هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلها باتريك كنغزلي، يقول فيه إنه عدما فاز اليمين الإسرائيلي بهامش صغير في الانتخابات العامة يوم الاثنين، "امتعض يوسف جبارين، لكنه ابتسم أيضا".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تكتل بنيامين نتنياهو اليميني كسب المقاعد جزئيا بسبب سياسته المتشددة التي همشت العرب الإسرائيليين، وأعاقت صفقة سلام مع الفلسطينيين.
ويفيد كنغزلي بأنه كذلك حصل مع القائمة المشتركة التي يشارك فيها جبارين، وهي تحالف من الأحزاب العربية، فحصلت القائمة على أفضل نتائج انتخابات على الإطلاق، مشيرا إلى أنه سيكون للقائمة المشتركة 15 مقعدا على الأقل في البرلمان، وهو رقم قياسي لكتلة بقيادة عربية في إسرائيل، وهذا جعلها ثالث أكبر كتلة في البرلمان، وحرم نتنياهو من تحقيق أغلبية برلمانية تامة.
وتنقل الصحيفة عن جبارين، قوله في مقابلة معه في بلدته أم الفحم: "المشاعر مختلطة، سرور وافتخار بالنتيجة التي حققها المجتمع العربي وخيبة أمل من النتيجة العامة.. لقد نجح نتنياهو، بالرغم من تحريضه العنصري كله، في الحصول على المزيد من النفوذ".
ويجد التقرير أنه مع أن النتيجتين تبدوان ابتداء غير متوقعتين، إلا أنهما مرتبطتان بعضهما مع بعض، مشيرا إلى أن نتنياهو زاد قاعدته من خلال تمرير قوانين تنفر المواطنين العرب، والسعي وراء خطط للشرق الأوسط -مثل "صفقة القرن" للرئيس ترامب- التي سيتم بموجبها ضم مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية.
ويستدرك الكاتب بأن تلك الأفعال هي التي دفعت الناخبين العرب الإسرائيليين، الذين كانوا غير مبالين سابقا، ليدلوا بأصواتهم، ومن ناحية عملية، فإنه في ضوء ما حققه العرب من مكاسب في صندوق الاقتراع، فإن القليل سيتغير بالنسبة للعرب الإسرائيليين في بلد يتحرك بانتظام نحو اليمين، مشيرا إلى أن المكاسب سلاح ذو حدين، وتجعل اليمين الإسرائيلي أقوى.
وتلفت الصحيفة إلى أن هناك حوالي اثنين من كل خمسة إسرائيليين من الإثنية العربية، لكن تاريخيا شارك أقل من نصفهم في الانتخابات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن ذلك تغير بشكل واضح يوم الاثنين، فقام ما يقدر بـ64.7% من العرب الإسرائيليين بالتصويت في ثالث انتخابات عامة في أقل من عام، وكانت هذه النسبة 59.2% في انتخابات أيلول/ سبتمبر، و49.2% في انتخابات نيسان/ أبريل.
وينوه التقرير إلى أن أكبر زيادة في التصويت حصلت في بلدة جبارين، حيث ارتفعت المشاركة 18 نقطة، أو حوالي 5000 ناخب، كلهم تقريبا صوتوا لصالح القائمة المشتركة.
ويورد كنغزلي نقلا عن هند مارني شرقاوي، وهي عاملة اجتماعية من البلدة يبلغ عمرها 34 عاما، قولها: "كانت حملة نتنياهو عنصرية بشكل كبير.. وهذا ما دفعنا للذهاب للتصويت".
وتقول الصحيفة إن الغضب كان واضحا بالذات في أم الفحم، فبحسب الخطة التي يدعمها ترامب ونتنياهو، هي إحدى البلدات العربية التي سيتم "التنازل" عنها للدولة الفلسطينية المستقبلية، لكن مهما كانت رغبة سكان البلدة في قيام دولة فلسطينية مستقلة، فإنهم لا يصدقون أن الصفقة ستقيم دولة تستحق حمل الاسم.
وينقل التقرير عن عماد غول، وهو عامل بناء يبلغ من العمر 45 عاما من أم الفحم، قوله: "كان المحفز على مشاركة عدد كبير في التصويت هو إسقاط نتنياهو، مهندس الصفقة".
ويبين الكاتب أنه يمكن إرجاع التقدم الذي حققته القائمة المشتركة جزئيا لجاذبية زعيمها، أيمن عودة، وهو محام يتمتع بشخصية جذابة، وتميز ببلاغته وسهولة الوصول له، وهو ما يميزه عن الأوتوقراط في الضفة الغربية والإسلاميين الراديكاليين في غزة، لافتا إلى أن عودة وحد أيديولوجيات مختلفة داخل التحالف، التي تتراوح بين العلمانية اليسارية إلى الإسلامية المحافظة.
وتشير الصحيفة إلى أن الشرقاوي تعتقد أن المزيد من النساء قمن بتأييد القائمة الموحدة هذه المرة، بسبب مضاعفة عدد المرشحات إلى أربع، بالإضافة إلى أنه كانت هناك براعة في التحشيد على مستوى الشارع.
ويفيد التقرير بأن منسقي القائمة المشتركة في بعض المناطق قاموا بحملات تشجع الناس على الخروج للتصويت، وركزوا على النساء، وشغلوا سائقات يقمن بنقل النساء إلى محطات الاقتراع، بحسب أحمد غزاوي، وهو ناشط عمل مع القائمة المشتركة ونسق الحملة في قلنسوة، وهي بلدة غالبيتها من العرب.
ويستدرك كنغزلي بأنه كانت هناك نسبة جيدة من الدعم للقائمة من ناخبين يهود، ويعتقد المستطلعون الذين عملوا مع القائمة بأن حوالي 20 ألف مدني يهودي صوتوا للقائمة، وهو ضعف الرقم في أيلول/ سبتمبر، وربما كان هذا سببا في الفرق بين الحصول على 14 مقعدا و15 مقعدا، و"ذلك أيضا بشكل جزئي ينسب إلى عودة".
وتورد الصحيفة نقلا عن أستاذ في جامعة بروكلين يدرس القائمة الموحدة، لويس فيشمان، قوله، "إنه حقا فتح الباب"، ويعكس هذا أيضا بشكل جزئي حال الأحزاب اليسارية اليهودية التي تراجع تأثيرها وشعبيتها لميل اليهود الإسرائيليين إلى اليمين، وأضاف فيشمان: "نحن في الواقع على نقطة تحول بالنسبة لليسار الإسرائيلي... وأصبح الآن بإمكان اليسار أن يتقدم فقط من خلال التضامن العربي الإسرائيلي".
ويلفت التقرير إلى أن السياسات المتشددة لحزب الوسط الرئيسي في إسرائيل (أزرق وأبيض)، قد تكون جذبت بعض الناخبين اليهود للقائمة الموحدة، بالإضافة إلى تحريك الناخبين العرب.
وينوه الكاتب إلى أن رئيس الأركان السابق بيني غانتس، الذي يتزعم حزب أزرق وأبيض، انحاز ليكسب ناخبين من قاعدة نتنياهو، وأيد بشكل عام خطة ترامب للسلام، إلا أن ذلك قد يكون نفر أولئك الذين كانوا يرغبون برؤية فرق واضح بين أزرق أبيض والليكود.
وتنقل الصحيفة عن جلعاد هالبيرن، وهو مذيع راديو صوت للقائمة المشتركة، قوله: "مثل الجمهوريين الأمريكيين الذين يرفضون ترامب، فإن أزرق وأبيض هم ليكود يرفضون بيبي".
ويبين التقرير أن الفوز الذي حققته القائمة المشتركة قد يعطي دورا للنواب العرب على المسرح القومي: فغانتس لا يستطيع تشكيل ائتلاف يطيح بنتنياهو، إلا إذا تحالف مع النواب العرب.
ويشير كنغزلي إلى أنه لمنع غانتس من محاولة العمل مع القائمة المشتركة، فإن نتنياهو قال يوم الأربعاء، إن أي ائتلاف يتضمن العرب سيكون مفتقرا للشرعية، وأضاف: "العرب ليسوا جزءا من هذه المعادلة، وهذه هي إرادة الشعب".
وتفيد الصحيفة بأن نتنياهو وصف القائمة المشتركة أيضا بأنهم: "مؤيدو الإرهاب"، حيث قام عدة نواب من القائمة المشتركة بالالتقاء بفلسطينيين محكومين بتهم قتل مدنيين إسرائيليين أو عبروا عن دعمهم، مشيرة إلى أن نواب القائمة المشتركة ليسوا متأكدين إن كانوا سينضمون لأي كتلة رسمية ضد نتنياهو.
ويورد التقرير نقلا عن جبارين، من أم الفحم، قوله: "التخلص من نتنياهو لا يأتي بأي ثمن"، وأضاف أنه إن لم يتراجع غانتس عن المواقف اليمينية التي تبناها خلال الحملة، "فسوف يكون التعاون شبه مستحيل".
وينقل الكاتب عن فيشمان، قوله إنه على المدى الطويل، سيكون التحدي أمام القائمة المشتركة هو جذب المزيد من الناخبين اليهود، في الوقت الذي تحافظ فيه على تشكيلتها من مختلف الأحزاب العربية.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول فيشمان: "سؤالي هو: هل ستكون هذه ظاهرة تقوم على عمل أيمن عودة؟ أم إنها ستكون تحولا حقيقيا، حزبا جديدا لليسار الإسرائيلي؟".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)