هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توصلت الولايات المتحدة والصين الجمعة إلى تهدئة في الحرب التجارية بينهما، مع اتفاق مرحلي يتضمن إلغاء رسوم جمركية عقابية، في هدنة بين أكبر اقتصادين في العالم تضع حدا لحرب تجارية استمرت نحو عامين بينهما وأوهنت الاقتصاد العالمي.
وغرّد الرئيس دونالد ترامب على تويتر: "وافقنا على اتفاق مرحلة أولى كبير جدا مع الصين"، وذلك بعد أن أدلى مسؤولون في بكين بإعلان مماثل.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) 13 December 2019
ويمنح ذلك زخما لترامب، الذي جعل من الحروب التجارية أساسا لسياساته الخارجية، في وقت تستعد لجنة في الكونغرس لإجراء تصويت في مجلس النواب على إجراءات عزله الأسبوع المقبل بتهمة استغلال النفوذ.
وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية طالبا عدم نشر اسمه، إنّ التوقيع على الاتفاق يمكن أن يتمّ "في الأسبوع الأول من كانون الثاني/يناير".
من جهته قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو، إن التوقيع على الاتفاق قد يتم على مستوى وزاري وليس على مستوى رئيسي البلدين.
وبعد مؤشرات لم تتحقق إلى حل النزاع بين أكبر اقتصادين في العالم، شعر المستثمرون بالارتياح لإلغاء مجموعة جديدة من الرسوم التي كان من المقرر فرضها الأحد.
والرسوم التي كان من المفترض أن تطال أجهزة إلكترونية مثل الهواتف الخلوية والحواسيب، "لن تفرض نظرا لأننا توصلنا للاتفاق"، وفق تغريدة ترامب.
وفي تنازل كبير، ستخفض واشنطن بمقدار النصف رسوما بنسبة 15 بالمئة على ما تصل قيمته إلى 120 مليار دولار من السلع الصينية، مثل الملابس، التي فرضت في الأول من أيلول/سبتمبر وكان لها تأثير أكبر على المستهلك الأمريكي من رسوم سابقة.
وقال ترامب، إن الرسوم الحالية بنسبة 25 بالمئة على سلع صينية بقيمة 250 مليار دولار، ستبقى مطبقة حتى إجراء المزيد من المفاوضات حول مرحلة ثانية من الاتفاق.
وتابع الرئيس الأمريكي أن المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تسعى إلى إصلاح أوسع بكثير للعلاقات التجارية للعملاقين، يمكن أن تبدأ "على الفور".
وأكد ترامب أن بكين قد "وافقت على العديد من التعديلات الهيكلية وعمليات الشراء الهائلة لمنتجات الزراعة والطاقة والسلع المصنعة وأكثر بكثير".
- دفع لمنتجات المزارع الأمريكية -
من جهته، قال نائب وزير التجارة الصيني وانغ شوين للصحفيين، إن واشنطن وافقت على إلغاء الرسوم على السلع الصينية "على مراحل".
وقال نائب وزير المال لياو مين، إن الصين ستلغي بدورها رسوما انتقامية مقررة في إطار الرد بالمثل على الإجراءات التي كان من المفترض أن تدخل حيز التطبيق الأحد، قبل أن يعلن إلغاؤها اليوم.
وقال وانغ، إن اتفاق المرحلة الأولى يشمل تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية وتوسيع الوصول إلى الأسواق وحماية حقوق الشركات الأجنبية في الصين، وهي مسائل تكمن في صميم شكاوى الولايات المتحدة حول سياسات بكين الاقتصادية.
وذكرت تقارير إعلامية أمريكية أن الصين ستنفق 50 مليار دولار لشراء منتجات المزارع الأمريكية، وهو طلب رئيسي من ترامب، لكن المسؤولين الصينيين لم يكشفوا أي أرقام في المؤتمر الصحفي في بكين.
وقال وانغ: "اتفق البلدان على نص اتفاق المرحلة الأولى التجاري والاقتصادي".
وتابع: "اتفق الطرفان على أنه في الخطوة التالية، سيكملان الإجراءات اللازمة للمراجعة القانونية... والتفاوض على الترتيبات المحددة للتوقيع الرسمي للاتفاق".
وأضاف: "يؤمل أن يلتزم الطرفان بالاتفاق ويعملان جاهدين لتطبيق المحتويات المتعلقة بالمرحلة الأولى من الاتفاق".
وفي مؤشر إلى استمرار التوتر، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في وقت سابق، إن واشنطن "تقمع" الصين في عدد من المجالات ومنها الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا.
وأضاف خلال ندوة حول العلاقات الدولية في بكين، إن الولايات المتحدة "أضرت بشكل خطير بأساس الثقة المكتسبة بصعوبة بين الصين والولايات المتحدة".
وبكين غاضبة أيضا من واشنطن بسبب دعمها الحراك المطالب بالديموقراطية في هونغ كونغ، ولانتقادها الصين بسبب الاعتقالات الجماعية لأقليات غالبيتها مسلمة في إقليم شينجيانغ بشمال غرب الصين.
- خفض سقف الطموحات -
ومع احتدام معركة إعادة انتخابه في 2020، يحرص ترامب على اقتناص المبادرة السياسية ليظهر للناخبين أن سياسته العقابية مع الصين أثمرت.
وتريد الولايات المتحدة في نهاية المطاف أن تقوم الصين بفتح اقتصادها الكبير أمام مزيد من السلع، وإجراء إصلاحات واسعة لما دأبت واشنطن على اعتباره تجاوزات ممنهجة بحق المستثمرين الأجانب.
ويشمل ذلك النقل القسري للتكنولوجيا والسرقة الهائلة للملكية الفكرية.
غير أن البيت الأبيض غيّر موقفه تدريجيا ليوضح أن اتفاق "المرحلة الأولى" هو كل ما يستطيع التوصل إليه في الوقت الحاضر.
وسارع المزارعون الأمريكيون الذين عانوا من الإجراءات الانتقامية الصينية إلى الترحيب بالاتفاق، لاسيّما أنّهم من أبرز المتضرّرين من الحرب التجاري، إذ إنّه منذ اندلعت هذه الحرب تراجعت الصين من المركز الثاني إلى المركز الخامس في قائمة مستوردي المنتجات الأمريكية.
وقال زيبي دوفال، رئيس "مكتب اتحاد المزارع الأمريكي"، الاتحاد الرئيسي للمزارعين في الولايات المتحدة، إنّ "إعادة فتح باب التجارة مع الصين ودول أخرى أمر ضروري لمساعدة المزارعين ومربي الماشية على الوقوف على أقدامهم مجدّدا".
وأضاف أنّ المزارعين "يفضّلون -بفارق شاسع- الزراعة للسوق على الاعتماد على المساعدات الحكومية".
من ناحيتها لفتت إدارة ترامب إلى أنّ الصين ستشتري صادرات أمريكية إضافية، "بقيمة 200 مليار دولار على الأقل خلال العامين المقبلين"، من قطاعات التصنيع والزراعة والطاقة والخدمات الأمريكية.