هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "نيوستيتمان" مقالا للكاتب ساني هاندال، يقول فيه إنه بعد أسوأ حملة انتخابات في ذاكرة بريطانيا، فإنه ينبغي على الأقليات الدينية بناء وحدة بينها.
ويقول هاندال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن الطريقة التي تم فيها تحريض الأقليات الدينية في بريطانيا ضد بعضها خطيرة وغير مسبوقة.
ويشير الكاتب إلى أن هذه هي أسوأ انتخابات عامة للأقليات الدينية يمكن أن يتذكرها الإنسان، "فقد شاهدنا عنصرية واضحة قبل ذلك، لكن ليس بهذا المستوى: فقد تم تحريض الجماعات الدينية البريطانية ضد بعضها بطريقة غير مسبوقة".
ويلفت هاندال إلى أن "الإسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين ومعاداة السامية في حزب العمال موثقة ومعروفة، ففي الوقت الذي حدث فيه توتر بين المسلمين واليهود في عدد من المناسبات، فإن الجماعتين منعتا الانزلاق إلى العمق".
ويستدرك الكاتب بأن "التوترات ليست بين المسلمين واليهود فقط، بل تمت إثارتها بين الهندوس والسيخ في بريطانيا، فالذين نصبوا أنفسهم قادة للمجتمع، لم يقوموا بالحد من هذه التوترات، بل إنهم قاموا بتغديتها".
ويرى هاندال أن أثر الحملة الانتخابية السيئة سيظل على مدى سنوات طويلة، إن لم تكن عقودا، إلا إذا تم تحديه، مشيرا إلى أن الانتخابات الحالية أطلق عليها اسم "انتخابات البريكسيت" و "انتخابات الصحة الوطنية" وكذلك "انتخابات كشمير".
وينوه الكاتب إلى أنه في آب/ أغسطس، عندما قررت الحكومة الهندية إغلاق الولاية، وإلغاء وضعيتها الخاصة بالدستور الهندي، تم تنظيم التظاهرات المؤيدة للهند أمام المفوضية الهندية العامة في لندن، وتم تصعيدها وتحويلها إلى انتصار دعائي للحكومة الهندية، فيما غمرت اللقطات الغاضبة من الهند وباكستان الهواتف النقالة في بريطانيا.
ويقول هاندال إن "حزب بهاراتيا جاناتا ينتعش من خلال التلاعب بالإعلام، وقام بإنشاء نظامه الخاص في الداخل والخارج، وقال للهندوس إنه سيحقق العدالة للهندوس في كشمير، الذين تم تشريدهم من وادي كشمير على يد الإرهابيين، وإعادة الأمور إلى نصابها، لكن اعتقال المواطنين بأعداد كبيرة ومنع الاتصالات لا يعيدان الأمور إلى الحالة الطبيعية، بل إنهما يزيدان من التطرف، وسيشعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالفخر من أساليب حزب بهاراتيا جاناتا".
ويفيد الكاتب بأن "باكستان، التي دعمت الجماعات المسلحة، لم تستطع حشد الدعم الدولي، إلا أن الهند وباكستان أصبحتا بارعتين في حشد التأييد لمجتمعات الشتات، وقاد الاستقطاب إلى تظاهرات وأخرى مضادة وحملات فيديو ومقالات تتساجل بطريقة تثير الدهشة، وهذه طنجرة ضغط بانتظار الانفجار".
ويشير هاندال إلى أن "الهندوس البريطانيين يعيشون حربا أهلية، فتم التخلص من الاصوات المعادية لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم كلها، وطرد أصحابها من المؤسسات الهندوسية البريطانية، خاصة تلك التابعة للهندوس الكوجراتيين، وجاءت قيادة بهارتيا جاناتا من كوجرات، وقضت سنوات وهي تمكن صلاتها مع الكوجراتيين في الخارج، ولا يوجد هناك حضور للشباب الكوجراتيين من أصحاب الميول اليسارية ومن النادر سماع صوتهم، ويخشى هؤلاء الحديث حتى في المناسبات العائلية، وفي الولايات المتحدة خرج الخلاف السياسي بين الهندوس في شيكاغو إلى العلن، عندما احتجت جماعات هندوسية داخل مناسبة حضرها مسؤول بارز في الحكومة، وتجنب الهندوس البريطانيون هذا المصير، إلا أن الأمر هو مسألة وقت".
ويستدرك الكاتب بأن "الضرر قد حدث على مواقع الإنترنت و(واتساب)، التي انتشرت فيها الميمات والمزاعم بأن حزب العمال أصبح تحت سيطرة المسلمين، ويجب على الهندوس في هذه الحالة منح أصواتهم للمحافظين، ووصلت رسائل إلى المسلمين مثل (دعونا نظهر امتناننا للعمال والتصويت لهم)، وأدت أساليب كهذه إلى تقطيع أوصال العائلة، ولحروب شرسة على منصات التواصل".
ويبين هاندال أن "ما يجعل هذه المزاعم صحيحة هو غياب أي قائد بارز في حزب العمال من الأقلية الهندوسية يمكنه الحديث نيابة عنها، وهو فشل يحاسب عليه كوربين، ومن هنا يستخدم المحافظون اليهود والهندوس لاتهام العمال بالعنصرية، أما العمال فيستخدم المسلمين للزعم بأن الطرف الآخر عنصري. وهذه مهزلة خطيرة".
ويلفت الكاتب إلى أن "دعم الهندوس غير المباشر للمحافظين أثار مخاوف السيخ الذين يشعرون بالقلق من التوجهات القومية الهندوسية، لقد رأيت أشرطة فيديو يهاجم فيها السيخ الهندوس، وهي مثيرة للاشمئزاز ولا يمكن مشاركتها".
ويعلق هاندال قائلا إن "تشرذم المجتمعات الدينية مثير للقلق، ويجعلها فريسة سهلة ليستخدمها السياسيون وسيلة، وحظي بوريس جونسون بإعجاب من الهندوس عندما زار معابدهم لكنه لم يزر أي مسجد، وفي المقابل تدعم المساجد كوربين، وتدعو المعابد الهندوسية إلى عدم انتخاب كوربين، وقبل الطرفان وبشكل تكتيكي بأن إظهار الولاء لحزب واحد سيقوي نفوذهم".
ويقول الكاتب: "بالنسبة لنا، من هم في الوسط الذين يريدون علاقة جيدة بين المجتمعات كلها، فإن هذا أمر مقلق، ويقال لنا كل يوم لا يوجد موقع وسط فإما أن تكون عماليا أو محافظا، وإما أن تكون مع المجتمع أو ضده".
ويختم هاندال مقاله بالقول: "الحقيقة أن الأحزاب كلها تعاني من مشكلات عميقة، والطريقة الوحيدة لمعالجتها هي من خلال الوقوف معا ضد محاولات تقسيم المجتمعات الدينية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)