي.
وأضاف: "أهم ما يجب أن نتحلى به سواء بالنسبة للمشاركين أو المقاطعين هو السلمية، لأن الانتخابات ليس ضد أي طرف، وستكون فرصة للحصول على رئيس جمهورية بإمكانه اتخاذ القرار وتحقيق مطالب الجزائريين".
دعوة لتجنب الصدام
وباتت مخاوف الصدام في يوم التصويت، تمثل هاجسا حتى لدى الرافضين للانتخابات، فقد أصدرت 20 شخصية سياسية وناشطا بيانا يدعو لضرورة تجاوز يوم الانتخاب وعدم السقوط في فخ الاستفزاز.
ومن بين الشخصيات الموقعة على البيان، أسماء ثقيلة مثل أحمد طالب الإبراهيمي وزير الخارجية سابقا وأحمد بن بيتور رئيس الحكومة سابقا وعلي يحيى عبد النور عميد الحقوقيين الجزائريين وعبد العزيز رحابي السفير والوزير السابق والوجه البارز في المعارضة.
ناشطو الحراك يتوقعون المقاطعة
وفي جانب الرافضين للانتخابات، توقع مومن خليل الأمين العام للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، مشاركة ضعيفة جدا تتفاوت بين المناطق والولايات.
وقال خليل في حديث لـ"عربي21": "بالنظر لقوة الحراك، خاصة في الأيام الاخيرة، و مقارنة مع ضعف و فشل المسيرات المساندة للانتخابات المنظمة من قبل السلطة بوسائل الدولة، يمكن أن نجزم ان الانتخابات سقطت شعبيا و سياسيا".
وتابع خليل: "أتوقع أن تكون نسبة المشاركة جد ضعيفة، لكن السلطة في رأيي ستضع نسبة تحفظ ماء وجه الرئيس الذي اختارته وتنقذ صورتها أمام الخارج خاصة أمام الشركاء و الدول الداعمة للمسار الانتخابي".
ولوحظ في الأيام الأخيرة وصول تعزيزات أمنية مشددة، خاصة إلى المناطق المتوقع فيها حدوث بعض المناوشات، مثل منطقة القبائل التي ينتظر أن تكون فيها التصويت الأضعف.
وكان الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش في آخر خطاباته، قد دعا أفراد الجيش إلى التحلي بأعلى درجات اليقظة والجاهزية والسهر على التأمين الشامل والكامل لهذه الانتخابات".
وطالب الرجل القوي في النظام الجزائري، بالحزم والتصدي بقوة القانون لكل من يحاول تعكير صفو هذا الموعد الانتخابي الهام، على حد تعبيره.