هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا، للصحافيين سامر الأطرش وإيليا أرخيبوف وسيلكان هاكوغلو، يتحدثون فيه عن محاولة روسيا وتركيا التوسط في هدنة في ليبيا.
ويبدأ الكتّاب تقريرهم، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إن "خليفة حفتر كان يتوقع أن يفرش له السجاد الأحمر في الكرملين، وبدلا من ذلك فإنه تم وضعه في غرفة تابعة لوزارة الخارجية الروسية، أملا في اللقاء بالرئيس فلاديمير بوتين، وفي النهاية نفد صبر القائد العسكري وخرج غاضبا، وبعد ساعات غادر موسكو في طائرة خاصة متجها إلى العاصمة الأردنية، عمان".
ويشير الموقع إلى أنه "عندما دعا الرئيس الروسي الزعماء الليبيين المتنافسين لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار، يبدو أنه لم يضع في حساباته عناد حفتر البالغ من العمر 76 عاما، وعلاوة على ذلك فإن جرأته على توجيه هذه الإهانة لبوتين تظهر مدى عدم إمكانية التنبؤ بالاتجاه الذي ستأخذه الحرب الأهلية في ليبيا".
ويستدرك التقرير بأن "فورة المزاج هذه هي آخر الحركات المربكة قبل مؤتمر برلين المخطط له أن يعقد يوم الأحد في برلين، وكانت محاولة من إيطاليا الأسبوع الماضي لعقد لقاء بين حفتر ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأمم المتحدة فايز السراج، قد فشلت عندما قام الأخير بالإلغاء في آخر لحظة والعودة إلى ليبيا، فلا شيء يسير كما هو مخطط له على ما يبدو".
ويلفت الكتّاب إلى أن "حفتر، الذي يتخذ من شرق ليبيا مقرا له، بدأ آخر حرب في شهر نيسان/ أبريل بهجوم على العاصمة طرابلس، للإطاحة بالسراج، وهو الآن الشخص الذي يضع العقبات بعد أن وقع خصومه تحت الضغط التركي اتفاقية وقف إطلاق نار في موسكو، وقال حفتر إنه سيفكر في الأمر، لكن ذلك قبل أن تتبين إهانته لبوتين، ومغادرته المكان".
وينقل الموقع عن الخبير في الشأن الليبي في مجلس العلاقات الدولية الروسية الذي أسسه الكرملين، كيريل سيميونوف، قوله: "لن ينسى بوتين ذلك.. لقد فر حفتر عندما كان يتوقع منه أن يوقع على وثيقة، وهذا يعكس قلة احترام لمستضيفيه وصفعة لسمعة روسيا".
ويبين التقرير أن "خلفية هذا كله هو التدخل الروسي التركي في سوريا، ففي الوقت الذي كانا فيه لاعبين صغيرين مع بداية الاحتجاجات العربية قبل عقد، كان هناك تحول كبير في نفوذ كل من موسكو وأنقرة في المنطقة، ومع تراجع دور أمريكا وأوروبا الغربية أصبحا لاعبين رئيسيين في لعبة الشطرنج الجيوسياسية التي يتبادلان فيها دور الحلفاء والخصوم، وثمن اتفاقية سلام قد يكون إحياء عقود بمليارات الدولارات كان قد تم التخلي عنها في فوضى الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011".
ويفيد الكتّاب بأن انتكاسة الكرملين جاءت بعد أقل من أسبوع من تحرك بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإنهاء الصراع، مشيرين إلى قول المسؤولين الروس إنهم لا يزالون متفائلين بحذر بأن حفتر سيعود إلى الطاولة.
وينوه الموقع إلى أن القوتين وجدتا نفسيهما في وضع حرج بسبب المصالح المتضاربة في ليبيا، مثل إيطاليا وفرنسا وغيرهما من صناع السلام.
ويورد التقرير نقلا عن الدبلوماسيين العرب والغربيين الذين عملوا في ليبيا لسنوات، قولهم إنهم لم يفاجأوا، فكان حفتر قد بدأ معركة طرابلس خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، وقبيل بدء مفاوضات كان متفق عليها، و"السؤال هو هل يسمح بوتين وأردوغان له بفعل ذلك دون تداعيات؟".
ويشير الكتّاب إلى أن حفتر بدأ عدوانه بدعم من مصر والإمارات، اللتين رأتا فيه حليفا مزعجا، لكنه أفضل رهان لقائد قوي في البلد الشمال أفريقي الغني بالنفط، لافتين إلى أن الحرب الأهلية في ليبيا تحولت إلى حرب بالوكالة، حيث أرسلت روسيا مرتزقة يقاتلون مع حفتر، فيما تدعم تركيا حكومة السراج في طرابلس.
ويقول التقرير إنه لم يمر سوى وقت قصير قبل أن يتفق بوتين وأردوغان على صفقة لمصلحتيهما -كما فعلا في سوريا- ثم الضغط على وكلائهما للاتفاق على هدنة، بحسب ما قاله مسؤول روسي في بداية هذا العام لـ"بلومبيرغ".
ويلفت الكتّاب إلى أن تلك اللحظة جاءت في 8 كانون الثاني/ يناير، بعد أن هددت تركيا بالتدخل لدعم طرابلس بنشر قوات كبيرة، مشيرين إلى أن بوتين وأردوغان اجتمعا بعدها باثنين وسبعين ساعة في إسطنبول، وطالبا الجانبين بوقف إطلاق نار.
ويقول الموقع إنه لم يهتم أي من الطرفين قبل ذلك باستشارة الليبيين أو مصر أو الإمارات أو الأمم المتحدة، الذين كانوا يعملون على وقف إطلاق نار منذ نيسان/ أبريل، بحسب ما قاله المسؤولون المطلعون لـ"بلومبيرغ"، مشيرا إلى أن مسؤولا كبيرا في حكومة طرابلس استقل طائرة على وجه السرعة إلى إسطنبول لفهم ما حصل، بحسب مسؤولين ليبيين، ثم قام بوتين بالاتصال هاتفيا بزعيمي مصر والإمارات، اللتين تدعمان حفتر بالطائرات.
وبحسب التقرير، فإن مصر والإمارات لم تكونا موافقتين على الصفقة؛ لأنها تعطي تركيا الكثير من التنازلات، بحسب ما قال مسؤول.
وينقل الكتّاب عن مسؤول تركي مطلع على اجتماع موسكو، قوله إن وقف إطلاق النار يمكن تركيا وروسيا من التعاون في التنقيب عن النفط والغاز، بالإضافة إلى أنه سيحمي الاتفاقية البحرية التي حصلت عليها تركيا من حكومة طرابلس مقابل المساعدات العسكرية، بحسب ما قاله المسؤول، مشيرين إلى أن تلك الاتفاقية تختلف معها اليونان ودول أوروبية خشية تعدي تركيا وروسيا على مياه البحر الأبيض المتوسط.
ويقول الموقع: "في هذا كله يبدو أن روسيا قد تفوقت على أمريكا في صراع آخر في الشرق الأوسط، وكانت واشنطن ترسل بإشارات مختلطة للجانبين حتى وصل مئات المرتزقة الروس في أيلول/ سبتمبر للخطوط الأمامية لدعم حفتر، وبعد أسابيع قام الروس أو الليبيون الذين يديرون منظومة دفاع صاروخية بإسقاط طائرة أمريكية مسيرة لم يتم استرجاع حطامها بعد، وبدأت أمريكا بعد ذلك تدفع حفتر نحو وقف إطلاق نار؛ أملا في تحقيق صفقة سلام تخرج روسيا من ليبيا، بحسب ما قاله عدد من المسؤولين المطلعين على الاجتماع لـ(بلومبيرغ)".
ويورد التقرير نقلا عن شخص مطلع على المحادثات في موسكو، قوله إن ما جعل حفتر يتوقف عن التوقيع في موسكو هو خطة لوجود قوة تركية روسية مشتركة تفرض الهدنة، وفقرة في الاتفاقية تطلب منه سحب قواته من بعض المناطق المحيطة بطرابلس، وأضاف الشخص نفسه أن روسيا بالغت في تقدير إمكانياتها في التأثير على القائد العسكري الليبي.
وينقل الكتّاب عن وزير الخارجية سيرغي لافروف، قوله للمراسلين في الهند: "لسوء الحظ لم توقع الأطراف كلها على الوثيقة النهائية.. لكن لم نقل أبدا بأن المحادثات في موسكو هي اجتماع نهائي كان من شأنه أن يحل المشكلات كلها دون استثناء".
وينوه الموقع إلى أن أردوغان، الذي حصل على موافقة البرلمان لإرسال قوات تدخل كبيرة، رد على انسحاب حفتر بالتهديد بتعليمه "درسا"، فيما لم يستبعد مسؤول تركي أن تستخدم تركيا طائرات أف -16.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى أنه في الوقت ذاته فإن وزارة الدفاع الروسية لم تستسلم بعد، وقالت إن حفتر يحتاج المزيد من الوقت، وأضافت أنها تتوقع أن يرد بشكل إيجابي قبل قمة السلام في برلين، حيث قد تنتظر مفاجآت أخرى.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)