هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مر اليمن خلال العام
2019 بتقلبات سياسية وعسكرية كثيرة، وسط غياب أي أفق لوقف الحرب الدائرة منذ خمسة
أعوام التي يشنها التحالف بقيادة السعودية دعما للحكومة المعترف بها، ضد الحوثيين،
التي يدفع اليمنيون ثمنها، مجاعة وأوبئة وفقرا وأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا
للأمم المتحدة.
وبناء على ذلك، تثار
أسئلة عدة حول السيناريوهات المتوقعة لوضع البلد خلال العام 2020، في ظل تكهنات
بأن الأمور ستراوح مكانها مالم تحدث متغيرات إقليمية ودولية.
"لن يتغير شيء"
وفي هذا السياق، يقول
الكاتب والباحث السياسي اليمني، أنور الخضري: "إذا ظل الوضع بذات القوى وذات
السياسات وذات الوجوه والواجهات لن يتغير شيء".
وتابع في حديث
لـ"عربي21" بأن الجميع يراهن على الوقت لأنه لا يستطيع أن يحسم الأمور،
فيما التغير إذا أتى فسيكون بفعل تحولات في المشهد الدولي أو الإقليمي.
ووفق الخضري فإن القوى
المحلية القائمة بدون استثناء مربوطة بالخارج وأجنداته.. ووضعها مقدر حسب سيناريو
مدروس، موضحا أنه قد تستمر تفاصيل المشهد لكنها لن تحدث تغيرا أكبر وحسما كليا..
فلا الحوثي سينتصر ولن ينهزم، ولا الانتقالي كذلك، ولا حراس الجمهورية، ولا
الشرعية أيضا.
ويضيف الكاتب اليمني
أن الكل مطلوب بقدر معين. وإذا ما تغيرت المعادلة الإقليمية أو حدث اختلال في أحد أطرافها
فإن الوضع اليمني سيتغير تبعا لها.
"تيار ثالث"
من جانبه، يرى رئيس
مركز أبعاد للدارسات والبحوث، عبدالسلام محمد أن عام 2020 سيشهد تحولا في المشكلة
اليمنية باتجاه ولادة تيار ثالث جديد سيكون ضاغطا على التحالف والشرعية صوب الحسم
العسكري.
وقال في حديث خاص
لـ"عربي21": "ربما نشهد تدخلات إقليمية ودولية اكثر في القضية
اليمنية".
وتوقع محمد أن يكون
دور الإمارات ضعيفا في العام 2020، إن لم تنسحب نهائيا من الجنوب كون المؤشرات
كلها تشير إلى أن فقدت حاضنتها الشعبية وفقدت ثقة الشرعية وربما دخلت في حرب صامتة
مع السعودية.
اقرأ أيضا: الحوثيون يضعون 6 مواقع سعودية و3 بالإمارات أهدافا لهم
وأشار رئيس مركز أبعاد
اليمني إلى أن الرياض ستسعى إلى التهدئة في حرب اليمن لأجل نجاح قمة العشرين مع
البحث عن آليات جديدة للضغط على الحوثي مثل "تشجيع الانشقاقات داخل الحوثيين".
وأردف قائلا: "يبدو
أن المملكة ستواصل عدم إعطاء الشرعية الأسلحة النوعية للحسم العسكري، كما أنها
ستنشغل كثيرا بمشاكل داخلية، ربما تسعى ايران لدعم الفوضى فيها".
وبحسب السياسي اليمني
فإن الشرعية كل يوم تضعف أكثر كلما بقيت قيادتها خارج اليمن، بينما إذا استمر
الوضع، كما هو الآن، خاصة مع الحصار لها في المناطق المحررة وعدم تمكينها سياسيا
واقتصاديا إلى جانب توقف المعركة العسكرية فإنها ستنتهي وتدفن في رمال الربع
الخالي، وفق تعبيره.
لكنه استدرك قائلا: "أما
إذا تحركت الشرعية عسكريا واستعادت القرار في مدينة عدن، جنوبا فإنها "يمكن
أن تغير المعادلة خاصة والميلشيات الحوثية وميلشيات الانتقالي في وضع متدهور وفي
حالة تفكك".
وأوضح المتحدث ذاته أن
اتفاقات الرياض وستكهولم هشة وليس لها سند شعبي ولا قانوني وفشلت في أي تهدئة كما
فشلت في حل المشاكل الإنسانية والاقتصادية ولذلك سنشهد انهيارا لها في حال قررت
الحكومة الشرعية التحرك العسكري لاستعادة سيادتها.
"تصعيد عسكري"
من جهته، أكد الخبير
اليمني في الشؤون الأمنية والعسكرية، علي الذهب أن ثمة اتجاه لاستئناف التصعيد
العسكري في جبهة الساحل الغربي، بين الحوثيين والقوات الحكومية، مرجعا ذلك إلى
"تعثر تنفيذ اتفاقيات ستوكهولم 2018، واستجابة للتصعيد الحوثي الذي صرح به
المتحدث العسكري التابع للحوثيين، حول وضع عدة أهداف استراتيجية، إماراتية
وسعودية، على خريطة العمليات لعام 2020.
وقال في حديث خاص
لـ"عربي21": قد نشهد تطورا في هذا الاتجاه في الهجمات الصاروخية، وعلى
نحو أكثر، الطائرات الصغيرة المسيرة من بعد، بصرف النظر عن أن يكون مصدرها إيران،
أو أن يدعي الحوثيون الوقوف وراءها.
وتوقع الخبير اليمني أن القتال سيزداد ضراوة في الجبهات الشمالية والشمالية
الغربية (الجوف، وصعدة، وحجة)، فيما يتخذ القتال في الضالع ولحج وتعز، جنوبا طابعا
قتاليا مترددا، بقصد الضغط المتبادل بين الطرفين.
وفي محاولات تحقيق
السلام بين أجنحة السلطة الشرعية، يشير الذهب إلى أن ثمة ضغطا سعوديا لتنفيذ اتفاق
الرياض، ومحاولة إماراتية لعرقلة ذلك، وخلق واقع جديد تخلط فيه الأوراق، وتعيد
للمجلس الانتقالي الموالي لها، قوته والزخم الشعبي الذي بدأ في التراجع.
"وضع حقوق الإنسان"
وفي سياق مواز، بدا
رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، توفيق الحميدي متشائما، بشأن وضع
حقوق الإنسان خلال العام المقبل 2020.
وقال الحميدي
لـ"عربي21" إن حالة حقوق الإنسان فيه، ستكون امتدادا للأعوام السابقة من
حيث نوعية الانتهاكات التي تمارس ضد المدنيين، سيكتشف العالم مزيدا السجون غير
القانونية تتبع فصائل مقاتلة مع أطراف الصراع أو سجون تتبع جماعة الحوثي.
وأضاف أن "نهج
الإخفاء القسري والتعذيب سيستمر، بالإضافة إلى الانتهاكات بحق الطفولة والمرأة،
ومصادرة الحريات والتضيق على الحريات الصحفية ، وغياب الدولة، واستغلال للقضاء
لتصفية الخصوم".
وتابع: "من حيث
الكمية لا نستطيع التنبؤ بها بشكل دقيق، مؤكدا أنها ستخضع للفعل السياسي والتحرك
الدولي، باستمرار المفاوضات بين السعودية والحوثي ونجاحها بشكل كلي أو جزئي بلا شك
سوف يخفف من الغارات الجوية وبالتالي
تقليل حجم الخسائر البشرية والمادية ضد المدنيين العزل".
كما توقع رئيس منظمة
"سام" الذي تتخذ من جنيف مقرا لها، "استمرار المبادرات المحلية
التفاوضية بشأن الأسرى والمعتقلين، مبديا تفاؤله بتحقيق اختراقات مهمة في حال
استمرار الواقع السياسي والعسكري على حالة، مالم يشهد الميدان تغيرات كبيرة.
في المقابل، ذكر
الحقوقي اليمني أن الإمارات والسعودية ستوصلان ممارسة أدوارها العلنية والسرية في
تكميم أفواه المعارضة سواء بصورة مباشرة أو غير أدواتها،
ولم يستبعد أن يكشف
عام 2020 عن انتهاكات سابقة في مناطق سيطرة القوى المسلحة بحسب بعض البيانات،
إضافة إلى منع الصيادين من حقوقهم القانونية في الصيد سواء في مديريات المخا
والتحيتا الساحلية على البحر الأحمر، وصولا إلى محافظة المهرة، على بحر العرب،
شرق اليمن.
ولفت رئيس المنظمة
اليمنية إلى أن استمرار غياب وضعف المؤسسات القضائية الشرعية بسبب الصراع السياسي
القائم، يجعل من القوى الأمنية والمسلحة هي المتحكمة بالمشهد على الأرض.
وبحسب المتحدث ذاته فإن انهيار أو تعثر اتفاقية الرياض، سيزيد من
الانتهاكات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى استمرار الوضع الإنساني وغياب الشفافية في
العمل الإغاثي وتبادل الاتهامات بين الأطراف دون أي تغيير على الواقع.
وللعام الخامس على
التوالي، يشهد اليمن حربا بين القوات التابعة للحكومة ومسلحي "الحوثيين"
المتهمين بتلقي دعم إيراني، والمسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء.