هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توافد منذ ظهر الإثنين، الآلاف من الأهالي والناشطين الليبيين على الميادين الرئيسية في عدة مدن للاحتفال بالذكرى التاسعة لثورة "17 شباط/فبراير" ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وسط شعارات ثورية وأغان ورفع أعلام الاستقلال.
"عربي21" رصدت الاحتفالات في عدة مدن واستطلعت آراء بعض المشاركين في الاحتفالات حول أهم الآمال والطموحات التي يتمنونها في ذكرى ثورتهم.
وشهدت أغلب المدن استعدادات متفاوتة للاحتفال بذكرى الثورة ضد "القذافي"، وكان للغرب الليبي خاصة مدينتي "مصراتة وطرابلس" النصيب الأكبر من الاحتفالات والاستعدادات، كون "مصراتة" تعد أكبر المدن التي تصدت للقذافي وكتائبه، وكون "طرابلس" هي العاصمة ورمز الدولة.
"العاصمة..تنتفض ثوريا"
استعدت العاصمة "طرابلس" منذ الأحد لتوافد الأهالي على ميدان "الشهداء" الشهير بالعاصمة، وقامت قوات من الداخلية بتأمين الميدان ومداخله بعدما قامت مجموعات أخرى بتعليق مئات الأعلام على الحوائط المحيطة بالميدان.
ومنذ صباح اليوم توافد المئات على الميدان استعدادا للاحتفال بذكرى الثورة والتي ستشمل عدة فقرات غنائية وكلمات لمسؤولين وناشطين وقيادات قبلية وحزبية مساء اليوم.
وقال خيري العائب، شاهد عيان ومشارك في الاحتفالات بميدان الشهداء بطرابلس، لـ"عربي21" إنه "منذ الصباح يتوافد الأهالي والعائلات يحملون علم الاستقلال ويرددون شعارات الثورة وأغانيها، ونحن الآن في قلب ميدان الشهداء النابض بالثورة، والتنظيم ممتاز جدا وكذلك التأمينات من قبل قوات الأمن".
وتابع: "مشاعر الفرحة واضحة جدا عند الكبير والصغير، والكل يعبر عن شعوره بطريقته والكل يهتف باسم ليبيا وفقط ويرفع راية الاستقلال".
الكاتب والسيناريست الليبي، سراج هويدي أكد أن "الاحتفالات هذا العام شهدت تفاعلا كبيرا لقطاع واسع من الليبيين وخروجهم بأعداد ضخمة للاحتفال بعيد الثورة، وهذا أكبر دليل على قوة هذه الثورة وعمق الاندماج الشعبي معها وهو ما يثير فعلا استغرابا كبيرا من المتابعين للشأن الليبي من خارج ليبيا فكيف لهذا الشعب أن يحتفل بثورته وهو يواجه مصاعب كبيرة نتيجة الاحتراب الداخلي خاصة من القوة المضادة لمدنية الدولة التي يقودها اللواء "حفتر" والذي يحاول منذ 10 اشهر السيطرة على العاصمة دون جدوى".
وأضاف هويدي، وهو أشهر سيناريست ليبي كتب عن الثورة، لـ"عربي21" أن "هذه الاحتفالات الضخمة في أغلب المدن الليبية رد واضح من الشعب الليبي مفاده أن ما يعيشه اليوم ليس نتاج الثورة التي كانت أهم ما نادت به العدالة والقانون ودولة المؤسسات بل مسؤول عنه قوى الثورة المضادة المدعومة من قوى إقليمية هدفها القضاء على الثورة الليبية وإعادة ليبيا إلى عصور الظلام والاستبداد"، وفق تعبيره.
"مصراتة..شعلة وخيم وحلوى"
ومن مدينة الصمود، كما يسميها ثوار ليبيا، مدينة "مصراتة" تزينت أغلب شوارعها الرئيسية بعلم الاستقلال (وهو الراية التي استبدلها الثوار بعلم القذافي الأخضر) والزينة وتوزيع الحلوى والشوكولاتة على المارة، كما أطلق شبابها شعلة الثورة كما يسمونها.
وقالت الصحفية من "مصراتة" والمشاركة في الاحتفالات، ودود الدويني لـ"عربي21" إن "أعلام الاستقلال والزينة موجودة في كل شوارع المدينة وأشهرها: شارع طرابلس، وشارع بنغازي، ومنطقة المقاوبة وقصر أحمد الغيران وزواية المحجوب واقزير وكرزاز وطمينة، وأن الكثير من أهالي المدينة تبرعوا بالأموال لشراء الأعلام والزينة والحلوى التي سيتم توزيعها على المحتفلين".
وأضافت من قلب المدينة: "كما نصب البعض خيما بالقرب من الميادين الرئيسية في المدينة لتجهيز الطعام والاستعداد للاحتفالات بتجهيز الحلوى والمشويات وكأنه يوم "عيد"، وتم بالفعل ذبح الكثير من الإبل والغنم لتوزيع وجبات ساخنة على كل المحتفلين، لأن "فبراير" بالنسبة لمصراتة عيد وعرس كبير يشارك فيه النساء والأطفال والرجال، حتى المتنزهات فتحت مجانا للاحتفال، ولا يوجد رجل واحد في بيته الآن"، كما روت لنا.
"الشرق.. احتفالات على خجل"
وشهدت بعض مدن الشرق الليبي احتفالات فردية على خجل، دون دعوة رسمية من قبل البرلمان المتواجد هناك لأية احتفالات.
وذكر عدة مواطنين من الشرق لـ"عربي21" أن "بعض السيارات فقط قامت بالتجول في شوارع بنغازي وطبرق رافعين علم الاستقلال ومرددين شعارات الثورة، ولم تشهد أية مدينة حتى الآن تجمعات كبرى منظمة ومؤمنة".
لكن وزير الدفاع الليبي السابق والمقيم في مدينة "بنغازي"، محمد البرغثي أكد أنه "لايوجد أحد في ليبيا كلها من يكره "17 فبراير" أو الاحتفاء بانتفاضة الشعب إلا المتضررين منها وهم معروفون، أما "بنغازي" وبعض مدن الشرق فهي مستعدة للاحتفال وتمت دعوتي لحضور احتفال في ساحة الحرية في بنغازي بذكرى الثورة".
وحول تعليقه عن موقف "حفتر" من الاحتفالات كونه لم يتحدث عنها وأنه قد يمنعها بالقوة مثلا، قال الوزير لـ"عربي21": "حفتر نفسه جاء من اللجوء في أميركا إلى ليبيا بفضل هذه الانتفاضة التي لحق بها بعد شهر من اندلاعها، لذا لا يستطيع منع الاحتفال بها، وبالرغم من الظروف التي تعيشها البلاد فلا يوجد كبح للحريات، والفوضى الآن هي نتاج تلك الفترة التي خلقت العداوات بين الليبيين كمجتمع قبلي (يقصد عهد القذافي)"، كما صرح.
السجين السياسي السابق خلال فترة الثورة والإعلامي من الشرق الليبي، عاطف الأطرش أكد أن "الزخم هذا العام بذكرى الثورة جاء بشكل أكبر حينما رأى الناس أن أنصار "القذافي" في خطاباتهم الموجهة لهم وآخرهم المدعو "بوزيد دوردة" لم تختلف كثيراً عن خطاب "صنمهم" القذافي، لذا نؤكد أن زمن الاستبداد ولى مهما حاولوا إعادته لنا على شكل فرد أو جماعة، فلن يعودوا كما كانوا، متوقعا خلال حديثه مع "عربي21" أن تشهد بعض مدن الشرق احتفالات بذكرى الثورة وإن لم تكن على مستوى عال".
ومن مقر البرلمان الليبي "طبرق" يحدثنا الأكاديمي الليبي، عماد خالد الهصك، قائلا: "رغم كل هذه الإخفاقات وتأخر بناء الدولة الليبية الحديثة المنشودة دولة القانون والمؤسسات، لكن الليبيين عامة وسكان مدينة طبرق خاصة مازالوا متشبثين بهذا الأمل، وأن أغلب من شارك في الثورة مازال يؤمن بحتميتها وأنها السبيل الوحيد لتغيير ذلك النظام البائس، الإيمان بالثورة مستمر، والنضال من أجل تحقيق غاياتها موجود في أذهان الناس إلى أن يتحقق كل ذلك على أرض الواقع.
وأكد لـ"عربي21" أن "أغلب الناس "البسطاء" في طبرق عازمون على الاحتفال رغم كل تلك المكدرات والإخفاقات على أمل أن يتحقق ما خرجوا من أجله في 17 شباط/ فبراير".
"الجنوب..احتفالات رغم المآسي"
وكان "الجنوب الليبي" في الموعد عندما خرج المئات من ثواره للاحتفال بذكرى الثورة متحدين الظروف الصعبة التي تمر بها مناطقهم ومتناسين بعض المطالب الفردية والمناطقية لهم، رافعين شعارات الثورة من كرامة وحرية ومجددين العهد للثورة ومطالبها، كما قال لنا بعضهم.
المدون والناشط السياسي من الجنوب الليبي، إسماعيل بازنكة قال لـ"عربي21": "شهد عدد من مدن الجنوب استعدادات واسعة للاحتفال بالذكرى التاسعة للثورة، وعلى رأس هذه المدن: مدينة مرزق عاصمة الجنوب التاريخية والتي ستظل وفية لثورة "فبراير" وستحتفل بها في جميع الظروف، وسنعمل جميعا على الحفاظ على جميع مكتسبات الثورة والسعي نحو بلوغ أهدافها".
وحول الوضع الآن والاستعدادات في الجنوب، قال: "اليوم تملأ الشوارع أعلام الاستقلال وترتفع راياتها على جميع المباني العالية، وتزدحم ساحتها بجمع غفير من شباب ونساء ورجال استعداد للاحتفالات الكبرى مساء اليوم"، وفق معلوماته.
ولم ترصد "عربي21" امتناعا رسميا من بعض المدن إلا أن ناشطين في مدينة "سرت"، التي سيطر عليها "حفتر" مؤخرا وهي مسقط ميلاد "القذافي" وأغلبهم مؤيدون له، أكدوا أنه لا توجد أية مظاهر للاحتفال في المدينة حتى الآن.
اقرأ أيضا: في ذكراها التاسعة.. ما زال الليبيون يحلمون بنجاح ثورتهم