في قرار مفاجئ، طلب
المبعوث الأممي إلى
ليبيا،
غسان سلامة من الأمين العام للأمم المتحدة إعفاءه من
مهامه لأسباب صحية، وسط تكهنات وتساؤلات حول دلالة توقيت الخطوة، وما إذا كان
الأمر إقالة أم استقالة فعليا.
وقال
"سلامة": "سعيت لعامين ونصف للم شمل الليبيين وكبح تدخل الخارج وصون
وحدة البلاد، وقد عقدت قمة برلين، وصدر القرار 2510، وانطلقت المسارات الثلاثة
للمفاوضات، والآن أقر بأن صحتي لم تعد تسمح بهذه الوتيرة من الإجهاد، لذا طلبت من
الأمين العام إعفائي من مهمتي"، وفق صفحته الرسمية في موقع
"تويتر".
وتواصلت
"عربي21" فور تغريدة "سلامة" مع المتحدث الإعلامي للبعثة
الأممية في ليبيا، جان العلم للتعليق على هذه الخطوة وأسبابها، لكنه لم يتجاوب مع
الطلب ورفض التعليق.
وتواردت أنباء فور
انتشار الخبر بأن ما حدث هو "إقالة" لسلامة من قبل الأمين العام، بعد فشل
مفاوضات "جنيف".
"إقالة
وستيفاني البديل"
عضو مجلس الدولة
الليبي، إبراهيم صهد رأى أن سلامة "تمت إقالته أو طُلب منه الاستقالة، ومن
المتوقع أن تقوم نائبته الأمريكية ستيفاني ويلياميز بتسيير الأمور حتى يتم اختيار
بديل عنه، خاصة أن المبعوث الأممي قد وقع في عدة سقطات وآخرها تصريحه بمعلومات غير
صحيحة بأن هناك تقدما في المحادثات العسكرية الليبية في "جنيف" وهو ما
ثبت عدم مصداقيته بعد ذلك".
وفي تصريحات
لـ"عربي21" أشار إلى أنه "في الفترة الأخيرة عمل على شخصنة الأمور
ودفع بنفسه أن يكون طرفا في مواجهة قرارات ورؤى الأطراف الليبية التي تعقد
اجتماعاتها في جنيف، ولم يجر حوارا مع جميع الأطراف خاصة المعترضة على حضور
الاجتماعات، لذلك فقد صفات الدبلوماسي والمندوب الأممي"، حسب كلامه.
وتابع: "والحقيقة
تجربة ليبيا مع المبعوثين الأممين لم تكن جيدة ولا تدعو إلى التفاؤل، ومنها مرحلة
سلامة، لذا الأهم الآن أن يبحث الليبيون أنفسهم عن المشتركات والحلول لإخراج
البلاد من أزمتها"، وفق تقديره.
"حفتر
هو الخاسر"
من جانبه، أوضح الضابط
الليبي ومساعد الحاكم العسكري في شرق البلاد سابقا، عقيد سعيد الفارسي أن
"المبعوث الأممي سلامة لم ينجح في تنفيذ مطالب الدول الداعمة لحفتر، والمؤيدة
للعدوان على العاصمة طرابلس، لذا تمت إقالته ولم يقدم هو استقالته".
وحول الطرف الليبي
الخاسر من استقالة سلامة، قال الفارسي لـ"عربي21": "من المؤكد أن حفتر
هو أكبر الخاسرين من غياب المبعوث الأممي اللبناني، أما بخصوص تداعيات الخطوة فإنه
سيترتب عليها استمرار الحرب وبقوة حتى يتدخل المجتمع الدولي تدخلا مباشرا"،
وفق تصوره
فشل مفاوضات
"جنيف"
لكن أستاذ العلوم
السياسية بجامعة "سكاريا" التركية، خيري عمر أشار إلى أن "دلالة
توقيت القرار تتلخص في أن المحادثات الليبية في "جنيف" وصلت إلى طريق
مسدود وأنها لن تنجح بسبب توجس الأطراف الليبية وعدم صلابتها في اتخاذ قرارتها
ودخول أطراف خارجية في الملف الليبي".
وأكد خلال تصريحه
لـ"عربي21" أن وضع سلامة في البعثة الأممية كان مهمشا لصالح نائبته ستيفاني،
ورغم ذلك تلقى هو الهجوم والضغوطات الإعلامية كونه كان في الصورة، وللعلم فإن
الرجل تم التمديد له في سبتمبر الماضي وهو في الثلث الأول من مهمته لذا توقع
إقالته ليس واردة".
وفي تعليقه على
تداعيات الاستقالة، رأى "عمر" أنه: "في حال تم قبول الاستقالة سيتم
تعيين بديل عنه بسهولة، لكن في حين رفض الاستقالة ستدخل المفاوضات الليبية في حالة
شلل تام"، وبشأن الخاسر والفائز من القرار فإن "مواقف من يخسر ومن يكسب
كانت تتوقف على تطور الأحداث في ليبيا، فالطرف الذي أوشك على تحقيق إنجازات سيرى
أن استقالة سلامة خسارة له بعكس الآخر"، كما صرح.
الباحث الليبي ورئيس
منظمة الديمقراطية وحقوق الإنسان ومقرها "واشنطن"، عماد الدين المنتصر
أوضح أن "غسان سلامة واجه انتقادات شعبية حادة ومطالب بإقالته خاصة بعد
استمراره في التستر على جرائم حفتر والدول الداعمة لعدوانه على طرابلس، وكذلك
للاتهامات التي وجهتها منظمتنا لهذا الشخص بوجود علاقات مالية ورسمية بينه وبين
حكام دولة الإمارات"، بحسب معلوماته.
واستدرك قائلا
لـ"عربي21": "لذا قرار الاستقالة لابد أن يكون تم بالتنسيق مع الإمارات
التي ولا شك ستدفع بمبعوث جديد يشغل هذا المنصب، أما الطرف الليبي الخاسر من ذلك
فهم مجموعة الساسة سواء في الغرب أو الشرق الذين توصلوا إلى تفاهمات شخصية مع
سلامة بالنسبة لدورهم في الحكومة الليبية المرتقبة، وعليهم الآن ترتيب أوراقهم
استعدادا للتعامل مع المبعوث الجديد"، كما صرح.