هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اعتمدت الحكومة المصرية على مجموعة من التقارير الدولية، في الترويج لنجاح برنامجها للإصلاح الاقتصادي خلال عام 2019.
واحتفت الحكومة بتحسن ملحوظ في عدد من المؤشرات الاقتصادية مثل الاحتياطي الأجنبي والتضخم وعجز الموازنة والبطالة إلى جانب انخفاض الدولار أمام الجنيه بنحو 11 بالمئة خلال 2019.
وتحدث وزراء ومسؤولون حكوميون عن تعافي الاقتصاد من الأزمات التي حاصرته خلال السنوات الماضية، وقالوا إنه بحلول عام 2030، سوف يتقدم على الاقتصاد المصري على الاقتصادات الروسية واليابانية والألمانية.. فما حقيقة ذلك؟
خبراء اقتصاد مصريون أكدوا لـ"عربي21"، أن الوضع الاقتصادي خلال عام 2019، ليست بالصورة الوردية التي تروجها الحكومة ويحتفي بها الإعلام التابع لنظام الانقلاب العسكري، وأن الأرقام الحقيقية لأداء البورصة والاستثمارات الأجنبية، ومعدلات النمو، وعجز الموازنة، فضحت تلاعب الحكومة بالأرقام لتضليل الرأي العام.
وحسب بيانات البنك المركزي المصري، تراجع صافى الاستثمار الأجنبى المباشر بنسبة 23 بالمئة خلال العام المالي 2018/ 2019، بالمقارنة بنفس المدة عن العام السابق 2017/2018، بينما قفز الدين الداخلي، في آذار/ مارس 2019، بنسبة 18.8 بالمئة، ووصل إجمالي الدين العام الداخلي والخارجي لما يقرب من 6 تريليونات جنيه.
وتوقع تقرير لمعهد التمويل الدولي، خروج نصف استثمارات الأجانب في محافظ الأوراق المالية، بنهاية العام المالي 2019/2020، لتسجل 9.5 مليار دولار، مقابل 18.4 مليار دولار نهاية العام المالي 2018/2019، وانخفاض استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي، بنهاية العام المالي 2020 لتصل إلى 6.2 مليار دولار.
وكشفت مبادرة أطلقها البنك المركزي المصري مؤخرا، عن تعثر أكثر من 5400 مصنعا، بعضهم دخل في مرحلة غلق نهائي، وتحدثت نشرة الكتاب الخارجي للسندات المصرية عن عام 2018/2019، عن تراجع أعداد السائحين خلال عام 2018، بمقدار مليون سائح مقارنة بعام 2017.
أقرأ أيضا: "معركة المؤشرات".. هل يتعافى اقتصاد مصر أم ينهار؟ (ملف)
تلاعب وتضليل
وفي تقييمه لأداء الاقتصاد المصري لعام 2019، يوضح رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بأكاديمية العلاقات الدولية في تركيا، أحمد ذكر الله، لـ "عربي21"، أن الحكومة اعتمدت على مجموعة من المؤشرات الاقتصادية، لتؤكد نجاح برنامجها الاقتصادي، الذي أطلقته مع صندوق النقد الدولي، وانتهى في 2019 بالحصول على آخر دفعات قرض الـ 12 مليار دولار، مؤكدا وجود معلومات وأرقام داخل هذا البرنامج، لم تفصح عنها الحكومة، لأنها تشير لكارثة حقيقية يعيشها الاقتصاد المصري.
وأكد ذكر الله، أن الحكومة تعتمد على تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار، بأكثر من جنيهين، في الترويج لقوة الاقتصاد، ولكن الواقع أن هذا التراجع لم يكن بسبب قوة الجنيه، أو وجود استثمارات أجنبية أدت لوجود سيولة في الدولار، وإنما بسبب امتلاء الخزانة المصرية بالقروض الأجنبية، وخاصة المتعلقة بالاستثمار في أدوات الدين المحلي وأذون الخزانة.
ووفق ذكر الله، فإن النمو الذي حققته الحكومة خلال 2018/2019 بمعدل 5.6 بالمئة، يمثل قفزة كبيرة، ولكن الأرقام الحقيقية تؤكد أن هذا المعدل وهمي، وأنه مرتبط بالاستثمارات الاستخراجية المتعلقة بالغاز الطبيعي والبترول، وليس نمو في قطاعات الاقتصاد الرئيسية، المتمثلة في الصناعة (بنسبة 16 بالمئة من الناتج القومي)، والزراعة (بنسبة 8 بالمئة من الناتج القومي).
وأشار الاقتصادي المصري، إلى أن وصول معدل الديون الخارجية لثلاثة أضعاف إجمالي الناتج المحلي، يؤكد أن الأموال التي اقترضتها مصر، لم تذهب لمعدلات النمو الحقيقية، مثل بناء المصانع وتوفير فرص عمل، كما أن معدل النمو الذي تتحدث عنه الحكومة، ليس له إنعكاس على أرض الواقع سواء في خفض الأسعار، أو تقليل نسبة البطالة وتراجع معدلات الفقر.
وكشف ذكر الله، عن خدعة قامت بها الحكومة المصرية للتلاعب في أرقام البطالة ومعدلات التضخم السنوية، حيث غيَّر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عام القياس الدولي وهو 2010، بعام جديد وهو 2018، واستخدم أرقامه في الحديث عن ارتفاع إنفاق المواطنين، بالإضافة لإسقاط مليون ونصف المليون امرأة خرجن من سوق العمل، حتى تقلل الحكومة نسبة البطالة.
أقرأ أيضا: كيف حولت التقارير الدولية الاقتصاد المصري لأرقام خادعة؟
أرض الواقع
ووفق البرلماني السابق، عزب مصطفي، فإن كثير من المؤسسات الدولية تقدم أرقاما جاذبة للنمو الاقتصادي في الدول التي أبرمت اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، من أجل الترويج لنجاح التجربة، ولكن الأمور على أرض الواقع تشهد بعكس ذلك، كما جري في الارجنتين واليونان، ويحدث الآن بمصر.
وأكد مصطفى، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان المصري سابقا، لـ "عربي21"، أنه بعيدا عن التلاعب في الأرقام، فإن هناك عدة أمور تعكس معدلات التقدم الاقتصادي، من أهمها توفير فرص العمل، وجذب الاسثتمارات الأجنبية في المشروعات التنموية، وتراجع الأسعار، أو أن تكون مناسبة لدخل المواطنين، وكل هذه الأمور ليست موجودة بمصر على الإطلاق.
وأشار مصطفى لفضيحة وزير المالية الأسبق، يوسف بطرس غالي، والذي كان يقدم رشاوي للمؤسسات الدولية من أجل إعداد تقارير جيدة عن برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي تنفذه حكومة أحمد نظيف، تحت إشراف لجنة السياسات بالحزب الوطني برئاسة جمال مبارك، وتبين بعدها أنها تقارير مزيفة، ومدفوعة الأجر، وهو ما يتكرر في مصر حاليا.
ودلل مصطفى ذلك، بالتقرير الذي نشرته وكالة رويترز قبل أيام، عن تراجع المستثمرين المحليين والأجانب، في شراء الأسهم المصرية المطروحة بالبورصة خلال عام 2019، نتيجة الشح الشديد في السيولة، وهو ما كان سببا في انخفاض نسبة التداول بالبورصة منذ بداية العام الجاري لما يقرب من 61 مليار جنيه (3.8 مليار دولار).