هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا للصحافي جوشوا متنك في تل أبيب، يقول فيه إن الرئيس دونالد ترامب كان يتحدث لسنوات عن التوسط في "صفقة القرن" بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن الآن مع بداية تسريب التفاصيل فإن الأمر يبدو على أنه هدية القرن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب أعلن يوم الثلاثاء أنه سيكشف عن الخطة لنتنياهو وزعيم المعارضة الإسرائيلية بيني غانتس في اجتماع في واشنطن هذا الأسبوع.
ويعلق متنك قائلا: "إن كانت إعادة القطار إلى السكة هي الهدف فإن التوقيت يبدو أقل من مثالي، فنتنياهو في خضم حملة انتخابية -الثالثة خلال أقل من عام- في الوقت الذي يخوض فيه حربا في وجه تهم بالفساد، كما يواجه ترامب تحديات خاصة به في مجلس الشيوخ الأمريكي، لكن بالنسبة لكثير من المحللين، يبدو إن ذلك هو المنطلق".
وتورد المجلة نقلا عن تقارير الصحف الإسرائيلية، قولها بأن الخطة ستسمح لإسرائيل بضم مساحات واسعة من الضفة الغربية المحتلة، وتضم معظم المستوطنات الإسرائيلية هناك، وتبقي السيطرة على معظم القدس الشرقية، مشيرة إلى أن نتنياهو صور ذلك بأنه عرض يمكن أن يحصل لمرة واحدة في الحياة، الذي لا يستطيع إلا هو أن يحصل عليه من أمريكا.
وينقل التقرير عن نتنياهو، قوله يوم الأحد: "اليوم أغادر إلى واشنطن للوقوف بجانب الرئيس الأمريكي الذي يأتي بخطة اعتقد أنها تدعم أهم مصالحنا.. وأنا وهو معا سنصنع تاريخا".
ويلفت الكاتب إلى أن نتنياهو بدا مستفيدا بشكل آخر أيضا، فرحلته تساعد على لفت الأنظار عن تصويت لجنة برلمانية في الكنيست المتوقع يوم الثلاثاء بخصوص طلب نتنياهو الحصانة من المحاكمة في ثلاث قضايا فساد، مشيرا إلى أن الزعيم الإسرائيلي يفضل أن يؤجل أي نقاش حتى بعد انتخابات 2 آذار/ مارس؛ آملا في الحصول على دعم الغالبية للحصانة.
وتورد المجلة نقلا عن رئيس تحرير صحيفة "جيروزاليم بوست" اليمينية، ياكوف كاتز، قوله: "رئيس وزراء يواجه مشكلات قانونية كبيرة في بلاده (يستفيد كثيرا من حصوله)، في لحظة مهمة، بطرح لخطة، بإمكانه أن يفتخر بالمساعدة على تشكيلها"، وأضاف: "يمكن أن ينظر إليها على أنها هدية له؛ لأنها يمكن أن تشكل إلهاء للناخبين الإسرائيليين وتلفت أنظارهم بعيدا عن التهم".
وينوه التقرير إلى أن الإعلام الإسرائيلي وصف عددا من التنازلات التي قال إنها موجودة في المبادرة، وكان هناك إجماع على أنها لصالح إسرائيل أكثر من أي مبادرة طرحت من الإدارات السابقة:
•فسيسمح لإسرائيل أن تضم 20% من الضفة الغربية، بحسب أخبار Ynet. وبعد أربع سنوات سيسمح للفلسطينيين بإنشاء دولة منزوعة السلاح في بقية الضفة الغربية، بشرط تحقق شروط قاسية، بما في ذلك تفكيك حركة حماس.
•وستحتفظ إسرائيل بمعظم المستوطنات الإسرائيلية بحسب Ynet والقناة 13.
•ولن تتنازل إسرائيل عن أي جزء من مدينة القدس القديمة وقليل من القدس الشرقية، التي يطالب بها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم، بحسب Ynet والقناة 13.
•لن يسمح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية ولا إلى إسرائيل، بحسب Ynet .
ويذكر متنك أن البيت الأبيض لم يعلق على هذه التسريبات، مشيرا إلى أنه قال إن ترامب سيلتقي نتنياهو وغانتس يوم الاثنين والثلاثاء.
وتفيد المجلة بأن إدارة ترامب لم تدع ممثلين عن فلسطين إلى واشنطن ليستمعوا إلى الخطة، وهي علامة أخرى على أن الحصول على صفقة ليس هو المحفز الأول لترامب، لافتة إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس غالبا ما كان سيرفض الدعوة، فقد اختلف مع ترامب بسبب قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وطرد السفير الفلسطيني من واشنطن، وقطع المعونات الأمريكية.
وينقل التقرير عن العضوة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، قولها: "ليس هناك شيء معروض علينا.. إن هذه شراكة لتدمير أي فرصة للسلام وتسليم إسرائيل قائمة بكل شيء كانت تريده".
ويقول الكاتب إنه بعد أكثر من عامين رهن التحضير جاءت خطة السلام نتيجة جولات دبلوماسية عديدة قام بها زوج ابنة وكبير مستشاري الرئيس ترامب، ومبعوث السلام الذي عينه ترامب العام الماضي، جيسون غرينبلات.
وتورد المجلة نقلا عن الخبير في الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر، الذي عمل مستشارا لستة وزراء خارجية، تغريده قائلا: "بناء على قراءات لخطة السلام المحابية بشكل كبير لنتنياهو، لا شك أن ترامب وكوشنر يديران حملة إعادة انتخاب نتنياهو".
وأضاف ميلر: "إن نشر الخطة (التي لا يربطها شيء سوى السياسة) قبل 6 أسابيع من ثالث انتخابات إسرائيلية خلال عام، ودون إعارة اهتمام للفلسطينيين يأخذ سوء التصرف الدبلوماسي إلى مستويات جديدة".
ويلفت التقرير إلى أن نتنياهو طلب أن تتضمن الدعوة غانتس حتى يبعد خصمه عن الكنيست خلال مناقشة الحصانة لنتنياهو، مشيرا إلى أنه لدى مواجهته خيار تضييع التصويت في الكنيست، أو إهدار الدعوة، فإن غانتس استطاع أن يقدم موعد الزيارة إلى يوم الاثنين، وقال إنه سيعود الثلاثاء لإسرائيل ليحضر التصويت.
ويفيد متنك بأن التقارير الإعلامية الإسرائيلية تشير إلى أن ترامب سيسمح لإسرائيل بضم وادي الأردن، الذي يطمع العسكريون الإسرائيليون بالسيطرة عليه لمنع غزو بري من الشرق، مشيرا إلى أن المعلقين الإسرائيليين كانوا يتنبؤون بقيام حكومة نتنياهو بالدفع بهذا الاتجاه قبل الانتخابات، تنفيذا لوعد تعهد به في حملة انتخابات سابقة، فيما توقع المحللون الإسرائيليون والفلسطينيون بأن ضما لوادي الأردن من جانب واحد سيثير الاضطرابات في الأراضي الفلسطينية.
وتنقل المجلة عن رئيس المركز الفكري للسياسات الخارجية (ميتفيم) نمرود غورين، قوله: "الخطة تتماشى مع خطاب نتنياهو حول ضم وادي الأردن وغيره"، مشيرا إلى أن تاريخ الاجتماع ودعوة غانتس "يؤديان إلى الافتراض بأنه تم تصميم هذا من أوله إلى آخره بصورة سياسية وانتخابية".
وينوه التقرير إلى أن إسرائيل أجرت انتخابات في نيسان/ أبريل 2019 كانت نتيجتها غير حاسمة، ما اضطرها لإجراء انتخابات ثانية في أيلول/ سبتمبر، التي لم تسفر أيضا عن رابح واضح، مشيرا إلى أن ترامب أعلن في الانتخابات الأولى أنه يعترف بضم إسرائيل للجولان، وهو مخالفة لسياسة أمريكية استمرت طويلا، ونظر إلى ذلك التحرك على أنه محاولة لتعزيز فرص نتنياهو ضد غانتس.
ويشير الكاتب إلى أنه عدا عن تعليق من رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز بأن عمان ترفض أي تغيير من جانب واحد للوضع الراهن للضفة الغربية، لم يكن هناك أي رد فعل رسمي من الحكومات العربية للتقارير حول الصفقة.
وتلفت المجلة إلى أن المبادرة تمتعت بشيء من القبول في المنطقة، ففي حزيران/ يونيو حضرت السعودية وحلفاء أمريكا في الخليج لمساعدة أمريكا في تسويق الخطة بحضور المؤتمر الاقتصادي في البحرين (بالرغم من عدم مشاركة الفلسطينيين).
ويورد التقرير نقلا عن المستشار الدبلوماسي في السفارة الأمريكية في إسرائيل خلال رئاسة أوباما سكوت لاسنسكي، قوله إن من العادي أن تكون السياسة الداخلية في كل من إسرائيل وأمريكا "العامل المخفي على أطراف الدبلوماسية في الشرق الأوسط".
ويفيد متنك بأن الرئيس بيل كلينتون نظم في آذار/ مارس 1996، قمة عربية إسرائيلية نظر إليها على أنها كانت محاولة لمساعدة رئيس الوزراء شيمون بيريز في حملته الانتخابية ضد نتنياهو، إلا أن بيريز خسر بفارق بسيط، مشيرا إلى أنه عندما واجه ريتشارد نيكسون تهديد المحاكمة عام 1974 قام بجولة على الدول العربية وإسرائيل لتشجيع التفاوض، وللفت الأنظار عن مشكلاته السياسية محليا.
وتستدرك المجلة بأن المبادرة الحالية تفتقر إلى أي زخم بالنسبة للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، التي بقيت في حالة جمود على مدى ست سنوات تقريبا.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى قول أستاذ العلوم في جامعة بار إيلان والخبير في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، جوناثون رينولد: "التوقيت لا علاقة له بالعملية السلمية، فالتوقيت هو لمساعدة ترامب وبيبي.. والعملية السلمية هي مجرد أداة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)