هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا، يقول فيه إن خلافا حول ضريبة الطرق بقيمة 7 مليارات دولار، كان وراء الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، وبالتالي القضاء على رؤيته لماليزيا الجديدة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه في الأسابيع التي سبقت الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء، التي أدخلت ماليزيا في أزمة، كان رئيس الوزراء منفعلا، فقد عانى ائتلافه الحاكم من سلسلة من النكسات في انتخابات محلية، ما عرقل زخمه بعد فوزه التاريخي في عام 2018 ضد حكومة تقود البلاد منذ ستة عقود.
ويلفت الموقع إلى أن مهاتير كان راغبا بتحرك سريع يخفف من كلفة المعيشة اليومية، كجزء من أجندته "ماليزيا الجديدة"، التي دفعت به وبشكل مفاجئ إلى السلطة من جديد، مشيرا إلى أن مقترحاته لم تلق سوى مماحكات جديدة داخل الائتلاف، الذي يضم أربعة أحزاب تعاني من خلافات دينية وعرقية.
ويفيد التقرير بأن واحدا من هذه الخلافات كان حول ضريبة الطريق السريع، ففي كانون الثاني/ يناير وافق مهاتير على تسليم مجموعة "ماجو" إدارة الطرق السريعة من شركة "بلاس ماليزيا بي أتش دي"، التي تسيطر عليها وزارة المالية، وبناء على الصفقة التي قدرت قيمتها بـ 30 مليار رينغيت (7 مليارات دولار) كانت مجموعة "ماجو" ستلغي ضريبة الطرق السريعة مقابل حصولها على عقود مع الحكومة لصيانة الطرق، لكن شركاء مهاتير في الائتلاف احتجوا على الصفقة.
ويكشف الموقع عن أن أكبر حزب في الائتلاف، وهو حزب العمل الديمقراطي، عارض الاتفاق، وذلك بحسب شخص مطلع على الصفقة، مشيرا إلى أنه في النهاية تم رفض الاتفاقات مع "بلاس"، وأعادت تشكيل التنازلات من أجل تخفيض الأجور بدلا من إلغائها.
وينوه التقرير إلى أن الصفقة الفاشلة تكشف عن سلسلة من الخلافات التي أدت في النهاية للإطاحة بالائتلاف، وعن الفروق داخل حكومة مهاتير، التي تذهب أبعد من تسليمه السلطة لمنافسه منذ فترة طويلة أنور إبراهيم.
ويذكر الموقع أن تعيين محيي الدين ياسين، الذي يحظى بدعم الأحزاب التي خسرت انتخابات عام 2018، جاء بمثابة العودة إلى الأجندة التي تعمل لصالح أولويات الغالبية الملاوية.
ويشير التقرير إلى أن مهاتير، البالغ من العمر 94 عاما، لم يتخل عن جهوده، وأحيا التحالف مع حزب العمل الديمقراطي وأنور إبراهيم، وقال يوم الأحد إن لديه العدد الكافي للإطاحة بياسين من خلال تصويت بعدم الثقة عليه في جلسة البرلمان المقبل، والمقررة في التاسع من آذار/ مارس، ما يعني اضطرابات جديدة على الطريق.
ويقول الموقع إن الفوضى السياسية التي تعيشها ماليزيا تأتي في وقت سيئ، فالنمو الاقتصادي بطيء، ويواجه مخاطر جديدة مع انتشار فيروس كورونا، الذي عرقل حركة السفر العالمية، مشيرا إلى أن مؤشر الاقتصاد الماليزي الأسوأ أداء بين مؤشرات العالم منذ عام 2018، في وقت هبط فيه سعر الرينغيت إلى أدنى مستوياته منذ عامين.
ويلفت التقرير إلى أن الطريقة التي قادت إلى استقالة مهاتير جاءت من خلال روايات متعددة لمسؤولين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، فالخلافات التي أدت إلى انهيار حكومة مهاتير تتخمر منذ أشهر، وكان مهاتير يريد تعديل مجلس الوزراء منذ تشرين الثاني/ نوفمبر، لكن الطبيعة المتباينة للتحالف الذي يضم حزب العمل الديمقراطي المكون من أبناء الإثنية الصينية وحزبه المكون من القوميين الملايويين دفعه للتحرك بحذر، أو المخاطرة بتفكيك التحالف.
ويبين الموقع أنه في الوقت الذي عبر فيه مهاتير عن خيبة أمله من الوضع الاقتصادي، فإنه لم يكن قادرا إلا على عزل الوزراء التابعين لحزبه، وواحد من هؤلاء هو وزير التعليم ماسزلي مالك، عضو حزبه الملايوي "بيرساتو"، الذي تعرض لانتقادات لأنه دفع باتجاه نظام تعليمي إسلامي.
ويفيد التقرير بأن صفقة بلاس كانت مثالا، ففي الوقت الذي حاولت فيه مجموعات للحصول على الصفقة، إلا أن مجموعة "ماجو" كانت واثقة من الحصول على العرض، حتى أنها بدأت بالتحاور مع البنوك للحصول على تمويل، وحتى قبل إقرار الحكومة العطاء في 9 كانون الثاني/ يناير، إلا أن حزب العمل الديمقراطي عارضه نظرا لسجل مجموعة "ماجو" وعلاقتها مع مهاتير.
وينوه الموقع إلى أنه عندما انهارت الصفقة وصف مدير المجموعة أبو سهيد محمد القرار بـ"الأحمق"، وقال مهاتير إن الرأي الأخير جاء من أكبر المساهمين في "بلاس"، وهما خزانة "ناسيونال بي أتش دي" و"إيمبوليز بروفيندنت فاند"، وكلاهما هيئتان حكوميتان تديران أموالا عامة، مشيرا إلى أن مجموعة "ماجو" وأبو سهيد وحزب العمل الديمقراطي ووزير المالية السابق ليم غوان إنغ لم يردوا على تساؤلات من الموقع.
ويشير التقرير إلى أنه بسبب الخلافات، فإن الحكومة تعرضت للشلل في قضايا أخرى تتعلق بالسياسة، وضمت شركة الخطوط الجوية الماليزية التي تعاني من مشكلات، وكذلك أكبر شركة في العالم إنتاجا لزيت النخيل "أف جي في هولدينغز بي أتش دي"، لافتا إلى أن مهاتير عبر في 20 كانون الثاني/ يناير، وبشكل مفتوح، عن إحباطه، في لقاء مع الصحافيين، وحذر أعضاء حكومته من أنهم قد يخسرون الانتخابات إلا إذا تغيروا، وقال: "لا يزالون لا يدركون.. بدلا من ذلك فهم يتقاتلون بين أنفسهم، ويقسمون شعبهم وكلهم ضعفاء".
ويلفت الموقع إلى أنه مع زيادة التوتر داخل الحكومة فإن أسئلة طفت من جديد حول من سيخلف مهاتير، فقد أجل الأخير قراره تسليم السلطة لأنور إبراهيم، الذي تحدث علنا عن توقعات تسلمه السلطة في أيار/ مايو، وعليه وجد العديد من منافسي إبراهيم الفرصة للرد، ومنهم أزمين علي، الذي كان نائبا لرئيس حزب إبراهيم، وبدأ علي بعقد محادثات مع أعضاء في المعارضة داخل الحزب الحاكم سابقا "المنظمة الملايوية القومية المتحدة" (أومنو)، مشيرا إلى أن الحزب يضم رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق، الذي يواجه اتهامات ينفيها بغسيل الأموال واختلاس مليارات الدولارات من استثمارات حكومية.
ويذكر التقرير أنه بعد اجتماع للائتلاف في 21 شباط/ فبراير، اتفق مهاتير وقادة ائتلافه على بقائه في السلطة أثناء قمة التعاون الاقتصادي الآسيوي- الباسيفكي هذا العام، التي ستستضيفها ماليزيا، وقال إنه يحتفظ بحق قرار تخليه عن السلطة، ووافق إبراهيم على ضرورة تحليه بالصبر، وقال مهاتير: "هناك رأيان وفي النهاية -وأنا فخور بذلك- فإن الأمر يعود لي، وما أقوله فإنهم سيوافقون عليه".
ويستدرك الموقع بأن الأمور لم تكن تسير بشكل جيد، فقام علي بالتصرف نيابة عن مهاتير، وقال بدعوة النواب من أنحاء البلاد كلها إلى كوالالمبور من أجل تشكيل ائتلاف يستبعد إبراهيم، وذلك بحسب أشخاص على معرفة بالأمر، وحضر اللقاء، الذي عقد في 23 شباط/ فبراير، قادة من الائتلاف الحاكم والمعارضة، وكان من المتوقع الإعلان عن تشكيل الحكومة، فيما قابل بعض المشرعين الملك في ذلك اليوم، ولم يحضر مهاتير اللقاء، وقال مستشاره الإعلامي إنه لم يوافق على قرار علي التعاون مع "أومنو".
ويفيد التقرير بأنه بدلا من ذلك، فإن مهاتير ذهب في 24 شباط/ فبراير إلى الملك وقدم استقالته، وهو تحرك أنهى الحكومة، وتم تعيينه قائما بأعمال رئيس الحكومة، ما وضعه في موقع القيادة لتشكيل ائتلاف جديد، مشيرا إلى أن مهاتير أكد في تصريحاته العامة أنه يريد حكومة وحدة وطنية وغير حزبية، ما يعني حصوله على الحكومة التي ستستمع إليه، وقال إنه مستعد للتعاون مع أفراد في حزب "أومنو" وليس الحزب بشكل كامل؛ نظرا لارتباطه برزاق وتهم الفساد.
ويجد الموقع أن ميزانية الحوافز، التي بلغت 20 مليار ريغينت (4.7 مليار دولار)، التي أعلن عنها مهاتير في ذلك الأسبوع، عكست الخلافات داخل ائتلافه، إلا أن تكتيكات مهاتير ارتدت عليه سلبا، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي حظي فيه بدعم من الكثيرين داخل ائتلافه للعودة، إلا أن أسماء بديلة عنه بدأت بالظهور، بينهم أنور ومحيي الدين رئيس "بيرساتو".
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالقول إنه بعد هذه الفوضى كلها فإن مهاتير يجد نفسه مرة أخرى مع إبراهيم وحزب العمل الديمقراطي، لكن في المعارضة لا الحكومة، وفي الوقت ذاته يبدو ائتلاف محيي الدين متباين، ما يطرح أسئلة حول سياساته لو استطاع العبور من التصويت بعدم الثقة الذي يخطط له مهاتير، وتجنب انتخابات سريعة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)