هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، تحت عنوان "المقامرة الروسية في سوريا وتعرضها للخطر"، تقول فيه إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هدد بتصعيد الأعمال القتالية قبل لقائه في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الضربات التركية للقوات السورية في إدلب تقوم بامتحان علاقات أنقرة مع موسكو، في وقت رفع فيه كلا الطرفين من مستوى المواجهة في المرحلة الجديدة من الحرب الأهلية.
وتلفت الصحيفة إلى أنه في محاولة للانتقام لقتل 33 من جنوده، فإن أردوغان قام في الأيام الثلاثة الأخيرة بقصف أهداف تابعة للنظام السوري في المحافظة، محذرا من أن إسقاط مقاتلتين عسكريتين وقتل أكثر من 100 جندي موال للنظام السوري، ما هما إلا "البداية".
ويجد التقرير أن التوتر المتصاعد يعري المخاطر التي حملتها منذ البداية المقامرة الروسية في سوريا، والسماح لبشار الأسد بمواجهة الرئيس رجب طيب أردوغان للسيطرة على محافظة إدلب، التي تمثل آخر المعاقل التي لا تزال في يد المعارضة السورية، مشيرا إلى أن هذه المواجهة تركت بوتين عالقا بين زعيمين سمحا له بالدخول إلى الشرق الأوسط وتعزيز تأثيره فيه.
وتعلق الصحيفة قائلة إن تهديدات الرئيس التركي تحمل مخاطر حرب شاملة، في وقت يحضر فيه للقاء بوتين في موسكو الخميس المقبل، لافتة إلى أن القائدين سيحاولان البحث عن حل لمواجهة مستمرة منذ عام، ما ترك البلدين أمام مواجهة مباشرة.
وينقل التقرير عن بويرى ديمتري ترنين، من وقفية كارنيغي للسلام العالمي في موسكو، قوله: "تخشى موسكو من تحول المواجهات السورية التركية إلى حرب حقيقية، وتجعل الضحايا من الطرفين هذه الحرب وشيكة"، وأضاف أن" روسيا ستحاول التوصل إلى نوع من وقف إطلاق النار لئلا تجر إلى الحرب، لكنها ستحاول الضغط على أردوغان للتنازل ميدانيا".
وتفيد الصحيفة بأن بوتين وأردوغان توصلا في عام 2018 لاتفاق منع هجوم سوري شامل على إدلب القريبة من الحدود التركية، لكن الاتفاق تم تمزيقه العام الماضي، وتبادل الطرفان الاتهامات حول خرق شروطه، مشيرة إلى أن المواجهات تكثفت في الأسابيع الأخيرة، حيث قتل أكثر من 50 جنديا وعسكريا تركيا في الغارات التي شنها النظام المدعوم من روسيا.
ويورد التقرير نقلا عن موسكو، قولها إن نظام الأسد يشن حربا ضد إرهابيين تدعمهم أنقرة، إلا أن الأخيرة تجنبت تحميل روسيا اللوم بشكل مباشر وركزت على دمشق، وقال أردوغان يوم الاثنين: "لقد قلنا إننا سننتقم لشهدائنا"، لكنه قال إنه يسعى لوقف إطلاق نار، "فمن خلال تدمير طائراته فنحن نجعله يدفع ثمنا باهظا".
وتذكر الصحيفة أن صحيفة "الوطن" الموالية للحكومة السورية اعتبرت أن تركيا "أعلنت الحرب على سوريا"، مشيرة إلى أن عملية "درع الربيع" هي العملية الرابعة لتركيا في سوريا، لكنها الأولى التي يتم فيها استهداف الأسد مباشرة، ما أطلق العنان لثاني أكبر جيش في حلف الناتو ضد الجيش السوري الذي أضعفته سنوات الحرب الأهلية.
وينقل التقرير عن مدير مركز التحليل الاستراتيجي والتكنولوجي في موسكو، رسلان بوخوف، قوله: "من المنطقي ألا تستطيع روسيا دفع التداعيات السلبية من أردوغان وللأبد، وحقيقة استمرار (العلاقة) طويلا مثيرة للدهشة".
وتنوه الصحيفة إلى أن الكرملين رفض التعليق يوم الاثنين على العملية التركية، لكنه أكد دعمه للعملية السورية، وكرر ما قالته وزارة الدفاع الروسية، بأن موسكو "لا تضمن سلامة الطيران التركي في الأجواء السورية"، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: "موقفنا متناسق ولم يتزحزح.. ندعم وحدة الأراضي السورية، وندعم النية السورية لمواصلة قتال الإرهابيين والجماعات الإرهابية".
ويورد التقرير نقلا عن ترنين، قوله إن بيان وزارة الدفاع الروسية يعد تهديدا "غير مباشر" لتركيا، "فليس من الواضح فيما إن قامت روسيا بإسقاط طائرات تركية فوق سوريا، وفحص هذا سيكون تهورا، إلا أن ذلك لا يعني عدم حدوث هذا".
وتقول الصحيفة إنه في إشارة إلى أن التهديد قد نجح، فإن محللين لاحظوا أن وتيرة الطائرات التركية المسيرة قد خفت بعد هجوم استمر 72 ساعة، ما يشير إلى أن الكرملين لديه القدرة على تخفيض التوتر.
وينقل التقرير عن مدير المركز البحثي في إسطنبول "إدام"، سنان أولجين، قوله إن موسكو سمحت لأردوغان بضرب أهداف للنظام السوري عدة أيام لتخفيف حدة الغضب الشعبي، وأظهرت له في الوقت ذاته أن طموحاته في إدلب مرتبطة بالموافقة الروسية.
ويرى أولجين أن "تعريض الجنود الأتراك في إدلب للخطر يعني ذهاب أردوغان إلى موسكو بيد ضعيفة، وسيطلب منه بوتين القبول بمكاسب النظام، والرضا بمحور ضيق من التأثير، لو رفض فما هو الخيار؟ (العودة إلى الخيار العسكري الخطير؟)".
وتورد الصحيفة نقلا عن مدير مركز الدراسات الأمنية في أنقرة "سيتا" والقريب من الحكومة التركية، مراد يسلتاش، قوله إن تركيا قد ترفض لو لم يتم الاتفاق بين الطرفين، "فقد فتح صندوق باندورا (المتاعب) فيما يتعلق بالمواجهة العسكرية بين تركيا والنظام".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول بوخوف: "لا مجال لتخلي أردوغان عن كل شيء في إدلب فقط لأن فلاديمير بوتين يريد منه هذا.. هل هناك إمكانية لتسوية؟ نعم، لكنها ستكون تنازلا مؤقتا، ولن يتم حل المشكلة كلها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)